كابول - أ ف ب - تمرّ طائرة ورقية بيضاء تحت منافِستها الخضراء والليلكية والبرتقالية، فتقطع الخيط الذي يربطها بصاحبها... يتأفف الشاب العشريني كايوم خان، بينما تعلو شفتيه ابتسامة عريضة. فقد خسر مجدداً مباراة الطائرات الورقية على أرض كابول. وإلى جانبه، يمارس مئات الرجال والأطفال هوايتهم المفضلة أمام عيون أمهاتهم أو شقيقاتهم. ففي اليوم الثاني من عيد النوروز، وهو عيد رأس السنة في أفغانستان، ينسى الجميع في فترة ما بعد الظهر المشاكل اليومية التي تتخبط فيها بلادهم من خلال ممارسة هذه الهواية التي حظرتها حركة طالبان أيام حكمها (1996-2001). قبل ليلتين، شعر كثيرون بالخوف عندما دوّت انفجارات قوية في العاصمة. ودبّ الذعر على شبكات التواصل الاجتماعية التي توقع مستخدموها نشوب نزاعات مدينية، بينما تأهب عناصر الأمن العاملون في المؤسسات الخاصة بأسلحتهم. لكن الأصوات كانت ناجمة عن ألعاب نارية أطلقت لإعلان حلول سنة جديدة! وفق التقويم الفارسي المعتمد في أفغانستان، دخلت البلاد في العام 1391. وبالتالي، توافدت الحشود إلى قمة تلة نادرخان في وسط المدينة بعد ظهر أول من أمس، وأطلقت مجموعة من الطائرات الورقية في السماء الزرقاء. «في كل عيد رأس سنة، نقيم مباريات في الطائرات الورقية. الطائرة الورقية هي ثقافتنا وكل الأفغان يحبونها. ويتعلم الأطفال صنعها منذ الصغر»، يقول المترجم الفوري هارست كالق (20 سنة) بينما يحيط به أفراد عائلته. وفيما يطلق الأطفال الصغار طائرات ورقية صغيرة تبدو كأنها مصنوعة من أكياس بلاستيكية، يستعمل المراهقون والراشدون أقمشة أكبر. ويشرح كالق قائلاً: «نحتاج إلى خيط بريطاني حاد للتمكن من قطع خيط الخصم»، مضيفاً أن «الخيط الباكستاني عديم القيمة». سواء كان الخيط باكستانياً أم بريطانياً، يلفّ معظم المشتركين سباباتهم بشريط لاصق كي لا يجرحوها. قبل عقود، كان المتنافسون يضعون على الخيط غراء وزجاجاً مسحوقاً، كما يخبر الكاتب خالد حسيني في روايته «ذي كايت رانر» (عداء الطائرة الورقية) التي صوّرت في فيلم سينمائي. ويقول هارست كالق إنه لا داعي لشراء مواد بقيمة ألفي أفغاني (30 يورو)، كما يفعل البعض. فهو وصديقه كايوم خان يشتريان طائرات ورقية من باعة متجولين صغار. ويستهلك البعض عشرين طائرة في اليوم، علماً أن ثمن الطائرة الواحدة يراوح بين 20 و50 أفغاني (بين 30 و80 سنتاً من اليورو). ويأمل البائع أحمد زيال (15 سنة) جني ألفي أفغاني (15 يورو)، قائلاً: «أحضرت مئة قطعة مصنوعة في كابول. سأبيع ستين أو سبعين قطعة منها قبل حلول الليل». وخلفه، يقف أطفال بملابس بالية يحملون قضباناً خشبية كبيرة معقوفة الرأس ويتدافعون لالتقاط طائرات المهزومين بينما تحط ببطء على الأرض. ثم يبيعون غنائمهم مقابل القليل من المال. في روايته، كتب خالد حسيني «الأفغان شعب مستقل يحب التقاليد، لكنه يمقت القوانين. وينطبق الأمر نفسه على الطائرات الورقية. فالقواعد بسيطة: ما من قواعد معينة. أطلقوا طائراتكم الورقية في الهواء واقطعوا خيوط خصومكم، حظاً سعيداً».