في خطوة ترسل إشارة قوية بوقوف المجتمع الدولي خلف مهمة مبعوث الاممالمتحدة والجامعة العربية إلى سورية كوفي انان، دعمت روسيا والصين، ضمن إجماع وحد مواقف كامل أعضاء مجلس الأمن أمس، بيانا رئاسيا يطالب «الحكومة السورية بالوقف الفوري لتحركات الجنود نحو المراكز السكنية وإنهاء استخدام الأسلحة الثقيلة فيها والشروع في سحب الحشود العسكرية من المراكز السكنية وحولها». وجاء صدور البيان الرئاسي فيما واصل الجيش السوري قصف احياء حمص، خاصة الخالدية والقصور والبياضة المجاورين وحي باب هود في حمص القديمة. وحذر ناشطون من «مذبحة جديدة» في حمص كون آلاف النازحين من حي بابا عمرو ومن احياء منكوبة اخرى، مثل كرم الزيتون والرفاعي وعشيرة والعدوية وباب السباع والجندلي وباب الدريب موجودين في الخالدية ومحيطها. ودعا البيان الرئاسي دمشق الى العمل مع أنان «من أجل أن تقوم جميع الأطراف بالوقف المستمر للعنف المسلح بجميع أشكاله تحت الإشراف الفعلي لآلية تابعة للأمم المتحدة»، على أن يسعى المبعوث الى «الحصول على التزامات مماثلة من المعارضة وجميع العناصر ذات الصلة لوقف القتال والعمل معه»، لوقف العنف تحت الإشراف الدولي. ووافقت روسيا والصين للمرة الاولى على لغة تحذير للحكومة السورية إذا لم تنفذ النقاط الست التي قدمها إليها أنان أساساً للحل، انطلقت من مطالبة السلطات السورية القبول بعملية سياسية انتقالية يقودها السوريون «نحو نظام سياسي ديموقراطي تعددي»، وذلك بطرق منها «التزام تعيين محاور تخول إليه كل الصلاحيات عندما يدعوه المبعوث المشترك الى القيام بذلك». وبحسب البيان «ينظر مجلس الأمن في اتخاذ تدابير أخرى» في ضوء التقارير التي سيقدمها اليه المبعوث المشترك في الوقت المناسب. ورحب أنان بالبيان الذي تلاه رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي سفير بريطانيا مارك ليال غرانت. وقال أنان إن البيان «مشجع جداً» له، إذ ينطوي على «دعم مجلس الأمن ويحض السلطات السورية على التجاوب» مع جهود تنفيذ النقاط الست. وقال الناطق باسم أنان أحمد فوزي إن البيان الرئاسي «مهم للغاية لأنه يظهر وحدة مجلس الأمن وراء كوفي أنان، وهو في حاجة الى هذه الوحدة لتقوية يده في مفاوضاته مع السلطات السورية». وعزز مجلس الأمن موقع أنان بصفته مبعوثاً مشتركاً لكل من الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي عينه وعلى «قرارات جامعة الدول العربية ذات الصلة». ومعروف أن تلك القرارات تضمنت عملية سياسية انتقالية من الحكومة السورية الى نظام تعددي بديل. وأيد مجلس الأمن عبر بيانه «تأييداً تاماً» اقتراح النقاط الست الأولى التي قدمها أنان الى السلطات السورية، كما أوجزه أمام مجلس الأمن الجمعة الماضي. وأدرج النقاط الست بالتفصيل. وأكد السفير الروسي فيتالي تشوركين «سندعم أي نتيجة تفضي إليها العملية السياسية» في سورية بموجب خطة أنان. واعتبر أن مجلس الأمن «توصل أخيراً الى تبني رؤية براغماتية للوضع في سورية وعلينا أن نترك للسوريين قيادة العملية السياسية». وتوقع أن يقدم أنان اقتراحات إضافية «أثناء مهمته التي هي مسار متواصل»، مشدداً على ضرورة أن «تنخرط المعارضة خصوصاً المسلحة في تطبيق خطة أنان واقتراحاته»، لكنه اضاف: «لست على علم أنها تفعل ذلك». وحول هذه النقطة قال فوزي رداً على سؤال ل»الحياة» إن «الحوار مطروح مع الكل وأنان يعمل على وقع الزمن الذي يرتأيه». وأضاف «أننا نعلم أهمية كل دقيقة تمر وثِقوا جيداً أن أنان يتواصل مع جميع الأطراف». وقال رئيس مجلس الأمن إن «أنان طلب دعم المجلس وها هو المجلس يعبر عن الدعم الكامل له». وأضاف أن «بيان المجلس هو رسالة قوية الى الحكومة السورية وكل الأطراف في سورية بأن عليهم أن يستجيبوا الى خطة النقاط الست التي يأخذ المجلس في شأنها موقفاً موحداً». وشدد سفير المغرب العضو العربي في مجلس الأمن محمد لوليشكي على أن أنان يعمل بصفته مبعوثاً مشتركاً لجامعة الدول العربية والأممالمتحدة. وقال إن بيان مجلس الأمن واضح لجهة تحديد مرجعية عمل أنان في قرارات جامعة الدول العربية وقرار الجمعية العامة. وأكد لوليشكي على أن «النقاط الست في خطة أنان تنسجم تماماً مع قرارات جامعة الدول العربية». ودعا «الحكومة السورية والمعارضة بكل أطيافها الى التمهيد لإطلاق العملية السياسية». وقال السفير الفرنسي جيرار آرو إن بيان مجلس الأمن يؤكد «دعم النقاط الست ومهمة أنان» مشيراً الى أن «أنان عندما يقدم تقريره المقبل سنرى ما هي الخطوات التي سنتخذها». ورحب السفير الألماني بيتر فيتينغ بالبيان معتبراً أنه رسالة موحدة من مجلس الأمن. ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالبيان. وقال إنه «متشجع بالرسالة الموحدة من المجلس لدعم أنان ولإنهاء العنف فوراًُ وانتهاكات حقوق الإنسان والوصول الآمن للمساعدات الإنسانية وتسهيل عملية وحوار سياسي بين الحكومة السورية وكل أطياف المعارضة السورية». وشدد على الصفة الطارئة للوضع في سورية وعلى ضرورة التوصل الى حل ينهي المعاناة للشعب السوري، آملاً «بأن يكون العمل الموحد في مجلس الأمن محطة مفصلية في المجتمع الدولي استجابة للأزمة السورية». ودان مجلس الأمن التفجيرات «الإرهابية» في دمشق وحلب في بيان صحافي آخر اقترحته روسيا. وفي أول رد فعل لها على البيان، اعتبرت وكالة الانباء السورية (سانا) ان مجلس الأمن تبنى «بياناً رئاسياً ليس له صفة القرار يدعم مهمة كوفي انان مبعوث الأممالمتحدة إلى سورية». ورحبت واشنطن بالبيان، ودعت جميع الأطراف في سورية «لاحتضان خطة أنان ونظام الأسد الى اتخاذ هذا المسار والالتزام به أو مواجهة المزيد من العزلة». وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أن «البيان القوي... خطوة ايجابية». واضافت أن المجلس «تحدث بصوت واحد وطالب بوقف لاطلاق النار تشرف عليه الأممالمتحدة بجميع أشكاله، بدءا من انسحاب قوات الحكومة السورية من المناطق السكنية والسماح بالمساعدات الانسانية لجميع المناطق التي هي بحاجة اليها وبدء عملية سياسية تقاد من داخل سورية للتعامل مع الطموحات الشرعية لكل الشعب السوري وللوصول لانتقال ديموقراطي» للسلطة. وقالت الوزيرة: «ندعو كل السوريين الذين يحبون بلادهم ويحترمون تاريخها ويفهمون مدى القدرات المتاحة للعمل المشترك نحو مستقبل سالم وزاهر بحرية وديموقراطية... ندعوهم الى العمل للتطبيق الفوري لخطة أنان». كما توجهت الوزيرة الأميركية لأركان النظام وخاطبت الأسد، بالقول «للرئيس الأسد ونظامه نقول مع باقي المجتمع الدولي ، خذ هذا المسار والتزم به (خطة أنان) أو واجه المزيد من الضغط والعزلة». كما خاطبت النخبة التجارية في سورية «التي ما زالت داعمة للنظام»، وحضتها على دعم خطة أنان والدفع بتطبيقها. ودعت عناصر الجيش السوري لرفض اطلاق النار على مواطنيهم. وتأتي تصريحات كلينتون في وقت تدرس فيه واشنطن تكثيف العقوبات على نظام الأسد واحتمال فرضها على أشخاص داخل العائلة الحاكمة، والعمل في الوقت نفسه على توحيد صفوف المعارضة تحت «رؤية مشتركة» قبل مؤتمر مجموعة «أصدقاء سورية» الثاني الذي تستضيفه تركيا في أول نيسان (أبريل) المقبل. كما اشادت الصين بالبيان ووصفته بانه خطوة ايجابية باتجاه التوصل الى تسوية سياسية للازمة في سورية ودعت دمشق الى «وقف العنف فورا».