تسارعت الأحداث خلال الأشهر الماضية، لتعكس اتجاهاً جديداً في الاستثمارات الخليجية الخارجية، إذ يبرز وللمرة الأولى اهتمام جلي مدعوم بتحرك للقطاع الخاص، بالزراعة في دول جنوب شرقي آسيا وتحديداً الفيليبين وتايلاند. وعانت دول الخليج في السنتين الأخيرتين، من ارتفاع سريع في أسعار مواد الغذاء ترافق مع خلل في عرض كمياتها. وتعتمد دول الخليج كلها على المنتجات الزراعية والحيوانية المستوردة لغذائها اليومي. وشهدت المنامة خطوات تعكس نية المملكة ودول المجلس، لضمان أمنها الغذائي، من خلال حصولها على كميات منتظمة من السلع الغذائية الاستراتيجية وبأسعار مقبولة. وفي شباط (فبراير) الماضي وقعت البحرين اتفاق تعاون واستثمار مشترك بين ممثل القطاع الخاص البحريني إبراهيم الأمير (شركة نادر وإبراهيم أبناء حسن التجارية)، والسفير الممثل الخاص لرئيسة جمهورية الفيليبين عن القطاع الخاص الفيليبيني أمبل أجيلوس، يقضي باستثمار 300 مليون دولار، لاستغلال مساحة 10 آلاف هكتار يوفرها الجانب الفيليبيني، كأراضٍ مناسبة لزراعة مواد ومحاصيل زراعية للشركة البحرينية الموقعة. ويؤمن الاتفاق للبحرين، منتجات زراعية كثيرة مطلوبة محلياً. وشجعت هذه القوة مستثمرين سعوديين للقيام بخطوة مشابهة بحسب الأمين العام لاتحاد غرف التعاون الخليجي عبد الرحيم نقي، الذي قال، إن اهتماماً سعودياً مماثلاً برز أخيراً بعد نجاح الخطوة البحرينية. وفي 22 حزيران (يونيو) الماضي وقع مصرف السلام - البحرين ومجموعة شاريون بوكباند (مجموعة سي بي) التايلاندية، مذكرة تفاهم لدخول المصرف في تحالف استراتيجي مع شركة مجموعة «سي بي» في مجال الصناعة الزراعية والغذائية. ويسهم هذا التحالف في تحديد المشاريع الزراعية ذات العوائد الجاذبة والمعدلة بحسب الأخطار، وكمحاولة للقيام بدور استباقي لمعالجة الأمن الغذائي في المنطقة. ويسعى التحالف إلى إجراء دراسات جدوى مفصلة لقياس مدى فاعلية القطاعات الغذائية المختلفة المستهدفة، شاملةً الثروة الحيوانية، السلع الغذائية الرئيسة والثروة السمكية والأغذية المعدومة. وستغطي الدراسات في شكل عام النواحي التقنية والمالية والعمليات التشغيلية كلها لتحديد الأسواق المستهدفة. وصرح عضو مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمصرف السلام يوسف تقي قائلاً: «إننا نستفيد من الخبرة التقنية لمجموعة شاريون بوكباند ذات الشهرة العالمية في الغذاء والزراعة. ونستخدم البحرين كمركز رئيس للمشروع، مستهدفين أيضاً أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وعلق نائب رئيس مجموعة شاريون بوكباند أيام نغمدامرونك، «شراكتنا الاستراتيجية مع السلام ستجعل البحرين مركزاً للسلع الغذائية الحلال للمنطقة. وهي شراكة أولى من نوعها لمجموعة سي بي ومصرف إسلامي وتخدم رؤية المجموعة كمطبخ للعالم». وستؤسس شركة متكاملة للأغذية الحلال للاستثمار في الزراعة والتصنيع الغذائي والتعليب والتغليف والتوزيع. وتوفر مجموعة «سي بي» للمشروع فريقاً إدارياً متخصصاً وخبيراً في المجال الزراعي والغذائي. وتأسست شاريون بوكابند في تايلاند عام 1921 وتوظف عالمياً 250 ألف موظف باستثمارات في الصين والهند وروسيا وفيتنام وتركيا وإندونيسيا وبنغلادش وماليزيا وميانمار. وبلغت إيراداتها 18 بليون دولار في 2008.