الجزائر - ا ف ب - تواجه الحكومة الجزائرية صعوبات للحد من "الإقتصاد الموازي" الذي تغلغل في كافة القطاعات، ما تسبب في خسارة أموال كبيرة للخزينة العمومية قدرها خبراء بعشرة مليارات يورو في السنوات الثلاث الأخيرة. وبحسب مدير "قمع الغش ومراقبة الاقتصاد" في وزارة التجارة "عبد الحميد بوكحنون" فانه "من بين 35 ألف مستورد مقيد في السجل التجاري، منهم 15 ألفاً يوجدون في سجل الغشاشين". وأضاف "12 ألف منهم لم يودعوا حساباتهم لدى الضرائب وثلاثة آلاف يمارسون تجارة غير شرعية". وينتج عن وضع أي متعامل اقتصادي في "السجل الوطني للغشاشين" منعه من ممارسة أي نشاط في التجارة الخارجية وكذلك حرمانه من المشاركة في المناقصات العمومية. وكان وزير التجارة الجزائري "مصطفى بن بادة" قد كشف أن "مصدر نصف رقم أعمال المتعاملين الإقتصاديين في الجزائر غير شرعي". وأوضح، خلال ندوة دولية حول التجارة غير الشرعية في الجزائر، أن "غالبية المتعاملين الإقتصاديين المقيدين في السجل التجاري لديهم نشاطات غير شرعية". وحسب الخبراء المشاركين في الندوة، فإن نسبة التعاملات التجارية غير الشرعية (بدون فواتير) تتراوح ما بين 20 و40 بالمئة، وتم تقدير قيمة هذه التعاملات بحوالى 155 مليار دينار (1,55 مليار يورو) خلال السنوات الثلاث الماضية. لكن بوكحنون اعتبر ان هذا الرقم لا يمثل سوى 20 بالمئة من القيمة الحقيقية للتعاملات المقدرة ب"ألف مليار دينار (10 مليارات يورو)". ويدل الرقم على إنتشار الظاهرة والصعوبات التي تواجهها الحكومة للحد منها، في بلد يعتمد بصفة أساسية على تصدير النفط والغاز وإستيراد المواد الغذائية والأدوية والتجهيزات الصناعية. وتعج الشوارع والساحات العامة بالتجار الفوضويين لكن هؤلاء ليسوا سوى الحلقة الأخيرة من السلسلة التي يقف وراءها مستوردون وتجار جملة، بحسب الخبراء. واعترف بن بادة بأن مثل هذه التجارة "لها فوائد إجتماعية بما أنها تسمح لعشرات الآلاف من الأسر من كسب قوتهم، وأن ما يضير الإقتصاد الوطني هي كتلة الأموال الكبيرة التي يتم تداولها خارج الأطر الرسمية". وأشار باحث في مركز البحث الإقتصادي التطبيقي للتنمية "نصر الدين حمودة" أن "ظاهرة الإقتصاد الموازي تعود إلى إختلال إقتصادي في الجزائر حيث لا يوفر القطاع القانوني مناصب شغل كثيرة لأصحاب الطلبات". واكد أن "الثقل الضعيف للإقتصاد غير التجاري والسوق غير التنافسية والإحتكار تشكل جميعها عناصر إنتشار الإقتصاد الموازي"، موضحاً أن "الإقصاء الإجتماعي هو المصدر الرئيسي لبروز هذه الظاهرة". وأكد أن 7 من كل 10 جزائريين يدخلون عالم الشغل دون أية شهادة ولا أي تأهيل، وإحتياجات السوق تفوق مستوى تعليم طالبي مناصب الشغل لاسيما الشباب.