كثر التفكير أرهقني وقررت أن أعرض عقلي زينة في أي فترينة تقبل به، والجميع سيقبل. عقل للبيع فكرة تسويقية مربحة، وإن لم يشتروا أفضل، فللفرجة أحسن. هو لسه في أحد عنده عقل؟ غيبوني يا جماعة أريح وأستريح، وأعيش في عالم الأحلام، لكن أرجوكم بلا أحلام المطربة، التي ترتدي بكل ما أوتيت من قوة وعزم كل الملابس والمكياج والمجوهرات لتضيف إلى التراجع العام في الأناقة والذوق، ولتضيع هي الأخرى في عالم الماديات، بدلاً من أن تركز على عالم الفن، لكن قل لي ما فائدة الفنون؟ طبعاً فالجميع قد انغمس في هذا الاستهلاك اليومي، وهناك ألف احتفال ومهرجان للتسوق وللمولات وللملابس وللمطاعم والمقاهي والكل إليه ذاهب. أين الدور الثقافي أو الفني أو الطبيعي؟ يا أخي أبعدني عنه، هذا وجع للرأس وقلق للإنسان وفزاعة، تريدني أن أفزع قل لي مهرجان أو معرض أو منتدى، وخذ لك مشكلات وقيل وقال. أنا لا أفكر في الذهاب إليهم على رغم الحنين إلى حركة ثقافية، والتعطش إلى أعمال أدبية وأهلها، أي التواصل بين المثقفين. لكن لا وألف لا، أنا لا أفكر في الذهاب إليهم، لأنني أعتبر ما يحدث هو تهالك في النوعية وكثير من المتطفلين وآتون من الصراع بين الناس إلى حد عميق وعلى ايه؟ على لا شيء، على مظاهر وظواهر بعيدة كل البعد عن الثقافة والفن والأدب. صدقوني لم يعرف التاريخ مبدعاً يملك سوء نية، ولا مبدعة تشك في الأدب والنوايا المخلصة. وعلى رغم ما أسلفته إلا أن الشوق يقتلني لأي نوع من الثقافة والفنون. كفاني فوضى وجنوناً، أتمنى الغرق في سهولة وبساطة كتاب عميق، أريد أن أعشق اللغة ثانية والكلمة التي تحتفي بالحياة. أحلم بمن يفتح قوقعة ليكتشف لؤلؤة، لا أن يبحث عن فضيحة. أحترم من يتكلم لأنه يريد أن يضيف لا أن يثير، وأحلم بمن يلقي الأضواء على العتمة لأمشي باتزان بعدما تخلل الميزان والتوازن. أكثير ما أطلب؟ أكثير أن أتجنب هذه الخصومة الفكرية والتمزق الإنساني؟ أكثير أن أحلم بعالم السلام والحوار واحترام بعضنا؟ نعم كثير، نحن في زمن كل يحسب نفسه على حق وكل نصب نفسه قاضياً على غيره وكل خائف من الكل، وفي الوقت نفسه كل يريد أن يكون كل شيء من دون أن يبني حتى لا أقول يحطم لدرجة أن يحطمك. لم التحطيم لكل ما هو جميل؟ ما أسهل التدمير وما أصعب التعمير. عمرها! عمرها أي من العمران الفكري والأدبي والأخلاقي ولست أعني أي شيء آخر. عمرها حتى أضع عقلي مع عقلك لا في الفترينات ولا في الأسواق ولا في الطرقات. عمرها وابني الجسور واحترم كل إنسان، كفانا التورط في اتهام كل النوايا! [email protected]