تتميز الأحساء بملاعب «الحواري» التي تتناثر في كل ركن من أحيائها، وهي ميزة افتقدتها مدن سعودية أخرى، وبالذات تلك «الكبرى» التي زحفت ديناصورات «الأسمنت» فالتهمت ملاعبها، وحتى «مرافقها الحكومية»، فلم يعد في الحي مسجد ولا حديقة ولا مدرسة، إلا وأقيم عليها مبنى طويل وعريض يتباهى به مالكه بين القاصي والداني. أشير هنا إلى الأحساء لأنها تتمتع بنسبة «ممارسة كروية» مرتفعة لدى شرائح متنوعة مما خلق «ثقافة رياضية» مختلفة انعكست على العاملين في أنديتها وهما ضيفا «الأضواء» القديم (الفتح) والجديد (هجر). في نادي الفتح عمل جبار يتم ب«صمت» ومن دون «فرقعات» إعلامية وصياح في كل حدب وصوب كما يفعل «الآخرون» من هواة «الجعجة»... فبعد أصحاب المراكز الأربعة الأولى الشباب والأهلي والهلال والاتفاق يأتي الفتح محتلاً المركز «الخامس» بإمكانات لا تتجاوز ولا تتفوق على بعض أصحاب الألسنة «المفتولة» ممن ملعبهم «وسائل الإعلام» وليس ميدان المنافسة الحقيقي على «المستطيل الأخضر». الفتح يتفوق على النصر والاتحاد ويتقدم عليهما بفارق 8 نقاط، على رغم أن موازنته لا توازي موازنة الفريقين، وثقل أعضاء شرفه لا يوازي ما يمتلكه «الفارس» و«العميد»، وتجربة إدارته وجماهيره ولاعبيه في دوري «الأضواء» لا توازي تجربة «العالمي» و«المونديالي»، وهنا أن تتجاوز في جدول الترتيب الفريقين السعوديين الوحيدين اللذين شاركا في كأس العالم للأندية، فهذا بحد ذاته أمر يستحق التحية والتقدير. أما الأمر الذي لفت نظري بشكل أكبر من الإنجاز المرحلي للفتح في قائمة ترتيب دوري «زين»، فهو اجتماع عقدته لجنة الكرة في النادي يوم الجمعة الماضي (عصراً) من أجل مناقشة معسكر الفريق للموسم المقبل والترتيبات المتعلقة به بينما تجتمع أندية أخرى في آخر الليل أو مع ساعات الصباح الأولى لمناقشة إقالة المدرب الحالي... وبالمناسبة ففتحي الجبال مدرب الفتح يحتل منصبه منذ 6 سنوات، وما زال وربما يستمر إلى ما شاء الله، ولا أشك بأنه حطم الرقم القياسي للبقاء على رأس الهرم التدريبي في نادٍ سعودي، وهنا أطالب الاتحاد السعودي لكرة القدم «الموقت» بتكريمه بهذه المناسبة. في هجر «الضيف» لفت نظري اعتذار رئيسه عبدالرحمن النعيم المنشور في «الحياة» اليوم عن تصريحه الذي تلقى عليه لفت نظر من لجنة الانضباط، وفي هذا الموقف دليل على أنه شخصية «رياضية» تعرف معنى «الممارسة الرياضية» الحقيقي لأنه لم يكن مضطراً لهذا الاعتذار، خصوصاً أن اللجنة أصدرت لفت نظرها وانتهت. تحية للأحساء ولممارسي كرة القدم فيها، ولملاعب حواريها التي أنجبت نجوم الكرة الحاليين في أكثر من ناد سعودي، ولإدارييها المميزين التي تجعلني أؤمن أن على اتحاد الكرة أن يبحث عن زيادة «ممارسي اللعبة» بدلاً من أن يبحث عن أسماء جديدة «لإدارتها». [email protected]