طالب مسؤول متخصص في صناعة الأسمنت السعودية وزارة التجارة والصناعة، ووزارة البترول والثروة المعدنية بالجلوس مع مسؤولي شركات الأسمنت السعوديين الذين يملكون إمكانات التوسع من خلال إضافة خطوط إنتاج جديدة ولديهم وفرة من المواد الخام، وضمان الوقود اللازم لتلك التوسعات، والخروج بمفهوم مشترك يضمن توفير مادة الأسمنت والقضاء على هذه الأزمات المتكررة. واعتبر الرئيس التنفيذي عضو مجلس إدارة شركة أسمنت المنطقة الجنوبية المهندس سفر بن محمد بن ظفير في حوار ل«الحياة» ان اتجاه وزارة التجارة إلى فتح باب استيراد الأسمنت غير مجد للمستثمرين، محذراً من حدوث نقص في الأسمنت المتاح لهذا العام يزيد على أربعة ملايين طن. وقال ظفير إن دراسة علمية تم إعدادها حول وضع السوق في المملكة للسنوات الأربع المقبلة، «أظهرت أنه سيكون هناك ارتفاع كبير في الطلب، وسيكون هناك نقص في الأسمنت المتاح لهذا العام يزيد على أربعة ملايين طن، وستستمر الفجوة بين العرض والطلب في الزيادة حتى العام 2015، وسيصل النقص إلى ما يزيد على 18 مليون طن، على رغم افتراض تشغيل المصانع السبعة بحسب الرخص المشار إليها، وذلك بسبب المشاريع الحكومية والخاصة». وتبرأ الرئيس التنفيذي لشركة أسمنت الجنوبية، من أزمة الأسمنت الراهنة، وأكد أن «مسؤولية مصانع الأسمنت تنتهي بعد تحميل الشاحنة وخروجها من بوابة المصنع، وأي تغيير في الأسعار بعد ذلك يعود لأسباب لا علاقة لها بمصانع الأسمنت». وهنا نص الحوار: تشير الدراسات إلى أن الطلب على الأسمنت سيبقى قوياً العام الحالي والمقبل، من وجهة نظركم ما الأسباب؟ وكم تتوقعون أن يبلغ حجم الطلب؟ - ارتفاع الطلب على الأسمنت في المملكة سببه الإنفاق الحكومي الكبير الذي لم يسبقه مثيل على مشاريع التنمية التي يشهدها الوطن في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين، فهناك البنى التحتية ومشاريع الإسكان والمدن الصناعية والاقتصادية والجامعات، وكذلك ارتفاع عدد القروض وقيمتها من صندوق التنمية العقاري، ومن البنوك التجارية بضمانات حكومية كما أعلن منذ وقت قريب. وخلال العام الماضي 2011 كان إجمالي المبيعات من الأسمنت لكل شركات الأسمنت السعودية وعددها 13 شركة بها 35 خط إنتاج يبلغ 48,4 مليون طن من الأسمنت، والطلب يتساوى تقريباً مع كمية الإنتاج نفسها أما في هذا العام 2012، فإن الإنتاج سيرتفع إلى 50 مليون طن أسمنت، بينما الطلب سيرتفع إلى 54,7 مليون طن من الأسمنت، وسيزداد الطلب في السنوات المقبلة، ونتوقع زيادة قدرها ما بين 13 إلى 14 في المئة سنوياً. يرى المتابعون أن الوقود قضية يتخذ منها قطاع الأسمنت شماعة كل عام لرفع الأسعار، هل فعلاً المصانع تعاني من نقص الوقود؟ وهل أسعار الوقود مرتفعة؟ وهل له دور في تقليص حجم الإنتاج؟ - نقص الوقود الذي نتحدث عنه هو الكميات اللازم تخصيصها لتشغيل خطوط الإنتاج الجديدة، أما المصانع القائمة في المملكة فتحصل على الكميات اللازمة لتشغيلها، ولم نتحدث أبداً عن ارتفاع أسعار الوقود، ونحن في شركة أسمنت المنطقة الجنوبية لم نتجاوز أسعار البيع للأسمنت أبداً بحسب السقف المعتمد من وزارة التجارة والصناعة، أما دور نقص الوقود في تقليص الإنتاج فهو واضح وظاهر، فإذا لم يخصص الوقود لتشغيل خط إنتاج ما، فسيكون توقف ذلك الخط خصماً على الكمية التي تطرح في السوق. تشير المعلومات إلى أن كلفة إنتاج الأسمنت منخفضة مقارنة بالدول المجاورة، كم تبلغ كلفة إنتاج الطن الواحد؟ وما أسباب ارتفاع ذلك كما تدعي الشركات المحلية؟ - سعر كلفة إنتاج الأسمنت في المملكة تتناسب مع سعر البيع الذي اعتمدته وزارة التجارة والصناعة، وللعلم فإن سعر بيع الأسمنت في مصانع المملكة يعد من أقل الأسعار مقارنة بالدول المجاورة، بل ودول العالم أجمع. إيقاف تصدير الأسمنت، ما الأسباب الحقيقية وراءه؟ - قرار إيقاف التصدير تم اتخاذه منذ منتصف العام 2008 حرصاً على توفير الأسمنت للمشاريع المحلية، واستمر التصدير لبعض الشركات في شمال المملكة وفق ضوابط وشروط من وزارة التجارة والصناعة، كما أن النسبة المصدرة لا تتجاوز 2 في المئة من حجم الإنتاج، وأخيراً تم إيقاف التصدير كلياً بسبب زيادة الطلب المحلي. وفي حال سمحت الدولة بالتصدير، فلن نذهب لهذا الخيار حالياً بسبب زيادة الطلب المحلي، إذ إن صناعة الأسمنت تعتمد أصلاً على السوق المحلية، ولن نلجأ لخيار التصدير إلا في حالة تراكم الإنتاج ووجود فائض يزيد على حاجة السوق المحلية. كم سعر بيع الطن الواحد من الأسمنت حالياً؟ وهل يغطي السعر كلفة الإنتاج وما توقعاتكم للأسعار خلال الفترة المقبلة؟ - سعر بيع الطن يتراوح بين 250 ريالاً للأسمنت العادي السائب، و260 ريالاً للأسمنت العادي المكيس، وهو يتناسب مع قيمة كلفة الإنتاج الحالية التي تزيد سنوياً في معدات الإنتاج وقطع الغيار اذ يتم استيرادها من الشركات الصانعة العالمية. يشهد قطاع الأسمنت حالياً أزمة كبيرة وشحاً في الأسواق، ما الأسباب من وجهة نظركم؟ - كما أسلفت، فإن الطلب في ازدياد ومعدل الإنتاج شبه ثابت، ومن الطبيعي بروز الأزمة، وصاحب ذلك شح في توافر الأسمنت المكيس بالذات لنشوء سوق سوداء أدت إلى تفاقم الأزمة. يرى الكثير من المتابعين أن سبب الأزمة يشترك فيها المنتجون وأصحاب الشاحنات، والدليل أنها أصبحت موسمية، ما تعليقكم؟ - تنتهي مسؤولية مصانع الأسمنت بعد تحميل الشاحنة وخروجها من بوابة المصنع، وأي تغيير في الأسعار بعد ذلك يعود لأسباب لا علاقة لها بمصانع الأسمنت. ومع ذلك فإننا نتعاون مع الجهات الرقابية الحكومية من إمارات المناطق وفروع وزارة التجارة والصناعة من أجل ضبط الأسواق وتضييق الخناق على ضعاف النفوس من بعض الموزعين أو الناقلين الذين يستغلون ظروف ارتفاع الطلب لرفع السعر وتحقيق مكاسب شخصية على حساب المواطن. تتجه وزارة التجارة والصناعة لتعويض النقص في السوق المحلية إلى فتح الاستيراد، ما هي وجهة نظركم؟ وهل تتوقعون أن تتضرر المصانع المحلية؟ - استيراد الأسمنت عملية شاقة ومكلفة تحتاج إلى سفن خاصة ومحطات تفريغ على ظهر السفينة وكذلك مكائن تعبئة الأكياس، وتكاليف الشحن عالية، وكل ذلك سينعكس على كلفة الاستيراد ومن ثم سعر البيع، وحيث أن سعر بيع الأسمنت في المملكة لا يزال الأقل في العالم، فإن عملية الاستيراد ستصبح غير مجدية للمستثمرين، والمصانع لن تتضرر في ظل زيادة الطلب ومناسبة أسعار البيع. ونعتقد أن الحل المناسب هو السماح لشركات الأسمنت القادرة على التوسع وزيادة خطوط إنتاجها وتوفير الوقود اللازم لتشغيل تلك الخطوط، إذ تقدمت بعض الشركات بطلب تخصيص وقود لتوسعات في المصانع القائمة وقوبلت بالرفض من الجهات المختصة. تشير المصادر الى الترخيص لسبع شركات جديد في قطاع الأسمنت، هل السوق المحلية تستوعب الترخيص لشركات جديدة؟ - تم إعداد دراسة علمية حول وضع السوق في المملكة للسنوات الأربع المقبلة أظهرت ارتفاع الطلب بشكل كبير، وسيكون هناك نقص في الأسمنت المتاح لهذا العام يزيد على أربعة ملايين طن، وستستمر الفجوة بين العرض والطلب في الزيادة حتى العام 2015، إذ سيصل النقص إلى ما يزيد على 18 مليون طن على رغم افتراض تشغيل المصانع السبعة بحسب الرخص المشار إليها، وذلك بسبب المشاريع الحكومية والخاصة. سجلت شركات الأسمنت خلال العام الماضي أرباحاً كبيرة على رغم عدم التصدير ونفاد المخزون، فلماذا تطالبون بفتح التصدير في ظل الطلب الكبير بالداخل؟ وكم حجم خسائر الشركات جراء إيقاف التصدير؟ - في الوقت الحالي، وربما السنوات الأربع المقبلة لا أعتقد أن التصدير سيكون هدفاً لمعظم شركات الأسمنت، ما عدا الشمالية والجوف بحكم موقع مصنعيهما ولوجود مطاحن لبعضهما في الأردن. نفت شركة «أرامكو السعودية» أن يكون هناك نقص في إمدادات الوقود، ما الحقيقة؟ وكم عدد الشركات التي تعاني من ذلك؟ - بالنسبة إلى شركة أسمنت المنطقة الجنوبية، فإنه لم يتم تخصيص الوقود اللازم لتشغيل خط الإنتاج الثاني بمصنع تهامة، وما يردنا حالياً من وقود هو الكميات المتعاقد عليها في السابق مع شركة أرامكو لتشغيل خطوط الإنتاج في المصانع الثلاثة (جازان، وبيشة، وتهامة)، قبل تشغيل خط الإنتاج الثاني في مصنع تهامة. لجأت شركات ومصانع الأسمنت إلى المجلس الاقتصادي الأعلى تطالب بفرض رسوم عادلة على التصدير في مقابل توفير الوقود وفتح التصدير من دون قيود، ما حقيقة ذلك؟ وما آخر المستجدات على عملية السماح بالتصدير؟ - لم نطالب في الوقت الحالي بفتح باب التصدير بسبب الطلب المحلي العالي. يرى عدد من المقاولين أن شركات الأسمنت لو عملت بنصف طاقتها الإنتاجية لتمكنت من توفير طلبات السوق، والشركات تؤكد أنها تعمل بكامل طاقتها، ما تعليقكم على ذلك؟ - أؤكد لك ولكل القراء أن مصانعنا الثلاثة تعمل بزيادة قدرها 27 في المئة عن الطاقة التصميمية للمصانع، والأرقام معلنة وموثقة ولا جدال فيها، وكذلك كل مصانع الأسمنت في المملكة تعمل بالطاقة القصوى وفق البيانات التي تصلنا شهرياً، وبحسب تأكيدات الزملاء مسؤولي الشركات، وقد أكدت أيضاً وزارة التجارة والصناعة ذلك. ما مطالبكم من وزارة التجارة ووزارة البترول والثروة المعدنية؟ - أطلب من مسؤولي وزارة التجارة والصناعة وكذلك وزارة البترول والثروة المعدنية بالجلوس مع مسؤولي شركات الأسمنت في المملكة والذين لديهم إمكانات التوسع من خلال إضافة خطوط إنتاج إضافية ولديهم وفرة من المواد الخام، وضمان الوقود اللازم لتلك التوسعات والخروج بمفهوم مشترك يضمن توفير مادة الأسمنت والقضاء على هذه الأزمات المتكررة، ولدى الشركات الدراسات التفصيلية الكافية عن وضع السوق وتوقعات نمو الطلب وفق المشاريع الحكومية المعلن عنها والتي تحت التنفيذ الآن والسنوات المقبلة، وذلك وفق دراسات جدوى اقتصادية مدروسة بعناية.