واصل الجيش السوري عملياته الأمنية ضد معاقل الناشطين المناهضين للنظام في عدد من المناطق امس ما ادى الى سقوط العشرات بين قتيل وجريح في حمص وريف دمشق وحلب وإدلب ودرعا. وقال ناشطون إنه فيما تواصل القصف على مدينتى القصير والرستن في ريف حمص، اقتحمت قوات الجيش مدينة يبرود في ريف دمشق لملاحقة المنشقين الذين يتمركزون فيها. يأتي ذلك فيما لا يزال الصليب الاحمر الدولي ينتظر السماح له بدخول حي بابا عمرو في حمص الذي سقط بايدي القوات النظامية الاسبوع الماضي. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن قافلة تحمل مساعدات انسانية وصلت إلى حمص تحمل أغذية لآلاف السوريين الفارين من الاوضاع الانسانية الصعبة في بابا عمرو وغيره من الاحياء المنكوبة. وأوضح الصليب الأحمر أنه بدأ توزيع مساعدات إنسانية على سكان حي الإنشاءات المتاخم لحي بابا عمرو، مشيراً إلى أن متطوعي اللجنة الدولية قدموا خدمات طبية لمن يحتاجها من السكان إلى جانب المساعدات والأدوية والمواد الغذائية والاحتياجات الخاصة، وذلك بعد يوم من توزيع مساعدات انسانية على آلاف السوريين النازحين من احيائهم في حمص. وتجدد أمس القصف على مدينة الرستن في ريف حمص التي تحاصرها قوى الجيش. وأفاد ناشطون بأن القوات النظامية السورية تواصل ايضاً حملة مداهمات واعتقالات في حيي جوبر والسلطانية المجاورين لبابا عمرو. ورأى عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبدالله ان «ما يجري في الرستن هو نفس ما جرى في بابا عمرو: حصار وقصف مدفعي ومن راجمات الصواريخ»، مشيراً في الوقت نفسه الى ان القصف امس أقل حدة من الاحد. وقال العبدالله ان «عناصر الجيش السوري الحر ما زالوا في الرستن، لن يستسلموا بسهولة، لأن احداً لا يريد ان يكرر ما جرى في بابا عمرو»، مؤكداً حصول عمليات «قتل للشبان واغتصاب لفتيات ونساء، ونهب بيوت». ولا يمكن التأكد من صحة هذه المعلومات من مصادر محايدة بسبب منع الصحافيين الاجانب من العمل في سورية. وقال العبدالله «الشباب الموجودون على الارض هم الذين يقررون الانسحاب او الصمود. ما نعرفه حتى الآن هو ان آخر كلام لهم انهم سيبقون في الرستن حتى لا يتكرر ما جرى في بابا عمرو». كما استمر القصف على مدينة القصير في حمص، وفق ناشطين. وقال انس ابو علي، احد عناصر «الجيش الحر» ان «القصير تقصف بالدبابات والراجمات»، مضيفاً ان «الوضع حذر ويدعو للقلق»، وان «القصير فارغة تقريباً من السكان». وأضاف: «سنقاوم ... انها قضية حياة او موت، سندافع بكل ما اوتينا من قوة. كل العالم تخلى عنا، لكننا لن نتخلى عن طريق الثورة». وأوضح الناشط ابو يزن الحمصي ان كل شاب «فوق 14 عاماً مرشح للاعتقال» في حمص، مشيراً الى ان «احداً من الذين اعتقلوا خلال الايام الماضية لم يخرج بعد». وذكر الناشط ان قوات النظام التي دخلت بابا عمرو تعمل على فتح الطرق وتنظيفها، بعد ان تسبب انهيار ابنية ومنازل نتيجة القصف على مدى شهر تقريباً الى محو معالم الشوارع، على حد قوله. وذكر المرصد السوري ان فتاة في الثالثة عشرة قتلت في محافظة حمص «اثر اصابتها برصاص قناصة». في موازاة ذلك، أفادت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) بأن «الأجهزة المعنية والجهات الخدمية في حمص، بدأت بإزالة مخلفات وآثار الخراب والدمار التي ألحقتها المجموعات الإرهابية المسلحة بالممتلكات الخاصة والعامة في حيي الإنشاءات وبابا عمرو في المدينة، وتأمين احتياجات المواطنين كافة بعد إعادة الأمن والهدوء إليها من قبل الجهات المختصة». وأضافت ان «فرق الصيانة والإصلاح بدأت بإعادة تأهيل وترميم المؤسسات والمرافق الخدمية التي طاولتها جرائم الإرهابيين كما عملت ورش النظافة على تنظيف الطرقات من مخلفات الدمار بفعل الإرهابيين وإزالة الحواجز والمتاريس التي أقاموها في الشوارع». وفي ريف دمشق، ذكر المرصد ان مواطناً قتل في مدينة يبرود في ريف دمشق التي «اقتحمتها القوات النظامية السورية» صباح امس. وأشارت لجان التنسيق المحلية في بيان الى ان عملية الاقتحام ترافقت مع قصف على المدينة التي تبعد حوالى اربعين كيلومتراً عن العاصمة، والى انقطاع تام للاتصالات. وقال الناطق باسم اتحاد تنسيقيات دمشق وريفها محمد الشامي ان «قوة عسكرية كبيرة اقتحمت مدينة يبرود من كل الجهات»، مشيراً الى وجود «الكثير من المجندين الذين تخلفوا عن الالتحاق بالخدمة في المدينة، وعسكريين في الجيش لجأوا اليها بعد الانشقاق لأنها كانت تعد آمنة نسبياً». وأضاف ان عناصر الامن «يقتحمون المنازل ومعهم مخبرون يدلونهم على الناشطين ومنسقي التظاهرات والعناصر المنشقين عن الجيش». كما أفاد المرصد السوري بأن مقراً للمخابرات الجوية السورية في حرستا بريف دمشق استهدف ليل اول من امس بقذائف ار بي جي. وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن ان «مبنى المخابرات الجوية في حرستا (عشرة كلم شمال شرقي دمشق) استهدف بثلاث قذائف ار بي جي تبعها اطلاق رصاص كثيف»، من دون ان يتمكن من تحديد مصدر النيران. وسبق ان تعرضت مقار المخابرات السورية لهجمات متكررة. وفيما اتهمت السلطات جنوداً منشقين بالتورط في الهجمات، اتهم معارضون السلطات بالتخطيط لهذه الهجمات والصاقها في «الجيش الحر». في محافظة حلب (شمال)، قتل رجل في بلدة الاتارب في «رصاص عشوائي من القوات النظامية السورية». وفرقت قوات الامن تظاهرة طالبية خرجت من كلية الزراعة في جامعة حلب مطالبة باسقاط النظام، واعتقلت ثلاثة من الطلاب المتظاهرين. في محافظة ادلب (شمال غرب)، قتل فتى في الرابعة عشرة من عمره برصاص قناصة في مدينة سراقب، وفقاً للمرصد. في محافظة درعا (جنوب)، افاد المرصد عن مقتل «مواطن من قرية المليحة الغربية قضى تحت التعذيب على ايدي قوات الامن السورية». كما «استشهد مدني بعد منتصف ليل الاحد - الاثنين في مدينة درعا اثر اصابته بإطلاق رصاص خلال اشتباكات عنيفة دارت في المدينة بين القوات النظامية ومجموعة منشقة» وفق المرصد. إلى ذلك، افادت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان «مجموعة إرهابية مسلحة» استهدف امس خطاً لنقل النفط جنوب حقل العمر في محافظة دير الزور في شمال شرقي البلاد «عبر تفجيره بعبوة ناسفة لم تسفر عن أضرار تذكر». وقال مصدر في وزارة النفط أن خط النفط المستهدف ينقل النفط الخام من حقل العمر التابع لشركة الفرات للنفط وهو بقطر 24 إنشاً، وأن ضخ النفط فى الخط متوقف منذ أكثر من أسبوعين نظراً الى وجود خطوط بديلة تفي بالغرض، مشيراً إلى أن الأضرار «اقتصرت على تلف أحد الأغطية من دون أن تؤثر العملية التخريبية على الخط». وقال نشطاء معارضون إن انفجاراً وقع في خط أنابيب نفطي قرب بلدة القورية في محافظة دير الزور في الوقت الذي بدأت فيه القوات السورية عملية عسكرية في المنطقة. وأضافوا أن قنبلة فجرت فيما يبدو قرب خط الأنابيب الذي يمتد إلى مصفاة على الساحل وكان الدخان المتصاعد مرئياً من مسافة خمسة كيلومترات. وقال ناشط يدعى الشيخ إسماعيل ل «رويترز»: «كان الانفجار كبيراً. وقع قبل ساعتين مع انتشار عربات مدرعة وناقلات دبابات في المنطقة. اقتحموا بالفعل قريتي بقرص وموحسن فيما قد يكون مقدمة لهجوم عسكري شامل». وقال نشطاء في المعارضة إن دبابات الجيش انتشرت في مدينة دير الزور الواقعة على بعد 60 كيلومتراً جنوب غربي القورية السبت لدعم القوات والميليشيات المؤيدة للنظام والتي تعرضت لهجمات من المعارضين بعد مقتل ثلاثة متظاهرين. ودير الزور محافظة منتجة للنفط تقع على نهر الفرات على حدود العراق الذي تقول مصادر في المعارضة إن الأسلحة تهرب منه إلى مقاتلي «الجيش الحر». وتقول المصادر إن المقاتلين في دير الزور سلحوا ونظموا أنفسهم في الشهرين الاخيرين اثناء انشغال قوات الجيش بالعمل على إخماد الانتفاضة في حمص ومحيطها. وتقع دير الزور في قلب المناطق القبلية السورية وهي بعيدة من خطوط الامداد المركزية ويرتبط سكانها بصلات قرابة وثيقة مع السنّة في العراق.