أربك إصرار إمام مسجد بلال بن رباح في صيدا (جنوب لبنان) الشيخ أحمد الأسير على الاعتصام في ساحة الشهداء في وسط بيروت في الواحدة بعد ظهر اليوم دعماً للشعب السوري، وإصرار مناصري النظام السوري في لبنان على تنظيم تحرك مضاد في المكان ذاته، أمس السلطات السياسية والأمنية اللبنانية التي تجاذبها أمران، تمسكها بسياسة النأي بالنفس عن التطورات في سورية وبالتالي تجنب ما يثير الإضرابات على خلفية تحركات مؤيدة وأخرى معارضة، وبين تغنيها بأن لبنان بلد الحرية والتعبير عن الرأي وبالتالي ترجمة الأمر بالترخيص لكل من يريد أن ينقل رأيه إلى الشارع. وبدا أن وزير الداخلية مروان شربل حسم الأمر بعد اجتماع أمني ترأسه في الوزارة أمس للغاية، إذ أكد أن «غداً (اليوم) يوم عادي بالنسبة إلى القوى الأمنية التي ستواكب حركة التظاهر للحفاظ على الأمن وأجواء الاستقرار». وطمأن إلى أن الأحد «سيمرّ بسلام مثل الأيام التي كنا نشهد خلالها تظاهرات واحتجاجات سابقاً في طرابلس وصيدا وبيروت». وحضر الاجتماع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، محافظ مدينة بيروت بالتكليف ناصيف قالوش، المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار، قائد القوى السيارة العميد روبير جبور، قائد وحدة الدرك العميد صلاح جبران، قائد شرطة بيروت بالوكالة العميد الياس سعادة، أمين سر مجلس الأمن المركزي العميد الياس الخوري، رئيسا فرعي مخابرات الجيش في بيروت العميد جورج خميس وجبل لبنان العميد ريشار حلو، وجرى عرض للإجراءات التي ستتخذها القوى الأمنية اليوم. وقال شربل إن الأجهزة الأمنية كافة «تعتبر يوم غد يوماً عادياً مثل كل الأيام لجهة القيام بواجباتها في الحفاظ على الأمن والنظام، سواء كانت هناك دعوة إلى التظاهر أم لا، ولا مشكلة في التعبير عن الرأي بطريقة ديموقراطية وحضارية وفق الأصول والقوانين المرعية في ضوء الدعوات المضادة في السياسة إلى التظاهر». وشدد شربل على «أن أحداً لن يستخدم السلاح خلال التظاهرات»، ورأى «أن المنطق السائد يدفع إلى عدم توتير الأجواء المتشجنة وتغليب الحكمة ومنع النيران المستعرة من حولنا من التمدد إلى لبنان والعمل على إخمادها، والمواقف السياسية المختلفة ستبقى في إطار التعبير عن المواقف ولن تنعكس صراعاً، لأن القيادات اللبنانية تأخذ في الاعتبار المصلحة اللبنانية، والأطراف السياسية أعربت خلال تواصلنا معها عن أن الاحتجاجات ستكون سلمية». وكان شربل قال ل «المؤسسة اللبنانية للإرسال»: «مبدئياً لن نعطي ترخيصاً لأحد إلا أننا لن نمنع أحداً وسنأخذ كل الاحتياطات اللازمة لحفظ النظام والأمن ولا مشكلة، وستكون التظاهرتان منفصلتين ولن تتشابكا، فالأمن خط أحمر ويحق للجميع التعبير عن رأيهم بحرية وديموقراطية وطريقة حضارية، وسيكون هناك حضور أمني كثيف على الأرض». والمفارقة كانت أمس إعلان «تيار المستقبل» في بيان، أنه «كان ولا يزال أول المتضامنين مع الشعب السوري وثورته السلمية ونضاله من أجل الحرية والديموقراطية، وأول المنادين علناً بوجوب الوقوف في وجه آلة القتل الوحشي لنظام بشار الأسد، إلا أن مثل هذه الدعوات (الاعتصام التضامني) في هذا المكان بالذات وهذا التوقيت لا يخدم الثورة السورية ولا حمص المحاصرة». وأوضح التيار أن «على رغم التحذيرات الأمنية المتكررة، لا يزال بعضهم يصر على الدعوة للاعتصام في ساحة الشهداء في بيروت غداً تحت عنوان التضامن مع مدينة حمص وأهلها الصامدين، ويؤكد التيار أن لا علاقة له من الأساس بمثل هذه التحركات، ويدعو الجميع إلى تغليب منطق التضامن الحقيقي مع الثورة السورية والشعب السوري البطل على أي مظاهر أخرى». وكانت منسقية المنية في «تيار المستقبل» أعلنت في بيان عن تنظيم مسيرة «نصرة للثورة السورية والمظلومين بالتعاون والتنسيق مع هيئات المجتمع المدني في المنطقة» الأحد في 11 الجاري. وأعلنت «الجماعة الإسلامية» عدم مشاركتها في تحرك الشيخ الأسير في ساحة الشهداء، وقالت في بيان أنها «توقفت عند دعوته ومن ثم عند التهديد الذي صدر عن بعض القوى اللبنانية لمنع هذا التحرك»، وشدّدت على «حق حرية التعبير عن الرأي الذي كفله الدستور، طالما أنه يجرى في الإطار السلمي ويعتمد الإجراءات القانونية في أخذ الترخيص وتحت حماية القوى الأمنية اللبنانية»، مستنكرةً «اعتماد أسلوب الترهيب الأمني والمليشياوي في التعبير عن الرأي، عن أيّ فريق يصدر». ودعت «الأجهزة الأمنية إلى القيام بواجبها في حماية التحركات السلمية»، مؤكدة «عدم مشاركتها في الاعتصام المذكور، لكنها في الوقت نفسه ترفض التهويل الأمنيّ والعسكري لمنعه». وأعلنت استمرارها في «دعم تحرّك الشعب السوري عبر الدعم الإغاثي والسياسي والإعلامي، من خلال حملتها التي أطلقتها، لعيونك يا شام». «البعث»: أين السلمية؟ وكان الأمين العام القطري لحزب «البعث العربي الاشتراكي» في لبنان فايز شكر أعلن أنه «إذا لم يتلقَ جواباً في شأن التظاهرة المزمع القيام بها غداً في ساحة الشهداء ولم تحظ بالترخيص، فإننا حتماً سنتظاهر إذا نفذ الشيخ الأسير التظاهرة التي دعا إليها وحصل على الترخيص». وأوضح في حديث إلى قناة «الجديد» أن «حصول الأسير على الترخيص وعدم حصولنا عليه يؤكدان مؤامرة عنوانها ساحة البلد»، مشدداً على أن «القانون يشمل الجميع ولن نقبل الاستثناءات».وسأل: «لماذا هذا التكتيك والتدبير في هذا الظرف الصعب في المنطقة؟»، لافتاً إلى «لافتات للأسير كتب عليها أن «النقليات مؤمنة»، وسأل: «أين السلمية؟ وماذا يريد الأسير من البلد؟». وعن السلاح، أكد شكر أنه «ضد أي تصرف يؤدي إلى ضرب الاستقرار». وأوضح بيان يحمل توقيع «تيار المقاومة اللبناني» أنه عقد اجتماعاً في مقره في رأس النبع - بيروت حضرته الهيئة الطالبية في التيار، وقرر الدعوة «في ظل ما تتعرض له سورية من مؤامرة لإسقاطها وإخضاعها تحت عناوين مفبركة، الى تجمع اليوم الأحد في ساحة الشهداء». ودعا التيار المذكور «جميع الأوفياء للبنان ولمقاومته أن يشاركوا بكثافة في التجمع في 12 ظهراً». خوف من تكرار 5 شباط وفي المواقف من التحركين، ناشد النائب بطرس حرب «جميع القوى والقيادات السياسية، تغليب الحكمة وروح الوحدة الوطنية على الصراعات السياسية والعمل على تفادي كل ما من شأنه إثارة الاحتكاكات والصدامات ولا سيما تلك التي ترتدي الطابع المذهبي خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة»، داعياً الحكومة إلى «عدم الترخيص لأي تظاهرة ترتدي الطابع المذهبي في أي مكان من لبنان، ولا سيما في ساحة الشهداء وعدم السماح بأي تجمّع ولأي فئة كان». وحمّل «الحكومة والقيادات السياسية مسؤولية أي إخلال بالأمن». واعتبر القيادي في «التيار الوطني الحر» زياد عبس في بيان أن «وسط البلبلة التي أحدثتها دعوة الشيخ الأسير الى الاعتصام، يجد اللبنانيون والبيروتيون خصوصاً أنفسهم أمام خطر جديد إدراكاً منهم بأن التظاهرة المزمع تنظيمها قد تشبه إلى حدّ بعيد تلك التي شهدتها العاصمة في 5 شباط 2006 (احتجاج السلفيين على رسوم بالتوجه إلى سفارة الدنمارك في الأشرفية)». وطالب «القوى الأمنية والجهات المسؤولة بالتشدد في الحفاظ على أمن بيروت وسكانها.