لم يكن أحد الطلاب المغاربة يعلم أن رفعه علم تنظيم «داعش» خلال تشجيعه فريقه المفضل في مباراة كرة اليد، سيدخله في متاهات التحقيق القضائي في الوقت الذي أخلي فيه سبيل زميله. فتوقيف شابين في مدرسة التكنولوجيا التطبيقية والسياحة في مدينة سطات، جاء بعد إخبارية بلغت ولاية أمن المدينة حول رفع أحد المشجعين راية «داعش»، وهو الأمر الذي عجل بانتقال فرقة أمنية خاصة لاعتقال الشابين اللذين كانا وسط الجمهور. وبعد شيوع خبر رفع راية التنظيم المتشدد شهدت الولاية استنفاراً أمنياً وتوافد مختلف الأجهزة للتدقيق في الأمر. وتمت إحالة الطالبين على الشرطة القضائية في الدار البيضاء، حيث وضعا رهن الحراسة النظرية في انتظار مباشرة التحقيق معهما، بعد إخضاع منزليهما للتفتيش. ولم يسفر التفتيش في بيت الطالب الأول عن أي نتيجة، في الوقت الذي حجزت عناصر الأمن فرشاة استعملها الطالب الثاني في رسم الراية وكمية من الطلاء. وخلال إخضاعهما للتحقيق اعترف الطالب برسمه راية «داعش»، وأن لا دخل لزميله بها، فأبقي قيد التحقيق كما تم حجز هاتفه المحمول لإرساله إلى المختبر الوطني لمزيد من البحث والتحري، في انتظار إحالة الطالب إلى الوكيل العام للملك في الرباط للنظر في التهم المنسوبة إليه. هذا التهور الشبابي يأتي في ظل الإجراءات الأمنية المكثفة التي تقوم بها الجهات الرسمية لملاحقة المجندين ضمن تنظيم «داعش»، بهدف وقف الخطر المتنامي الذي يشكلونه على البلاد. فالمغرب يتجه إلى اعتماد العديد من الاحتياطات للتصدي للعودة المحتملة لأكثر من ألف ومئة مغربي من المقاتلين الذين وصل منهم 128، وفق ما كشف وزير الداخلية محمد حصاد الثلثاء الماضي في مجلس النواب. وشرح الوزير أيضاً الاستراتيجية الاستباقية، لافتاً إلى أن الحكومة عملت على بلورة استراتيجية تمكن من حماية المغرب من استفحال ظاهرة الإرهاب، وذلك بمضاعفة العمل الاستخباري الذي ساهم حتى الآن بكشف خلايا قبل إقدامها على تنفيذ مخططاتها. وكشف حصاد أيضاً أن المغاربة المجندين يقبلون على تنفيذ العمليات الانتحارية إذ نفذ 20 مقاتلاً مغربياً عمليات انتحارية بالإضافة إلى وجود تسجيلات صوتية وفيديوات تم بثها عبر الإنترنت يتوعدون فيها بشن هجمات إرهابية ضد شخصيات نافذة في المجتمع المغربي. والمعطيات التي قدمها وزير الداخلية المغربي في البرلمان، استناداً إلى معطيات المصالح الاستخباراتية، تحدثت عن سفر حوالى ألفين من المغاربة، بمن فيهم حاملو الجنسيات الأخرى، للقتال في سورية والعراق ضمن صفوف «داعش»، لقي أكثر من 200 منهم حتفهم في تلك المعارك. أما من عادوا، أي ال 128 فألقي القبض عليهم وتم التحقيق الأمني معهم. ويتقلد مغاربة «داعش» مهمات قيادية في التنظيم، من قبيل «أمير عسكري» و»قاضي شرعي» و»أمير اللجنة المالية»، و»أمير للحدود الترابية»، فيما لا يخفي عدد منهم، نيته العودة إلى المغرب من أجل تنفيذ هجمات انتحارية، بما فيها استهداف شخصيات عامة.