كشفت تحريات أمنية أن اتصالات أُجريت بين قياديين في «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين» وناشطين مغاربة ركّزت على استقطاب المتطوعين المستعدين لتنفيذ هجمات ارهابية، وأن هذه الاتصالات كانت وراء إصرار متزعمي الخلية التي أعلنت أجهزة الأمن المغربية تفكيكها أول من أمس على اختيار ناشطين ذوي «مواصفات محددة» للقيام بهذه المهمات، في إشارة إلى الذين يبدون ميلاً لتفجير أنفسهم. وأضافت المصادر أن «القاعدة» في العراق طلبت إلى متزعمي الخلية إرسال ناشطيها الذين تلقوا تدريبات على استخدام الأسلحة إلى الصومال وأفغانستان، فيما طلبت خلية المغرب من جهتها إرسال خبراء في صنع المتفجرات إلى المغرب لمساعدتها في التخطيط لهجمات إرهابية داخل المملكة. وأوضحت المصادر أن الاتصالات مكّنت خلية المغرب من إرسال 18 متطوعاً إلى العراق تسللوا عبر الحدود السورية - العراقية حيث كان مسؤولو «القاعدة» في انتظارهم وفق سيناريو متفق عليه مسبقاً. وتتحدر غالبية المتطوعين المغاربة من المحافظات الشمالية للبلاد، وكانوا يترددون على أحد المساجد قبل ترتيب عملية سفرهم من هناك إلى العراق. وكانت إحدى الأسر المغربية تعرّفت على أحد أبنائها في شريط مصوّر سجّله قبل قيامه ب «عملية انتحارية». إلى ذلك، أفاد بيان لوزارة الداخلية المغربية مساء أول من أمس أن السلطات فككت خلية تضم 24 شخصاً متخصصة في «تجنيد المتطوعين لتنفيذ عمليات انتحارية في العراق ومرشحين للقيام بعمليات قتالية برعاية تنظيم القاعدة في الصومال وأفغانستان». وأضاف أن الخلية كانت «تنسّق مع إرهابيين في السويدوبلجيكا والمنطقة السورية - العراقية» وسبق لها أن أرسلت متطوعين وكانت بصدد استدراج عشرة آخرين من بين «إسلاميين محليين»، في إشارة إلى انتساب المرشحين المحتملين إلى تنظيمات متطرفة محظورة في البلاد. وفيما أعلنت مصادر قضائية أن المعتقلين رهن التحقيق برعاية الإدعاء العام، ربطت أوساط بين صدور بيانات عن تنظيمات حقوقية عرضت إلى «اختطاف واختفاء نشطاء» في بعض المدن المغربية في الفترة الأخيرة وبين إمكان أن تكون تلك الاعتقالات طاولت الشبكة وتم التستر عليها «لدوافع أمنية» كي لا تتسرب أنباء عن اعتقالهم «قد تساعد مطلوبين آخرين في الفرار». وتُعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن استقطاب متطوعين إلى الصومال وأفغانستان. فقد سبق للسلطات المغربية أن فككت تنظيمات مماثلة تلقى بعض أفرادها تدريبات على استخدام الأسلحة في معسكرات سرية في منطقة الساحل جنوب الصحراء. كذلك فإن تسريب معلومات حول عزم منتسبين إلى «القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي» زيارة المغرب يُعتبر سابقة (مقر قيادة فرع «القاعدة» المغاربي موجود في الجزائر). لكن المعطيات حول وجود امتدادات لمثل هذه التنظيمات في عواصم أوروبية سبق تداولها بخاصة بعد كشف النقاب عن هوية انتحاريين عرب ومغاربة كان بينهم نساء إحداهن كانت متزوجة من ناشط مغربي مقيم في بلجيكا. الى ذلك أحالت السلطات خمسة معتقلين على المحكمة العسكرية في الرباط ضمن شبكة كانت تحاول إدخال متفجرات وأسلحة إلى المغرب عبر الحدود الجنوبية مع موريتانيا الأسبوع الماضي. وكانت شرطة الحدود اكتشفت سيارة تحمل أرقاماً موريتانية على متنها أربعة موريتانيين وأحد المغاربة وتحوي كمية كبيرة من الذخيرة التي لا يزال البحث جارياً عن مصدرها أو الجهات التي كانت موجّهة إليها. وشددت السلطات المغربية الرقابة على حدودها مع موريتانيا منذ الأعمال الإرهابية التي كانت نواكشوط مسرحاً لها أخيراً. ويجري التنسيق بين مسؤولين أمنيين مغاربة وموريتانيين ضمن «الحرب ضد الإرهاب». على صعيد آخر، أعلن حزبا «الاتحاد الاشتراكي» و»العدالة والتنمية» عن تقديم قوائم موحدة في محافظة سوس لانتخابات ثلث مجلس المستشارين. وعلى رغم محدودية التنسيق بين الحزبين، فإن بياناً عن فرعهما في المحافظة عرض الاتفاق على اختيار متزعم القائمة هذه المرة من الاتحاد الاشتراكي، على أن يكون في الانتخابات الاشتراعية لعام 2012 من العدالة والتنمية، في إشارة الى استمرار التحالف الذي برز بعد الانتخابات البلدية الصيف الجاري. ويعزو الحزبان تحالفهما الى مواجهة ضغوط سياسية ظهرت بعد انتخابات البلديات لناحية اختيار رؤساء بلديات وعمداء مدن، إضافة الى رؤساء المجمعات، ما حتّم قيام تحالفات متباينة لا تكاد تخضع لغير منطق فرض النفوذ، خصوصاً أن الاشتراكي والعدالة (الإسلامي) التقيا في انتقاداتهما الموجهة ضد حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه الوزير السابق المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة، ما دفع بالأخير الى رفع دعوى قضائية ضد الأمين العام للعدالة والتنمية عبدالإله بن كيران الذي كان اتهمه ب «ممارسة الإرهاب» ضد خصومه، فيما سبق لقيادة الاتحاد الاشتراكي أن وصفت «الوافد الجديد» على المشهد السياسي بأنه يعود بالبلاد الى سنوات هيمنة الحزب الوحيد. وعلى رغم أن الاشتراكي يشارك في حكومة رئيس الوزراء عباس الفاسي التي يعارضها العدالة والتنمية، فإن مواقف الحزبين بدأت تتقارب في الدعوة الى تنفيذ إصلاحات دستورية جديدة وفي انتقاد الاكراهات الاقتصادية التي انعكست سلباً على الأوضاع الاجتماعية. وما زال الاشتراكي لم يحسم موقفه بعد إزاء ارتفاع أصوات من داخله تنادي بالعودة الى صفوف المعارضة وخوض استحقاقات 2012 من موقع آخر. في غضون ذلك، ما زالت الكونفيديرالية الديموقراطية للعمل التي يتزعمها النقابي نوبير الأموي متشبثة بمقاطعة انتخابات ثلث أعضاء مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) ما سيحصر المنافسة حول المقاعد المخصصة للمركزيات النقابية في ثلاث أو أربع نقابات فقط. بيد أن مراقبين ينظرون الى موقف الكونفيديرالية بمثابة مؤشر إلى تحول نحو تصعيد المواجهة ضد الحكومة، فقد كانت الكونفيديرالية ملتزمة الإذعان الى خيار السلم الاجتماعي والاكتفاء بالدعوة الى إضرابات قطاعية. لكن مصادرها تتوقع المزيد من العجز في مشروع الموازنة المالية لعام 2010 لجهة تدني نسبة النمو. الى ذلك، يعقد المجلس الوطني لحزب الاستقلال دورته العادية في نهاية الشهر الجاري، قبل يومين من اقتراع ثلث مجلس المستشارين، ورجحت المصادر أن يعرض الاجتماع الى تطورات الأوضاع السياسية في أفق خطاب الأمين العام عباس الفاسي رئيس الوزراء الذي بات مطمئناً الى وجود غالبية نيابية تدعم حكومته بعدما انضمت إليها الحركة الشعبية ذات المرجعية الأمازيغية.