تنحصر أدوار المعلقين في وصف أحداث المباراة، ولن يكون مستغرباً ثناؤهم أحياناً على لاعبين سجلوا، أو صنعوا أهدافاً مميزة، لكن المستغرب هو تحول المعلق فجأة إلى ناقد ومحلل ومدرب خبير يملك إمكانات استثنائية. وهو المنهج الخاص الذي اعتاد عليه المعلق السعودي عبدالله الحربي، إذ يقرر في أجزاء من الثانية الانشغال عن المباراة بإبداء الرأي والتعليق على أحداث من داخل الملعب، أو من خارجه غالباً، ما حدث في لقاء المنتخب السعودي الأخير بنظيره الأسترالي، فما إن نجح أصحاب الأرض في تسجيل هدفي التقدم، حتى ذهب المعلق السعودي بعيداً برأيه فانشغل بسرد أفكاره، والتعليق على أداء اللاعبين كافة. ولم يجد المعلق الشاب حرجاً في تقويم أداء الهولندي فرانك ريكارد، والتأكيد على أنه كمعلق بات أكثر إلماماً من مدرب برشلونة السابق، بما عانى منه المنتخب خلال المباراة، كما شرح حال الرياضة السعودية، وأعاد تقويم لاعبيها، وذهب أبعد من ذلك حين طالب الجماهير بعدم تضخيم لاعبيها بحكم فشلهم، وعجزهم عن التأهل إلى الدور الثاني. وعلى رغم أن النقاد الرياضيين كافة أبدوا بعض آراء مشابهة ضمن أحاديث إعلامية عدة، إلا أن شيئاً منها لم يأتِ ضمن المباراة، بينما يتبع النقاد طريقة واضحة في إبداء الرأي، بحيث تبدأ هذا الخطوة قبل المباراة، وتستمر بعدها، يبدأ الحربي المباراة بأسلوب المعلق الطبيعي مجرداً من آرائه - كونها لا تأتي ضمن مهام عمله - قبل أن ينتهي به المطاف محللاً وناقداً ومشجعاً متعصباً، لا يجد حرجاً في إبداء رأيه على الهواء مباشرة، من دون أن يمتلك من الوقت ما يكفي للتفكير في ما يقول، وهو ما يقوده أحياناً للخروج عن النص. فيما يرى متابعون بأن المعلق ينطبق عليه ما ينطبق على القضايا الوطنية، مثل مشاركات المنتخب، وما ينطبق على أبناء الشارع الرياضي السعودي كافة، يرى آخرون بأن المهنية يفترض أن تمنع المعلق من إبداء رأيه أو الحديث في شؤون، لا تأتي ضمن مهام عمله، خصوصاً أن مثل تلك الآراء، التي غالباً ما تأتي متسرعة تسهم أحياناً في التأثير على المتلقي. وسبق أن تداولت الجماهير الرياضية مقطعاً من تعليق الحربي على لقاء الهلال بضيفه ذوب آهن الإيراني، الذي خرج على إثره الأول من بطولة دوري أبطال آسيا، خلال المقطع هاجم الحربي بلغة حادة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ورئيسه حينها محمد بن همام، جاء ذلك بعد أن أخطأ رجل الخط في احتساب ركلة ركنية للهلال واستبدلها بضربة مرمى للفريق الضيف، وهو القرار الذي كان بعيداً عن التأثير على نتيجة المباراة، خصوصاً أن الفريق السعودي خسر اللقاء بهدف نظيف. مثل هذه المقاطع لاقت رواجاً واسعاً في الأوساط الرياضية، لأهداف تخدم جماهير نادي على حساب آخر، أو لتعزيز وجهات نظر قد لا تكون صحيحة، وعلى رغم نجاحها في تحقيق شهرة إلكترونية للحربي، إلا أن قيمتها الفعلية لا تزال غير واضحة حتى اليوم.