في اليوم الثاني لدخول القوات السورية حي بابا عمرو في حمص ذكرت تقارير المعارضة ان هذه القوات بدأت ملاحقة الناشطين الذين بقوا في الحي، كما قامت باعتقال الذين تفوق اعمارهم 14 سنة في مبنى من ثلاثة طوابق في الحي. وقال احد الناشطين ان الوضع في بابا عمرو هو «اسوأ من السيء» وان «الشبيحة» يفتشون البيوت بيتاً بيتاً ثم يشعلون فيها النار. ولم يتضح على الفور عدد المعارضين الذين قتلوا في الهجوم وعدد الذين انسحبوا. وذكر مصدر في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في جنيف ان هناك تقارير تشير الى قيام القوات السورية بارتكاب اعدامات جماعية بعد دخول بابا عمرو شملت مقتل 17 شخصاً. واعرب روبرت كولفيل الناطق باسم المجلس عن القلق ازاء «تقارير بدأت تخرج من حي بابا عمرو في حمص بعد ان سيطرت عليه القوات الحكومية». وقال الرئيس باراك اوباما، في مقابلة مع مجلة «اتلانتك مانثلي» نشر نصها امس، ان ايام الرئيس الاسد «باتت معدودة»، ولم يعد الامر يتعلق باذا ولكن بمتى» سيسقط. مضيفا ان واشنطن تعمل على تسريع الانتقال الديموقراطي في سورية. واقر بان سورية اكثر تعقيدا من ليبيا، وان دولا كروسيا تعرقل اتخاذ اي عمل في الاممالمتحدة. الا انه اشار الى الجهود التي تقوم بها الولاياتالمتحدة من خلال مجموعة «اصدقاء سورية» لايصال المعونات الانسانية الى المدن التي تتعرض لهجمات القوات السورية. واضاف «ولكن باستطاعتهم كذلك تسريع الانتقال الى حكومة سورية سلمية ومستقرة وممثلة» للسوريين، واشار الى انه «اذا حدث ذلك، فان هذه ستكون خسارة كبيرة لايران». وفي بروكسيل، دعا زعماء الاتحاد الأوروبي في قمة عقدوها امس لفرض المزيد من العقوبات على أعضاء الحكومة السورية. وقالوا في بيان ان الاتحاد الاوروبي يؤيد الجهود التي تبذلها الجامعة العربية لإنهاء العنف في سورية ويعترف ب «المجلس الوطني» السوري باعتباره ممثلا شرعيا للشعب السوري. وأكد المجلس «التزامه بمواصلة زيادة الضغط على النظام السوري ما دام العنف وانتهاكات حقوق الإنسان مستمرين». وفي نيويورك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الرئيس بشار الأسد في رسالة رسمية الى استقبال المبعوث الدولي - العربي كوفي أنان وتقديم كل المساعدة الممكنة له «في أقرب وقت». وعلمت «الحياة» أن أنان تصدى لمحاولات روسية وسورية بإسقاط البعد العربي من مهمته من خلال تأكيده العمل بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي نص على تطبيق قرارات الجامعة العربية. ولفت رسالة بان الى الأسد أن أنان مبعوث مشترك بين الأممالمتحدة والجامعة العربية، وحددت ثلاثة عناصر رئيسية لمهمته هي «القيام بمساع حميدة تهدف الى إنهاء كل العنف ومعالجة القضايا الإنسانية والسعي الى حل سلمي للأزمة السورية بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة». وذكرت أن أنان «سيتشاور بشكل موسع وينخرط مع الأطراف المعنيين داخل سورية وخارجها». وقال بان، في الرسالة التي حصلت «الحياة» على نسخة عنها: «مع خطورة الوضع داخل البلاد (سورية) وإفرازات ذلك على المنطقة ككل وما بعدها، تعلق الأسرة الدولية توقعات كبرى على المهمة التي يتولاها المبعوث المشترك». وتلقى أنان دعماً من مجلس الأمن أمس في جلسة مغلقة عقدها مع سفراء الدول الخمسة عشر، بمن فيهم سفيرا روسيا والصين، في مبنى الأمانة العامة. وقال السفير الفرنسي بعد اللقاء إن «الدعم كان كبيراً لأنان الذي سيحاول الانخراط في مهمته مع الحكومة والمعارضة في سورية»، لكنه أشار الى أن أنان لا يملك «خطة سحرية، وهو لا يزال في المرحلة الاستطلاعية لمهمته». وقالت مصادر عربية في نيويورك إن أنان حضر اجتماع غداء استضافه بان مع سفراء السعودية عبدالله المعلمي والمغرب محمد لوليشكي ومصر ماجد عبدالعزيز وقطر مشعل بن ثاني. وأضافت أن أنان أكد خلال الاجتماع أنه يعتزم الاتصال بجميع الأطراف «بمن فيهم روسيا والصين وإيران والدول الغربية والدول العربية، إضافة الى اعتزامه الاجتماع مع الحكومة السورية والمعارضة السورية». وأضافت «أن أسلوب أنان هو الاستماع الى كل الأطراف وأنه سيتوقف في القاهرة في 7 الشهر الحالي في طريقه الى دمشق». وتابعت أن أنان «طلب المساندة المعنوية من الجميع لكنه شدد على ضرورة خفض التوقعات من مهمته مشيراً الى أنها ستكون مهمة صعبة وستستغرق وقتاً». وقالت إن أنان حدد عناصر مهمته «هي 3 أولويات هي أولاً وقف أعمال العنف ووقف النار وثانياً تأمين المعونات الإنسانية، وثالثاً العمل على حل سياسي». وأشارت المصادر الى أن أنان أجرى اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي أبلغه «أنه مرحب به كمبعوث أممي فقط لأن سورية لا تعترف بقرارات جامعة الدول العربية المتعلقة بسورية». ميدانيا، اكد عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبدالله في اتصال هاتفي من حمص مع وكالة «فرانس برس» خبر الاعدامات. وقال: «من تبقى في بابا عمرو ليس ناشطا ولا منشقا والا لما بقي في الحي. هذا الامر يجعلنا نفكر ان الاعدامات انتقائية... والهدف منها الانتقام من بابا عمرو». وكانت الأوضاع الانسانية قد ساءت كثيراً في الحي الذي تعرض لقصف عنيف. وأظهرت لقطات تلفزيونية الثلوج تغطي المنطقة وانخفضت درجة الحرارة بشدة في حين لا يتوافر للسكان الوقود او الكهرباء اللازمان للتدفئة. وهناك ايضا نقص في الأغذية والإمدادات الطبية. ولم يفلت اي مبنى تقريبا من أضرار قصف المدفعية وتحمل مبان كثيرة آثار أعيرة نارية. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول لبناني مقرب من دمشق إن هزيمة قوات المعارضة في حمص ستجعلها بلا اي معقل رئيسي في سورية مما يخفف حدة الأزمة التي يواجهها الأسد الذي لا يزال واثقا من قدرته على الخروج منها. في هذا الوقت تظاهر الآلاف من المناهضين للنظام في «جمعة تسليح الجيش الحر»، وترافقت التظاهرات مع اعمال عنف سقط بنتيجتها 65 شخصاً على الاقل، بينهم 32 في محافظة حمص. وفي مدينة الرستن اطلقت قذيفة على تظاهرة ما ادى الى مقتل 16 شخصاً على الاقل بينهم خمسة اطفال تم التعرف على اثنين منهم (9 و12 عاما). وتعرضت الرستن لاطلاق نار كثيف وسقوط قذائف من القوات التي تحاصر المدينة. واعلن رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر جاكوب كيلنبرغر ان قافلة اللجنة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر السوري لم تتمكن من دخول بابا عمرو، رغم اعلان السلطات موافقتها على ذلك، واعتبر ان «من غير المقبول الا يتمكن اشخاص ينتظرون المساعدات العاجلة منذ اسابيع، من الحصول على اي دعم». واضاف ان القافلة «ستبقى هذه الليلة في حمص على امل التمكن من دخول بابا عمرو قريبا جدا». ومن جهة اخرى قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها تسلمت من السلطات السورية جثتي الصحافيين اللذين قتلا في 22 شباط (فبراير) وهما الاميركية ماري كولفين والمصور الفرنسي ريمي اوشليك وإنها تنقلهما بسيارة اسعاف من حمص الى دمشق. بينما تم نقل الصحافيين الفرنسيين اديث بوفييه ووليام دانييلز اللذين كانا محتجزين في حمص على طائرة رسمية فرنسية من مطار بيروت الى مطار فيلاكوبليه قرب باريس. والقى ساركوزي كلمة قصيرة امام عائلتي الصحافيين في المطار قال فيها ان النظام السوري ينبغي ان «يحاسب امام محاكم دولية» لمسؤوليته عن مقتل الصحافيين كولفين واوشليك وعن كل «الجرائم» التي ارتكبها.