لم يصل المشجع الرياضي السعودي طوال حياته إلى حالة الحسرة والحزن التي يشعر بها هذه الأيام، ولم يمر الرياضي العاشق لرياضة بلده بخيبات أمل مستمرة ونتائج مذلة وانكسارات متوالية، مثل تلك التي ذاق مرارتها أول من أمس، بعد ما قدمه جيل هزيل من اللاعبين غيبوا تاريخ كرة القدم السعودية، وهدموا كل ما بناه جيل العمالقة قبلهم، فغاب المستويات والروح القتالية. ولم يقدم لنا يوم أمس جديداً، إذ استمرت الأخطاء أمام صمت الأجهزة الفنية والإدارية، أما المحصلة النهائية فكانت خروج مذل ل «الأخضر» من الباب الضيق الدور التمهيدي، إما في المركز الأخير أو قبله الأخير غير آبه بمشاعر الملايين من الرياضيين والمواطنين الغيورين على رياضة وطنهم. خسارة الأمس جاءت لتقف إلى جوار شقيقاتها في سلسلة النتائج المريرة التي استمرت طوال السنوات الأخيرة لتثبت من جديد ضعف منظومة العمل وفشل خطط وبرامج باتت مكشوفة، بعد أن «أكل عليها الزمن وشرب»، وعلى رغم أن الشارع الرياضي السعودي عاش لحظات ترقب وحذر قبل المواجهة الماضية، فغاب الطلاب عن مدارسهم، وتفرغ المبتعثون في أستراليا للمشهد الوطني، وهرب الموظفون بحثاً عن فرحة غابت طويلاً، وتسمّر الجميع أمام شاشات التلفزيون منذ وقت مبكر، بانتظار ياسر القحطاني ورفاقه. وأمام البداية اللافتة للمنتخب في الشوط الأول، بعد التقدم بهدفي سالم الدوسري وناصر الشمراني، تبددت مخاوف السعوديين وطغت لغة الثقة المفرطة على أحاديثهم طوال الدقائق ال15 التي فصلت بين الشوطين، لكنها لم تكن سوى دقائق تلك التي نجح من خلالها أصحاب الأرض في وأد الفرحة الخضراء في مهدها ليتحول التفاؤل حزناً وتنقلب النشوة سخطاً، انهار «الأخضر» في أقل من ثلاث دقائق، وضاع حلم «مونديال آخر»، وودع المنتخب السعودي التصفيات الآسيوية من الدور التمهيدي، وتأسف الطلاب على غيابهم والموظفون لضياع أوقاتهم على مشاهدة أنصاف لاعبين. وحاول رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الأمير نواف بن فيصل، حفظ ماء وجه اتحاده وسارع مع الأعضاء كافة إلى تقديم استقالاتهم في طريقة جديدة لمفهوم «الاعتذار»، بحثاً عن امتصاص غضب الشارع الرياضي، لكن الحقيقة ظلت كما هي ف«الأخضر السعودي» مات واقفاً.