منذ عامين قدم المخرج السوداني عطا شمس الدين مسرحيته «لمبة الملاحظة» في إطار مهرجان ايام الخرطوم المسرحية، وهي تقارب المستجدات التي أحدثتها الثورة التكنولوجية على العمالة التقليدية في ميناء بورسودان. ثمة سيدة تبيع الشاي لعمال الميناء، تحاول مساعدتهم في تصليح «الرافعة»، قبل ان يستغني عنهم «الملاحظ» مستعيناً برافعة حديثة. تقوم السيدة بدفع كل ما ادخرته لإعانتهم. المشهد نفسه انتقل من خشبة المسرح الى الواقع، اذ ساعدت سيدة سودانية تبيع القهوة والشاي و تدعى «عشة»، فرقة «الورشة الجوالة» للمسرح، ودفعت جزءاً من مالها المدخر (حوالى 500 دولار)، لتغطية نفقات سفر الفرقة للمشاركة في مهرجان الدارالبيضاء الدولي للمسرح الجامعي الذى بدأ أمس. وكانت الفرقة «المستقلة» عجزت عن توفير ثمن تذكرة لأحد عناصرها بعدما استنفدت كل الاصدقاء والجهات من بينها مكتب الهيئة الدولية للمسرح في الخرطوم، ولم تجد عوناً. ما اضطرها الى قبول مكرمة «ست الشاي» التي تعمل تحت اشجار المسرح القومي، على ان يتم السداد عقب عودة الفرقة، كما قال مديرها ربيع يوسف في حديثه مع «الحياة»! و «ست الشاي» هو الاسم الذي يطلقه السودانيون على واحدة من السيدات الفقيرات اللواتي يعتمدن على بيع القهوة والشاي في الطرقات وتحت اشجار المرافق العامة في المدن. وعلى رغم ان السلطات المحلية عادة ما تواجههن بحملات مطاردة، إلا انهن يتابعن تسيير حياتهن العملية بالبحث عن أماكن أخرى! وبات واضحاً في الآونة الاخيرة احتفاء بعض الفنانين والمثقفين السودانيين ب «ستات الشاي» ووصل الأمر بأحد الفنانين التشكيليين ان اختار واحدة منهن لافتتاح معرض رسومه.