ولّى الزمن الذي كانت فيه الماركات العالمية مثل «لوي فويتون» و«غوتشي» و«هيرميس» توجه أنظارها نحو الصين، إذ بدأت هذه العلامات التجارية الكبرى تعتمد استراتيجية مختلفة تركز فيها على الولاياتالمتحدة. وبعد تخطي الأزمة، ارتفعت مبيعات مجموعات السلع الفاخرة في شكل ملحوظ في الولاياتالمتحدة، حيث تزداد الاستثمارات في ظل انحسار الفقاعة الصينية بعد إهمال هذه السوق بعض الشيء في العقد الأول من القرن الحالي. وأعلن المدير التنفيذي ل «كيرينغ» فرنسوا - هنري بينو، هذه المجموعة التي تملك 17 ماركة فاخرة من بينها «غوتشي» و«بوتيغا فينيتا» و«سان لوران» و«بالنسياغا»، أن «السوق الأميركية هي رئيسة في قطاع السلع الفاخرة وتتمتع بطاقة كبيرة». وبدفع من الوضع الجيد للعقارات والبورصة، شهدت سوق السلع الفاخرة في الولاياتالمتحدة نمواً يزيد على ذلك المسجل في الصين العام الماضي. وقُدرت ب 65 بليون يورو في سوق عالمية تبلغ 217 بليوناً، بحسب مجموعة «بين أند كومباني» التي تتوقع نمواً يتراوح بين 6 و7 في المئة للسوق الأميركية، في مقابل 4 إلى 6 في المئة على الصعيد العالمي». وتوقعت مجموعة «بوسطن كونسالتينغ غروب» (بي سي جي) الاستشارية، أن تشهد الولاياتالمتحدة «نمواً أسرع من ذلك المسجل في الصين في مجال السلع الفاخرة حتى عام 2020». ويُعزى ذلك إلى التدفق المتزايد للسياح الذين ينفقون مبالغ كبيرة على السلع الفاخرة، خصوصاً من آسيا وأميركا الجنوبية. كما أن نسبة الأغنياء مرتفعة في الولاياتالمتحدة، إذ أن ثلث أصحاب الملايين في العالم هم من الولاياتالمتحدة، حيث تتوسع أيضاً صفوف الطبقة الوسطى. ويمكن أيضاً تحسين الوضع، لأن الأميركيين لا يُعتبرون بعد من مستهلكي السلع الفاخرة الكبار، على ما أوضحت ساره ولرسدورف من مجمموعة «بي سي جي». ويُلاحظ أن الماركات العالمية التي تُعد الأشهر في مجال السلع الفاخرة ليست منتشرة على صعيد واسع في الولاياتالمتحدة كما هي الحال بالنسبة إلى الماركات المحلية، من قبيل «تيفاني» ورالف لورن» و«مايكل كورز» و«كالفن كلاين». وأشهرها «لوي فويتون» (مجموعة أل في أم أش) لم تحقق في الولاياتالمتحدة إلا 15 في المئة من رقم أعمالها البالغ 7.3 بليون يورو في مقابل 60 في المئة في آسيا. وتسجل «غوتشي» و «شانيل» 20 في المئة من مبيعاتهما في بلاد العم سام، في مقابل 17 في المئة ل «هيرميس» و 25 في المئة ل «بوربوري». كما لم تحقق مجموعة «كيرينغ» إلا 18 في المئة من رقم أعمالها عام 2013 في الولاياتالمتحدة، حتى لو ارتفعت مبيعاتها بنسبة 7.6 في المئة إلى 1.2 بليون يورو. أما «أل في أم أش»، فسجلت 23 في المئة من مبيعاتها هناك. وبات عمالقة السلع الفاخرة الأوروبية يكثرون من فتح فروع في نيويورك وميامي ولوس أنجلس، إضافة إلى لاس فيغاس وشيكاغو ودالاس. وفتحت مجموعة «كيرينغ» وحدها 50 متجراً منذ عام 2012، وهي تعتزم فتح مزيد منها نهاية عام 2016. وفي جادة «فيفث آفينيو» في نيويورك، فتحت «غوتشي» أكبر متجر لها في العالم بعد توسيعه وترميمه في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وبهدف تحقيق النتائج المرجوة في الولاياتالمتحدة، يجب على العلامات الأوروبية تكييف استراتيجياتها مع خصوصيات المستهلكين الأميركيين الذين يحبذون التبضع على الإنترنت وفي المراكز التجارية الكبيرة، خصوصاً في تلك التي تبيع البضائع بأسعار مخفضة. ولا تزال متاجر «نيمن ماركس» و «بيرغردورف غودمان» و «بارنيز» و «مايسيز» رمز الاستهلاك الأميركي، مع استقطابها النسبة الأكبر من المستهلكين. وهي تحقق 52 في المئة من مبيعات السلع الفاخرة في الولاياتالمتحدة، في مقابل 17 في المئة من هذه المبيعات عبر الإنترنت و29 في المئة في متاجر الماركات، بحسب «بي سي جي». وأكد مورتيمر سينغر من مجموعة «مارفن تراوب آسوشييتس» أن المتاجر الأميركية الكبيرة هي «المدخل الأساس للماركات إلى الولاياتالمتحدة». لكن «غوتشي» و «لوي فويتون» مثلاً حريصتان على استعادة بضائعهما من هذه المتاجر الكبيرة التي قد تلحق أضراراً بالماركات من خلال بيع سلعها بأسعار مخفضة جداً. وتخسر هذه المتاجر بعضاً من مكانتها، لكنها تكثف من المشاريع الابتكارية لاستقطاب الزبائن الأثرياء.