يعاني جهاز الاستخبارات التركي اضطراباً وانشغالاً، في إطار محاولة لإعادة ترتيب بيته الداخلي، بعد مشاكل واجهها أخيراً، إذ أعلن إعفاء مدير استخبارات اسطنبول من منصبه، من دون الكشف عن اسمه، وهو من أهم المناصب في الجهاز، اذ يُعتبر المسؤول عن الأمن ومتابعة عملاء الاستخبارات الأجانب في المدينة التي يقطنها أكثر من 15 مليون شخص، وتُعتبر من أهم «أوكار» التجسس العالمي. أتى الخبر بعد الإعلان عن أزمتين: الأولى استدعاء قاضي التحقيق في قضية التنظيم السري ل «حزب العمال الكردستاني» المحظور، رئيس الاستخبارات هاكان فيدان، وهو أحد أكثر المقربين من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، للتحقيق بوصفه مشتبهاً به في القضية، مع أربعة من قادة الاستخبارات، وذلك للاشتباه بمساندته الحزب أو تغاضيه عن معلومات مسبقة في شأن عمليات مسلحة وهجمات نفذها الحزب ضد أجهزة الأمن في تركيا. وتم تجاوز الأزمة سريعاً، من خلال سنّ الحكومة قانوناً خلال 48 ساعة، يمنح رجال الاستخبارات حصانة من الإدلاء بإفاداتهم أمام المحاكم الجنائية. ولقي القانون انتقاداً شديداً من المعارضة التي اعتبرت أنه يضع رجال الاستخبارات فوق القانون، لتنفيذ أجندة خاصة بأردوغان وحكومته. أما الأزمة الثانية، فكانت اعتقال عنصر من الاستخبارات التركية في مدينة أضنة جنوب تركيا، بتهمة التخابر مع الاستخبارات السورية وتسليم العقيد السوري المنشق حسين هرموش الى دمشق، بعد خطفه من مكان اختبائه في محافظة هاتاي على الحدود مع سورية. وكان هرموش في حماية الأمن التركي، لكن عنصر الاستخبارات التركية الذي لم يُكشف عن اسمه أيضاً، المسؤول عن التواصل معه، خطفه وسلّمه الى دمشق، كما أعدّ تقريراً للاستخبارات التركية ورد فيه أن هرموش ذهب بمحض إرادته الى القامشلي للقاء منشقين عسكريين سوريين، حيث أوقع به. ووُجهت اتهامات للاستخبارات التركية، اذ حمّلته صحيفة تركية مسؤولية تزويد الجيش معلومات خاطئة، أدت الى قصف مهربين أكراداً على الحدود مع العراق في 28 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ما أسفر عن مقتل 35 منهم خطأً، اذ اعتقد الجيش بأنهم مسلحون من «الكردستاني»، كانوا يحاولون التسلل الى تركيا. وعلى رغم نفي الاستخبارات وأردوغان ذلك، لم يُكشف حتى الآن عن مصدر المعلومات التي أدت الى القصف. وكان أردوغان فاجأ كثيرين، بتعيينه ذراعه الأيمن هاكان فيدان رئيساً للاستخبارات، في أيار (مايو) 2010، مخالفاً الأعراف التي تقضي بتعيين رجل من داخل الجهاز، في هذا المنصب الحساس. وتحفظت اسرائيل على تعيينه، باعتبار أنه كان شارك في المفاوضات السرية في شأن الملف النووي الايراني.