تضخمت أعداد البرامج والقنوات على موقع «يوتيوب» التي يقوم بإعدادها شبان سعوديون، ليستغل هؤلاء «المتكاثرون» مجال الحرية المفتوح وعدم وجود رقيب عليهم، ما منحهم مساحة أكبر للتعبير عن آرائهم، لتبث تلك القنوات ما عجزت عنه الفضائيات والقنوات الرسمية. بعضهم اتجه لنقد الخدمات الحكومية المقدمة، وآخرون اتجهوا لنقد ما يطرح على «يوتيوب»، ومنهم من تخصص في الرياضة وتحليل ما يراه بعين المشجع الرياضي، ليصل عدد البرامج المقدمة على الموقع الشهير أكثر من 45 عملاً منوعاً، استطاع القائمون عليها – ولو بدرجات متفاوتة – جذب أكبر عدد ممكن من الزوار من داخل وخارج السعودية، إلا أنهم يواجهون معوقات، غالبها تتعلق بكلفة الإنتاج. من أوائل البرامج التي ذاع صيتها من هذا النوع، كان «التاسعة إلا ربع» الذي انطلق في آذار (مارس) 2010، يقول منتج البرنامج طارق الحسيني في الموسم الأول كان التمويل يأتي من شركة باب وشبكة أبو نواف، ولكن من الموسم الثاني باتت شبكة أبو نواف هي الممول الوحيد. ومن أين أتت الفكرة، يجيب الحسيني: «بدأت فكرة حلقات «يوتيوب» الشبابية، بإنتاج فردي، إلا أن الضعف التقني والفني كان يعتريها، لكن محاولة إياد مغازلي هي الأبرز، لتميزها في الشكل والمضمون والأداء في مدونته المرئية على يوتيوب، وعلى رغم توقفه عند إنتاج حلقتين منها، إلا أنها حققت نجاحاً ونسب مشاهدة عالية». وأشار إلى أنه بدأت تتشكل ظاهرة برامج «يوتيوب» وانبثقت «قناة صح» كأول قناة سعودية تعرض برامجها على يوتيوب فقط. من أين أتت أموال الإنتاج؟ يقول الحسيني: «تختلف من برنامج لآخر، فمثلاً التاسعة إلا ربع في موسمه كان عبارة عن شراكة تمويلية بين شركة باب وشبكة أبو نواف ثم أصبح بين شبكة أبو نواف وبين أصحاب البرنامج». أما برنامج «على الطاير» فينتج تحت مظلة شركة «يوتيرن» التي أنشأت لبرامج الإعلام الجديد تحديداً، والشراكة فيها عبارة عن تمويل مالي من الشريك الأول وجهد وعمل من بقية الشركاء، بينما برنامج «لا يكثر» لم تضخ فيه أموال لإنتاجه، وأنتج البرنامج من خلال جهود ذاتية من أصحابه بتوزيع مهام العمل بينهم. ونفى الحسيني أن يكون الداعم لمثل هذه البرامج «الهروب من النقد»، مؤكداً أن برنامج «التاسعة إلا ربع» لم يتجاوز الخطوط الحمراء، مشيراً إلى أن برامج يوتيوب أثبتت نضجاً وذكاء في التعامل مع الواقع من دون مجاملة وتلميع، ومن دون تجريح أو إهانة لأي جهة يتم انتقادها، معتبراً أن «الوعي لدى القائمين على تلك البرامج مرتفع، بما يسمح باستمرارها طوال هذه الفترة». وعن مدى تأثير هذه القنوات على أفكار الشباب، وهل غيرت في الشاب السعودي شيئاً، قال: «التغييرات متنوعة جداً، ولكن لا ندرك معظمها حالياً، ولا نعرف مدى عمقها في الشاب، ما يهمنا في برنامجنا على الأقل أن نتمكن من التغيير الإيجابي ولو في جزئية بسيطة إلى الأفضل». جزيرة غطينوس... التغطية والغطس منتج وممثل «جزيرة غطينوس» محمد العوهلي، من أولئك الذين سلكوا الطريق ذاته، وعلى رغم أنه جاء متأخراً مقارنة بمن سبقوه، إلا أنه أتى بما لم يأت به الأولون، بتركيزه على نقد السلوكيات وطريقة تحسينها، وانتقاد سلبيات المجتمع، مبتعداً عن نقد الخدمات والجهات الأخرى، إذ يعتمد على «لغة تثقيفية» للمجتمع، يقول العوهلي إن «جزيرة غطينوس» اختلفت بالطرح الهادف، الذي يناقش فكراً ومنهجاً، ولا يناقش أحداثاً أو يعلق على أخبار بشكل ساخر». ويشرح وجهة نظره بأن البرنامج يحاول أن يخلق منهجاً فكرياً متكاملاً، لأنه «بالفكر تتغير المجتمعات وليس بأي شيء آخر»، ويضيف: «أنا أضحك من موقف محدد، لكن ما الفائدة إذا لم أعرف كيف أعالج ذلك الموقف، واستمرت الأجيال على الشاكلة ذاتها، وباتت السخرية سبيلنا الوحيد». وعن سر اختياره لاسم «جزيرة غطينوس»، أوضح أن أسباباً تتعلق بجذب الانتباه وخلق نوع من الفضول لدى المشاهد كونه اسماً غريباً تدخلت في صناعة الاسم، إضافة إلى أن كلمة «غطينوس» عبارة عن نتاج دمج مجموعة من الكلمات منها «التغطية» فنحن نغطي عيوبنا بدلاً من حلها، ومنها «الغطس»، إذ عمدت إلى الغوص في أعماق المشكلات بدلاً من إلقاء الضوء على قشورها، أما بخصوص تشبيهها ب«جزيرة»، فهي لخلق عالم وهمي ممكن أن نتقابل به ويكون نواة لكيان قد يتطور في المستقبل. وأشار إلى أن ردود الفعل من الزائرين كانت أكثر من رائعة، «وذهلت لهذا الكم من الردود المؤيدة والمتعطشة للفكرة، وهذا شجعني كثيراً». وعن أبرز العقبات التي واجهته، قال: «كانت في إيجاد شريك يؤمن بالفكرة، خصوصاً أنها ليست كسائر الموجود، ولا يوجد قصص أو معايير للقياس، وهذا ينسحب على التمويل، إضافة إلى اضطراري للسفر إلى الأردن لتصوير كل حلقة، ما يعيق عملي أحياناً ويرهقني، وأنا أقوم بالتمويل من حسابي الخاص، وأسهمت شركة «خرابيش» بنصف مبلغ الإنتاج على أن تسترده في حال أتى للبرنامج راعي». وأكد العوهلي أن الجمهور السعودي «متعطش» لمثل هذه البرامج، «والدليل كثرة المتابعين والأرقام التي وصلت إليها تلك البرامج، وهذا نجم عن نجاح تلك البرامج في التعبير عن هموم الشباب، خروجاً عن السياق النمطي للإعلام التلفزيوني بمقص الرقيب الكبيرة وبعفوية الشباب». وذكر أن المواضيع عادة تكون محددة مسبقاً لتغطي مجموعة أفكار يعتقد أنها الأكثر تأثيراً في واقع المجتمعات «صغت كل حلقة بأسلوب مختلف، ولكن وفق منهج واحد أو بصمة خاصة للبرنامج، فكتابة حلقة تتطلب مني شهراً للإعداد من قراءة وإعداد مراجع ومقاطع فيديو ومن ثم تجهيز الرسوم المتحركة المكملة للسياق». تجاوز الخطوط الحمراء أوضح العوهلي انه تجاوز خطوط حمراء في انتقاد الذات قبل المجتمع، «وذلك ما لم يتعود عليه المجتمع فقد سماني البعض بالعميل، لأنني طالبت بالتركيز على عيوبنا قبل نقد المحيط، ما سبب رد فعل عند بعض الساخطين على بعض الأمور في الحياة عامة». ويؤكد صاحب جزيرة غطينوس أن برامج يوتيوب شهرة ومسؤولية «لأنها تسير بخط متوازٍ، وأحياناً يتقاطع هذان العاملان عندما يكون طريق الشهرة على حساب بعض ثوابت المجتمعات وقيمه، وليس كل من دخل تلك الوسيلة حقق ذلك، فهناك الآلاف ممن يصورون الفيديوهات يومياً، ولكن قلة التي تصلنا ونعرفهم أو يتركون أثراً». وذكر أن هناك شباناً سعوديين مبدعين في هذا الجانب، والتكامل في الارتقاء بالمجتمع مع إيماني بأن مجتمعنا يحوي الكثير من المبدعين والشباب الذي يحتاجون إلى الدعم والتوجيه وتذكير بسيط كي يحقق المطلوب. وأشار إلى أن هدفه أن يرى مجتمعه الأفضل في العالم، «شعاري: العالم مستدير، فما تعتقد أنها نقطة نهاية في نظرك، أعلم أنها ستكون نقطة بداية لشخص آخر في مكان آخر حول العالم، فلا تتوقف». سماحة: التقليد في برامج «يوتيوب» لا يقود إلى الابتكار والإقناعبازيد: الجمهور يبحث عن إعلام «يمثله» ولا يمارس «الأستاذية»برامج «يوتيوب» السعودية... شباب كوميدي «صناعة محلية»البتيري «لا يتجاوب»منتج «صاحي»: البحث عن المواهب «الأصعب»