قال مسؤول فلسطيني ل «الحياة» أمس، إن إسرائيل تسعى ضمناً في اقتراحها للتهدئة إلى «تفكيك البنية العسكرية» ل «حماس» و «الجهاد الإسلامي»، خصوصاً بنية صناعة الصواريخ في قطاع غزة، مشيراً إلى رفض الحركتين هذا الاقتراح وتمسكهما ب «حق الدفاع عن النفس ورفع الحصار وفتح المعابر» مع غزة. وأكد أن الذراعين العسكريين ل «حماس» و «الجهاد» أطلقا أكثر من 700 صاروخ «جميعها محلي الصنع»، وأن البنية التحتية لللصواريخ «لم تتأثر مطلقاً» بالعدوان الإسرائيلي. وأوضح أن قيادتي «حماس» و «الجهاد» قررتا بعد العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2012 توفير «بنية تحتية بخبرات وكوادر فلسطينية لصنع صواريخ وفق برنامج زمني بهدف خلق نوع من توازن الرعب مع إسرائيل. الصواريخ لا تملك قدرة تدميرية هائلة، لكنْ لها بعد نفسي كبير أفشل مفاعيل القبة الحديد» الإسرائيلية. واعتبر أن كوادر «حماس» و «الجهاد» استفادت من دورات عسكرية مكثفة، ثم قامت بتأسيس البنية التحتية بطريقة سرية بحيث لا تقوم بين خلاياها روابط مباشرة. وقال: «كل مجموعة كان مسؤولاً عن صنع قسم معين من الصواريخ في ورشات منفصلة، على أن تكون هذه المجموعات بعيدة تماماً من المجموعات التي تقوم بإطلاقها من دون علاقة بالقيادات السياسية لكل من حماس والجهاد». وفيما صنعت مجموعات «كتائب عز الدين القسام» التابعة ل «حماس» صواريخ «آر-160» و «ام - 75»، فإن «سرايا القدس» الجناح العسكري ل «الجهاد»، صنعت «براق- 70» و «براق-100» الذي يشبه صاروخ «فجر» الإيراني الموجود لدى «حزب الله». وكانت «حماس» و «الجهاد» تمكنتا من استهداف مدينة تل أبيب بثلاثة أو أربعة صواريخ عام 2012، غير أنهما وسعتا في الأسبوع الأخير من مدى هذه الصواريخ التي وصلت إلى الخضيرة ونتانيا شمال تل أبيب. وأوضح المسؤول: «باتت المحافظة الكبرى لتل أبيب، التي تضم نحو ثلاثة ملايين شخص، في مرمى صواريخ المقاومة». وزاد: «معادلة ما بعد تل أبيب باتت أمراً واقعاً في المواجهة الأخيرة»، مضيفاً: «هذا الإنجاز كان نتيجة العمل بصمت وسرية ليلا نهاراً خلال سنة ونصف السنة استعداداً لهذه المعركة». وتابع: «لم يستطع الإسرائيليون إلى الآن إصابة أي من ورشات التصنيع لهذه الصواريخ لأننا منذ عام 2012، كنا نعرف أنها لن تكون المواجهة الأخيرة، بل كانت مجرد تهدئة». وبعد مرور أسبوع، بدأت اتصالات للتوصل إلى تهدئة، وبحثت «حماس» عن وساطة في قطر أو تركيا لإنجاز تهدئة، في حين تمسكت «الجهاد» بالدور المصري، لاعتقادها بأن تهدئة 2012 وسابقاتها كانت بدور مصري، إضافة إلى «حكم الجغرافيا ووجود ارتباط بين غزة ومصر». من جهتها، أرادت إسرائيل طرفاً للتواصل معه لمتابعة تنفيذ أي اتفاق للتهدئة، الأمر الذي ليس متوافراً في أنقرة أو الدوحة. كما جرى اقتراح أن يكون الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وسيطاً في التهدئة، الأمر الذي لا يريده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. فوضعت كل هذه العوامل القاهرة ممراً للتهدئة. وقال المسؤول الفلسطيني إن الجانب الأميركي لم يكن في البداية مستعجلاً لإنجاز تهدئة كي يعطي فرصة لنتانياهو لتحقيق أهدافه، لكن مع مرور الوقت وعدم تحقيق ذلك وإرسال «حماس» و «الجهاد» رسالة ميدانية عند ضرب مدرعات إسرائيلية بصواريخ «كورنيت» المضادة للدروع لتحذير إسرائيل من اجتياح بري، بدأ الجانب الأميركي بالتحرك لدى القاهرة بحثاً عن تهدئة بعدما «تأكد حصول تقدير في القدرة الميدانية للمقاومة». وزاد أن «حماس» و «الجهاد» لا تريدان أن يحقق الإسرائيلي سياسياً ما عجز عن تحقيقه عسكرياً، لأنهما ترفضان مبدأ التهدئة مقابل التهدئة، إضافة إلى رفض كامل لاقتراح «تفكيك سلاح المقاومة» مع التمسك ب «حق الدفاع عن النفس». ووفق المسؤول، هناك اقتراح يقوم على العودة إلى تفاهمات عام 2012 الذي تضمن وقف العدوان، وان تلتزم إسرائيل وقف الاجتياحات والاغتيالات وإزالة المنطقة العازلة مع السماح للصيادين بالعمل وفتح معابر عزة، معتبراً أن «إسرائيل لم تلتزم بنوده ومصر لم تساعد. لذلك تصر المقاومة على بند مستقل يتضمن رفع الحصار وفتح المعابر». وأضافت «حماس» بنداً إضافياً يتعلق بإطلاق نحو 50 شخصاً كانت إسرائيل اعتقلتهم بعد الإفراج عنهم في «صفقة» الجندي غلعاد شاليت. وأشار إلى أن الحركتين تسعيان إلى الإفادة من «الواقع العسكري الجديد الذي فرضه البعد النفسي للصواريخ التي أظهرت أن قبة الحديد لم تحل مشكلة وصولها إلى القلب الحيوي لإسرائيل.