قالت مصادر معنية بتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، برئاسة زعيم تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري، أن الاتصالات في شأنها ما زالت قائمة بعيداً من الأضواء سواء في شأن توزيع الحصص والأعداد على الفرقاء أو في شأن التركيبة بكاملها. وأوضحت هذه المصادر أنه على رغم الانطباع السائد بأن الاتصالات في شأن التأليف جامدة، في انتظار تجدد الاتصالات السعودية – السورية، وفي ظل ترقب لما ستؤول اليه جهود التقارب بين الدول العربية ومنها العلاقة السورية – المصرية، فإن التواصل بين الحريري والقوى السياسية المختلفة قائم ومستمر على مدار الساعة، وأن ثمة أفكاراً يجري التداول فيها بعيداً من الأضواء حول شكل الحكومة المقبلة. وذكرت المصادر ل «الحياة» أن نقاشاً داخلياً جدياً يدور بين الحريري والفرقاء وأن الحديث العلني عن شروط وشروط مضادة مسألة طبيعية في تأليف الحكومات في لبنان، وأن حصول التواصل لمعالجة مطالب الجميع ضروري حتى لو كان تقدم الاتصالات العربية – العربية يساعد في تعزيز المناخات الإيجابية على الصعيد الداخلي. وقالت إن الرئيس المكلف يعد تصوره الأولي في شأن الحكومة، لكنه لن ينتقل الى وضع الصيغة الكاملة للحكومة، عدداً وأسماء وحقائب، إلا بعد أن يلتقي رئيس الجمهورية ميشال سليمان مجدداً، للتداول معه في حصيلة الاتصالات التي أجراها كل منهما. وأشارت المصادر الى أن بحثاً معمقاً حول صيغة الحكومة جرى أول من أمس بين سليمان ورئيس البرلمان نبيه بري الذي اتبع سياسة التكتم التي يعتمدها بالامتناع عن تسريب أي معلومة عن المداولات الجارية بينه وبين الفرقاء حول صيغ الحكومة العتيدة. وكان لافتاً أن الحريري وسع مشاوراته خلال اليومين الماضيين، لتشمل مروحة كاملة من هيئات المجتمع المدني، فاستقبل أمس نقباء المهن الحرة، بعدما استقبل خلال الأيام الماضية الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام واتحادات المرأة والرابطات الاجتماعية، للاستماع الى مطالبها من الحكومة المقبلة والاطلاع على رأيها في تأليف الحكومة. وعلم أن الحريري ينوي الإصرار على أن يكون في عداد الحكومة أكثر من امرأة، وأنه سبق أن طلب من الكتل النيابية التي التقاها مطلع الأسبوع الماضي أثناء المشاورات الرسمية التي أجراها معها في المجلس النيابي، أن تقترح له أسماء نساء لتمثيلها في الحكومة. وإذ امتنعت مصادر مقربة من الحريري الإفصاح عن أجوبة الكتل النيابية حول طلبه تسمية نساء للمناصب الوزارية، اكتفت هذه المصادر بالقول إنه «سيبذل جهداً أكيداً ليكون للنساء تمثيل مقبول في الحكومة وهو مقتنع بضرورة ذلك ويجب ألا نفاجأ أن يكون عددهن أكثر منهن في أي حكومة سابقة ضمت نساء، إذا نجح في إقناع الكتل في توجه من هذا النوع». في موازاة ذلك، قالت مصادر سياسية بارزة أن لا استعجال في تشكيل الحكومة، طالما أن الوضع اللبناني محكوم بالتوافق وبمناخ التقارب الإقليمي وطالما أن الوضع الداخلي ممسوك تحت سقف التوافق الداخلي على تبادل التنازلات والتقارب الحاصل على الصعيد الإقليمي. وحين سألت «الحياة» إذا كان هذا يعني إمكان تخطي المدة الزمنية للتأليف آخر الشهر الجاري لتمتد على مدى شهر آب (أغسطس) المقبل قالت المصادر البارزة: «ماذا يمنع ذلك فالبلد في وضع مقبول والتركيز هو على نجاح موسم الاصطياف والسياح يفدون الى لبنان بكثرة والحركة الاقتصادية تشهد نشاطاً واعداً ومثمراً». وكان لمطالب زعيم تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون بالنسبية في التمثيل في الحكومة وبعدم تخصيص حقائب لأي فريق (قصد رئيس الجمهورية)، حيز من التعليقات السياسية. فرأى الرئيس السابق أمين الجميل أن مطالبة عون بالنسبية إلغاء للنظام الديموقراطي، فيما رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن المهم ألا يحصل تعطيل في الحكومة الجديدة وأن تكون لها حرية اتخاذ القرارات. وتمنى على الأطراف الآخرين أن يتصرفوا باستقلالية عن سورية في الحكومة. وقال إنه متفائل بتشكيل الحكومة. ووصل الى بيروت مساء أمس وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير وتوجه فوراً الى بلدة بيت الدين لحضور الحفلة الغنائية التي يحييها المغني الفرنسي شارل أزنافور، وتناول بعدها العشاء الى مائدة رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط في حضور عدد من الشخصيات السياسية. ويلتقي كوشنير اليوم رؤساء الجمهورية والبرلمان وحكومة تصريف الأعمال والرئيس المكلف وعدداً من ممثلي الأحزاب السياسية، بما فيها «حزب الله». وقال إنه لن يتدخل في تأليف الحكومة مبدياً ارتياحه الى الأجواء القائمة والاتجاه نحو حكومة وحدة وطنية.