تفاوتت النسب المعلنة، لكن جميع الشركات والملاك الأفراد أعلنوا ارتفاع مبيعات محالهم بعد تعيين البائعات فيها، هل كان خبراً مفاجئاً؟ بالطبع لا، كان اقتصادياً نتيجة منطقية لمبادئ اجتماعية عالمية، لا علاقة لها بأي من أفكار تم تداولها عند صدور القرار. من أين جاءت هذه الزيادة؟ السبب الذي أعلن هو اكتشاف سرقات واختلاسات من البائعين الرجال، وأحسب أن ذلك يتم غالباً في المؤسسات الفردية والمحال الصغيرة، كون الشركات لديها أنظمة إلكترونية لمراقبة المخزون وأسعارها ثابتة في فروعها وتتعامل باحترافية أكثر، تكلفها أكثر، لكنها تجني ثمارها على المدى الطويل. حسناً، دعونا نخمّن أسباباً أخرى، فالسبب الاجتماعي المهم أن بعض السيدات توقفن عن إرجاء شراء حاجاتهن الخاصة حتى السفر لدول الجوار، وبدأن التسوّق محلياً، لأن الحرج رفع عنهن، وبدأن يشعرن براحة أكثر، وهذا العامل سيتواصل مع الوقت وسيتواصل ارتفاع المبيعات. سبب آخر مهم، وربما خفي، في عقول النساء الباطنة، هو أن الفرص لهن محدودة غالباً، أتحدث عن فرص العمل، وهذه نافذة فتحت، وسيحرصن على ألا يوصدها أحد، وأحسب أن أكثرهن لا يفكرن إلا في إثبات وجودهن لأصحاب العمل، أو لأنفسهن إن كن شريكات أو مالكات لمشاريع صغيرة، بالتوازي مع نفي نظريات اجتماعية كان تشاؤمها أكثر من تفاؤلها. حسناً، ماذا بقي؟ أعتقد أن الباقي هو نقل بائعات الأرصفة «البساطات» في محالهن الخاصة، فقد كانت إحدى مشكلاتهن عدم السماح للمرأة بالبيع للمرأة، وهذه انتهت أو فلنقل قاربت على الانتهاء، بقيت لديهن مشكلة التمويل، فالعمل على الرصيف لا يكلف إلا قيمة البضاعة والشراع الذي يغطيها، لكنه في المحل يحتاج إلى إيجار وتجهيزات، وهنا يأتي دور الجمعيات أو البرامج المخصصة للأعمال الصغيرة، أن توفق بين خبرات هؤلاء، ورغبات الشابات في العمل والتملّك الجزئي لمشاريع صغيرة، وتفتح الباب لهن، بحيث يكنَّ شريكات في محلهن، وسنجد أن لدى كل بائعة ابنة أو قريبة مستعدة للعمل إذا تحسّنت ظروفه ومكان ممارسته. ملمح اقتصادي أود الإشارة إليه أيضاً، أن آلاف الوظائف التي حصلن عليها في الشركات والمحال، ستعني ملايين الريالات توقف تصديرها للخارج من العمالة الرجالية السابقة التي كان جلها من المقيمين، بمعنى أننا قلّصنا وإن بقدر ضئيل جداً الحوالات التي يفقدها الاقتصاد، وستصرف هؤلاء العاملات أجورهن داخل هذا الاقتصاد، وكلما زدن زاد ذلك، وتقلّص ذاك، والزيادة لا تعني الفرص النسائية، إنها تعني كل فرصة تتاح لشاب أياً كان جنسه في قطاع التجزئة العملاق. [email protected] @mohamdalyami