اتفقت سورية واذربيجان على أن تستورد سورية منها نحو بليون متر مكعب من غاز بحر قزوين سنويا عبر الأراضي التركية التي ستشكل «جسر ربط» بين البلدين. وكان الرئيس الإذري إلهام علييف خرج عن البروتوكول عندما حضر مع الرئيس بشار الأسد المنتدى الاقتصادي المشترك الذي عقد بمشاركة نحو 60 رجل اعمال سورياً، وذلك بهدف اعطاء «اشارة سياسية» عن وجود رغبة عليا بدفع العلاقات الاقتصادية، لمناسبة الزيارة التي قام بها الرئيس السوري لباكو وانتهت امس. وأشار الأسد الى «العلاقة الشخصية» التي عقدت بينه وعلييف، وأنهما يفكران بالطريقة نفسها ولدى بلديهما «تجارب متشابهة». وقال ان المحادثات الرسمية وتوقيع نحو 19 اتفاقاً ومذكرة تفاهم ادت الى توفير «البنية التحتية» لإطلاق العلاقات في شكل واسع، وأن على رجال الأعمال في البلدين المرور عبر الأبواب التي فتحت على مصراعيها كي لا تبقى الاتفاقات حبراً على ورق. وقال علييف انه والرئيس الأسد اعطيا التوجيهات لتطوير العلاقات الاقتصادية، قائلاً: «اذا اخذنا في الاعتبار ان العلاقات السياسية تتطور في شكل سريع، نتمنى على رجال الأعمال عدم التأخر عنا للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية الى المستوى السياسي». وأوضح نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري ل «الحياة» ان اتفاقاً حصل لتزويد سورية ببليون متر مكعب من الغاز الإذري ب «اسعار تفضيلية» عبر الأراضي التركية، وأن الاتفاق جاء بعد زيارته الأسبوع الماضي أنقرة للبحث في ربط شبكة الغاز التركية بالسورية التي ترتبط بدورها ب «خط الغاز العربي» القادم من مصر، علماً ان انتاج سورية من الغاز يبلغ 23 مليون متر مكعب سنوياً، وسيصل الى 35 مليوناً السنة المقبلة. وعلم ان وزير النفط السوري سفيان علاو سيشارك في المؤتمر الوزاري الخاص بأنبوب «نابكو» المقرر عقده في انقرة في 13 الجاري. وأكد الرئيس الاأسد ان العلاقات بين انقرةودمشق شهدت تحسناً كبيراً وأن تركيا اليوم هي «الشقيق بكل ما تعني الكلمة»، وأنها باتت تشكل «جسراً للربط» مع اذربيجان، كما ان العلاقات مع ايران متميزة وهي تتطور بين باكو وطهران، اضافة الى بدء تحسن الأوضاع في العراق. وقال ان عندما تطور هذه الدول علاقاتها على اساس المصالح المشتركة «نكون اقوياء». وأوضح الرئيس السوري ان خطوطاً للنقل ستؤسس مع خطوط الغاز، اذ يجرى العمل على ربط الشبكة السورية بالتركية التي ستربط بدورها بالإذرية، وذلك بعدما انطلق قطار لنقل البضائع من ميناء ام القصر في الخليج الى اللاذقية على البحر المتوسط. وفي هذا المجال، أفاد الدردري ل «الحياة» ان سورية تنوي استثمار 50 بليون دولار لتطوير بنيتها التحتية حتى عام 2015، مشيراً الى ان اجمالي الاستثمارات المطلوبة تبلغ 132 بليون دولار ( بينها 77 بليوناً من القطاع الخاص) لتحقيق معدل نمو قدره 8 في المئة، ومشدداً على ضرورة «الربط الفيزيائي» بين البنى التحتية في الدول الواقعة بين البحور الأربعة والإفادة من خبرة اذربيجان في صناعة النفط والغاز. وقال ان العمل جار لتحقيق «تموضع استراتيجي» لسورية بحيث تضع نفسها في المكان الصحيح لخدمة مصالحها بالتعاون مع الدول المجاورة. على صعيد آخر، اعرب الأسد عن «الارتياح الكبير» للنهج الذي تتبعه اذربيجان وفق اعتماد «مبدأ الحوار» لحل مشكلة اقليم ناغورني كاراباخ مع ارمينيا، لافتاً الى استعداد سورية ل «تقديم اي مساعدة» لحل هذه المسألة انطلاقاً من العلاقات الجيدة بين دمشق وكل من يريفان وباكو. وتناول الأسد في كلمة القاها في مأدبة عشاء اقامها تكريماً له نظيره الإذري، الأوضاع في الشرق الأوسط، وقال ان «تجربتنا في هذه المنطقة أثبتت بالدليل القاطع أن الزمن ليس كفيلاً بحل مشكلات المنطقة، وأن حلها يتطلب نية طيبة وتضافر جهود جميع الأطراف واقتناعاً بأهمية الحل وانعكاسه الإيجابي على شعوب المنطقة والعالم»، مكرراً ان سورية «لم تدخر جهداً في سبيل إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، في حين قابلت إسرائيل الدعوات إلى السلام بمزيد من الحروب العدوانية». وشدد الأسد على ضرورة حل قضية ناغورني كارباخ ب «الحوار على أساس تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن حقوق جميع الأطراف»، معرباً عن استعداد سورية ل «تقديم أي مساعدة تسهم في حل هذه المسألة انطلاقاً من علاقتها الجيدة مع الطرفين». من جهته، قال علييف أن «الخطر الأكبر الذي يهدد هذه المنطقة هو عدم تسوية أزمة ناغورني كارباخ»، مؤكداً ضرورة «حل هذه الأزمة وفقاً لمعايير القانون الدولي».