حذّرت الخرطوم، أمس، حكومة دولة جنوب السودان من «ربيع أفريقي» يطيح حكم رئيسها سلفاكير ميارديت وذلك بعد ساعات من انهيار محادثات بينهما في شأن النفط، لكنها تمسكت بعلاقات حسن جوار مع الجنوب وكشفت أن حواراً بينهما يدور بعيداً من منابر التفاوض أحرز تقدماً ملحوظاً في صوغ ملامح علاقات جيّدة مع الدولة الوليدة. وناقش مجلس الوزراء السوداني في اجتماعه أمس برئاسة الرئيس عمر البشير علاقات البلاد الخارجية وأقر تعزيزها مع الصين وروسيا والانفتاح على دول الشرق. ووصف وزير الخارجية علي كرتي العلاقة بين الخرطوموواشنطن بالمتأرجحة بسبب انقسام الإدارة الأميركية بين الرضوخ إلى جماعات ضغط معادية للسودان ورغبتها في إحداث اختراق في العلاقة مع الخرطوم، موضحاً أن مجلس الوزراء أقر عدم التركيز على واشنطن ومواصلة الحوار مع البرازيل وروسيا وجنوب افريقيا. وأضاف في تصريح ان العلاقة مع دولة جنوب السودان تسير نحو الافضل على رغم بعض العثرات التي تعترضها حالياً، وقال إن هناك وزراء من جوبا وصلوا إلى الخرطوم لابرام اتفاقات في شأن القضايا المشتركة بعيداً من منابر الحوار. ورأى أن مثل هذه التحركات سترسم ملامح علاقة جيدة مع الدولة الوليدة وجدد التزام وزارته بتعيين بعثة ديبلوماسية كاملة في جوبا ستصلها قريباً. وأنهى وفدا الحكومة السودانية ودولة جنوب السودان محادثاتهما في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا من دون التمكن من إحداث اختراق في ملف قضايا النفط وسيعود الطرفان الى جولة جديدة من المفاوضات قبل نهاية الشهر. ولم تتمكن جولة التفاوض التي استمرت خمسة أيام في التوصل إلى حلول في شأن رسوم التصدير التي ينبغي على الجنوب دفعها إلى السودان نظير استمرار تصدير النفط عبر اراضيه وموانئه. وقال كبير مفاوضي الحكومة السودانية إلى مفاوضات أديس أبابا، إدريس محمد عبدالقادر، في مؤتمر صحافي عقب عودته أمس، إن الاتحاد الأفريقي وعد باقتراح أجندة محادثات النفط، متوقعاً أن يعود الطرفان الى طاولة المفاوضات مرة أخرى في الأسبوع الأخير من شباط (فبراير) الجاري. من جهته، قال كبير مفاوضي الجنوب باقان أموم، إن السودان أفرج عن سفينتين كانتا تنتظران تحميل الخام الجنوبي في ميناء بورتسودان، لكن ست سفن أخرى وصلت، ما يعني أن هناك ثماني سفن ممنوعة من دخول الميناء، مشيراً إلى أن هذه الشركات لن تأتي «لأنها أُبلغت بأن النفط الذي اشترته من جنوب السودان سرقته الحكومة السودانية». وطالب أموم الذي خاطب اجتماع مجلس السلم والأمن الافريقي في أديس أبابا لمناقشة تطورات العلاقة بين السودان ودولة الجنوب، بالضغط على الخرطوم للانسحاب من كل المناطق التي قال إنها تحتلها في جنوب السودان بما فيها منطقة أبيي، وكافياكينجي، وحفرة النحاس، والكويك وهجليج. واتهم الخرطوم بتضليل فريق الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم والأمن وايهامه بعدم رغبة جنوب السودان في استئناف انتاج نفطه وتصديره عبر المنشآت النفطية في السودان. لكن مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع نصح حكومة جنوب السودان بالالتفات إلى بناء دولتها بعيداً من الصراع ودعم التمرد ضد السودان وإلا «ستواجه بربيع أفريقي من مواطنيها قبل الآخرين». وأضاف في تصريح أمس أن الحكمة السياسية تتطلب أن تنتبه حكومة دولة الجنوب إلى ما يحدث حولها من متغيرات في الإطار الإقليمي والدولي، وأن تنأى عن أي صراعات تقودها «دوائر غربية» مع السودان. وأضاف أن دولة جنوب السودان ليس لديها أي خيارات تنعش اقتصادها وتخرجها من طور النمو الذي تعيش فيه سوى التعاون والتعامل مع السودان ومؤسساته الرسمية والشعبية «التي تعيش الآن في أفضل حالاتها». و أكد نافع هدوء الأوضاع الأمنية بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. ووصف حركات التمرد في إقليم دارفور بأنها أصبحت «عصابات» متفرقة لا تشكل أي خطر أمني على المواطنين. وفي شأن آخر، نفى الناطق باسم الجيش السواني العقيد الصوارمي خالد سعد أن يكون هناك أي تواجد إسرائيلي في شرق السودان. ووصف التقارير التي تتحدث عن أن الطيران الإسرائيلي يستبيح سواحل شرق السودان وأراضيه بأنه «تضخيم إعلامي تروج له صحف إسرائيلية وفيه استهداف إعلامي للسودان».