طهران، فيينا، مسقط – أ ب، رويترز، أ ف ب - رأى وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه مؤشر «انفتاح» في رسالة وجّهتها إيران إلى الاتحاد الأوروبي، تبدي فيها استعدادها لاستئناف المفاوضات مع الدول الست المعنية بملفها النووي، ومناقشة «مبادرات جديدة» لم تحددها، فيما قلّل الاتحاد من تأثير احتمال قطع طهران إمدادات النفط عن دول أوروبية. ووجّه سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي رسالة إلى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون، رداً على رسالة كانت الأخيرة وجهتها إليه في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وورد فيها أن الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني، مستعدة لحوار مع طهران خلال أسابيع، إذا كانت الأخيرة مستعدة ل «المشاركة بجدية في مناقشات مجدية تعيد الثقة الدولية بالطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني». وقال جوبيه: «ما زال الرد غامضاً، لكنه يشكّل بداية انفتاح من إيران التي تقول إنها مستعدة للحديث عن برنامجها النووي». واعتبر أن «جدية إيران ستتضح، حين يزورها» وفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل. وورد في رسالة جليلي: «نبدي استعدادنا لحوار في شأن مجموعة من القضايا التي يمكن أن تشكّل أساساً لتعاون بناء مستقبلاً». ورحب بتأكيد أشتون احترام حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، قائلاً: «من خلال الالتزام بهذا النهج، يمكن بدء محادثاتنا للتعاون على أساس مبادئ الخطوة خطوة والمعاملة بالمثل في شأن الملف النووي الإيراني». وأضاف إن «موقفاً بناءً وإيجابياً في هذه الجولة من المحادثات، إزاء المبادرات الجديدةلإيران، قد تفتح آفاقاً إيجابية لمفاوضاتنا. لذلك اقترح استئناف محادثاتنا، من أجل اتخاذ خطوات جوهرية للتعاون الدائم، في أقرب فرصة ممكنة، وفي مكان وموعد يُتفق عليهما». تزامن توجيه الرسالة إلى أشتون، مع إعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد شحن مفاعل طهران للبحوث الطبية، بقضبان وقود محلي الصنع مخصب بنسبة 20 في المئة، وتشغيل «جيل رابع» من أجهزة الطرد المركزي في منشأة ناتانز لتخصيب اليورانيوم، ورفع عدد أجهزة الطرد في المنشأة من 6 إلى 9 آلاف. كما أمر نجاد ببناء 4 مفاعلات جديدة للبحوث الطبية. لكن الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني اعتبر أن «هذه الممارسات الاستفزازية والتي تشكّل تحدياً، تستهدف صرف الأنظار عن التأثير الملموس للعقوبات (على إيران)، وللعزلة التي تعانيها». كما رأت الناطقة باسم الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند «مبالغة» في ما أعلنته طهران، وقالت: «الإيرانيون يتحدثون منذ شهور عن تحقيقهم تقدماً، لكنهم في الحقيقة متأخرون شهوراً بحسب مواعيدهم. نعتقد بأن ذلك موجّه إلى الجمهور الداخلي». إيران وعُمان في غضون ذلك، أفادت وكالة «رويترز» بأن تجاراً إيرانيين في سلطنة عُمان يواجهون صعوبات لنيل تمويل، بسبب العقوبات. وقال حسن غفور، وهو رجل أعمال إيراني مقيم في مدينة صحار شمال عُمان: «لم تعد المصارف المحلية تعطينا كتب اعتماد لتصدير أغذية إلى إيران، لكننا ندين بالفضل للقروض الخاصة من أصدقائنا العُمانيين». وقال مير سجاد، وهو تاجر إيراني في مسقط، إنه مضطر أيضاً للجوء إلى أصدقائه من رجال الأعمال، لأنه لم يستطع نيل تمويل من المصارف، مضيفاً: «صعب جداً إرسال أي شيء إلى إيران، من دون ائتمان مصرفي. لا سيولة نقدية لدينا، لذلك لا سيولة أيضاً لدى نظرائنا الإيرانيين. يصعب عليهم إرسال الأموال مقدماً، بسبب العقوبات». ونسبت «رويترز» إلى مسؤول في المصرف المركزي العُماني إن لا توجيهات رسمية من الحكومة بمنع المصارف المحلية من إصدار كتب اعتماد للتجار الإيرانيين. لكن مسؤولين في مصرفَين تجاريَين عُمانيَين، أشاروا إلى إن مصارف أوقفت إصدار كتب اعتماد، لقلقها في شأن قدرة المستوردين الإيرانيين على السداد، في ظل العقوبات. تزامن ذلك مع تقرير ل «رويترز»، أفاد بأن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تضغط على الاتحاد الأوروبي وشبكة «جمعية الاتصالات المالية العالمية بين المصارف» (سويفت) التي تتخذ بلجيكا مقراً، لطرد المصارف الإيرانية من الشبكة، ما يعني قطع أحد القنوات المتبقية التي تستخدمها طهران لتنفيذ تعاملاتها مع العالم. أوروبا والنفط الإيراني إلى ذلك، شدد مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي كاريل دي غوخت على أن احتمال وقف إيران إمداداتها النفطية لأوروبا، لن يمنع دول القارة العجوز من معارضة امتلاك طهران سلاحاً نووياً. وقال في إشارة إلى الإيرانيين: «إذا قطعوا تصدير النفط مبكراً، سنتكيف سريعاً. لا أحد يريد أن تمتلك إيران أسلحة نووية. يجب ألا نغيّر خطنا، بسبب تهديد من إيران. لا تسير المسائل في هذا الشكل». أتى ذلك بعدما وجهت إيران «إنذاراً» إلى إيطاليا وإسبانيا والبرتغال وهولندا واليونان وفرنسا، بقطع صادرات النفط عنها، رداً على حظر فرضه الاتحاد الأوروبي على استيراد نفط من طهران، يطبق في تموز (يوليو) المقبل. وقال مدير قسم أوروبا الغربية في الخارجية الإيرانية، حسن طاجيك، الذي التقى سفراء الدول الست، إن صادرات النفط الإيرانية لم تُقطع الآن، «بسبب الوضع الاقتصادي السيء الذي تعانيه أوروبا، وموجة الصقيع» التي تجتاحها. لكنه حذر من أن بلاده «لن تبقى مكتوفة الأيدي في مواجهة الحظر النفطي الأوروبي».