اعتاد أصحاب رؤوس الأموال المغامرة التفكير في الفرصة الاستثمارية التالية، لكنهم اليوم يفكرون في شؤونهم الخاصة. ويكاد هؤلاء الذين يوظفون أموالهم في شركات ناشئة، بخاصةٍ في قطاع التكنولوجيات الواعدة في سليكون فالي، يجمعون على وجوب العودة إلى قواعدهم الأولى. فهم يشعرون بقلق من تراجع عائدات استثماراتهم، ويلقون تبعة ذلك على عوامل كثيرة، منها دخول أعداد كبيرة من الشباب من حملة شهادات الماجستير في إدارة الأعمال إلى قطاعاتهم وفقدان الشركاء الأكبر سناً الاهتمام بالمستجدات على صعيد التكنولوجيا. في مؤتمر للرأسماليين المغامرين، قال ألان باتريكوف، وهو مستثمر ل40 سنة دعم «أميركا أونلاين» و «آبل»: «أعتقد شخصياً ان قطاع رأس المال المغامر أصبح أكبر مما ينبغي، وأرى ان ثمة دلائل كافية على ذلك». ودعا الرأسماليين المغامرين إلى درس الاستثمار في مشاريع أصغر حجماً مما اعتادوا عليه. وليس باتريكوف لوحده في هذا الاعتقاد. وهو يعمل على إعادة استثمارات مؤسسته «غرايكروفت بارتنرز»، إلى مستوياتها لما قبل عقدين. وأسس صندوقاً ب75 مليون دولار للاستثمارات الصغيرة. ويتوقع كثيرون في القطاع ان يختفي بين ثلث المؤسسات ال882 العاملة فيه ونصفها لأسباب أبرزها عدم تحمل مؤسسات كثيرة ضعف العائدات. وهي بدأت تعاني، فقد تراجع التوظيف فيها إلى 4.3 بليون دولار في الربع الأول من السنة، من 7.1 بليون في الفترة المقابلة من العام الماضي. وتوقع بريان روبرتس، الشريك في «فنروك»، ان تقفل مؤسسات كثيرة أبوابها خلال 18 إلى 20 شهراً. ورأى ان الأزمة الراهنة أفادت القطاع لأنها أجبرته على ترتيب شؤونه. ومن أسباب أزمة قطاع رأس المال المغامر تراجع العروض العامة الأولية المخصصة لإدراج أسهم الشركات الناشئة في البورصات. وبلغت العائدات المحتسبة وفقاً لخمس سنوات، 6 في المئة عام 2008، مقارنة ب48 في المئة عام 2000 أثناء ذروة فقاعة التجارة الإلكترونية، وفقاً لبيانات «الجمعية الوطنية لرأس المال المغامر». ويرى كثيرون ايضاً ان مشكلة القطاع تعود إلى عام 2000 بسبب الاستثمارات المفرطة آنذاك. فقبله، اقتصرت التوظيفات في مؤسسات رأس المال المغامر على الأوقاف الجامعية والمؤسسات الاجتماعية والعائلات الثرية. لكن صناديق التقاعد ما لبثت ان تدخلت سعياً وراء الربح الكبير والسريع. ومع تدفق الأموال إليها، نمت استثمارات الرأسماليين المغامرين من 2.7 بليون دولار عام 1990 إلى 104 بلايين عام 2000. وهي اليوم لا تتجاوز 30 بليوناً. ويلقي كهؤلاء على التضخم الكبير في الأموال تبعة المعاناة الحالية للقطاع. قال بول كدروسكي، الزميل في «مؤسسة إوينغ ماريون كوفمان» التي دعت القطاع أخيراً إلى تقليص ذاته بنسبة 50 في المئة: «يفرط الممولون الكبار في تغذية القطاع. يشبه الأمر الإفراط في إطعام الماشية الذي ينتهي بمرضها. إنه قطاع تسيّره عائداته، والطريقة الوحيدة لتحقيق عائدات أفضل تتمثل في تقليص القطاع ذاته». وبدلاً من درس المال الذي تحتاجه شركة ناشئة، تحسب مؤسسات كثيرة في قطاع رأس المال المغامر ما تملكه من أموال وتوزعه على شريكاتها من الشركات الناشئة، خصوصاً ما يسمح لها باحتلال مقاعد في مجالس إدارة الشركات المتلقية، وفقاً للشريك في «أندريسن هوروفيتز» بن هوروفيتز، وهي مؤسسة جديدة في القطاع. وأضاف ان هذه المقاربة قد تضخ ثلاثة بلايين دولار في شركة تحتاج 300 ألف دولار فقط.