القاهرة - أ ف ب - انتقدت 29 منظمة حقوقية في مصر أمس المحاكمة الوشيكة لنحو 44 ناشطاً ديموقراطياً في قضية التمويل غير المشروع لجمعيات أهلية، معتبرة أنها «ذات أهداف سياسية» يسعى من خلالها المجلس العسكري الحاكم إلى «محاولة صرف الانتباه للاستئثار» بالسلطة. وقالت المنظمات ال29 في بيان مشترك إنها تعبر «عن استنكارها الشديد لاستمرار حملة تشويه وإرهاب منظمات المجتمع المدني»، وتؤكد أن «إحالة 43 مصرياً وأجنبياً لمحكمة الجنايات هي في حقيقتها مسألة ذات أهداف وبواعث سياسية بالأساس». واعتبرت أن «اصطناع المعارك الوهمية مع دول أخرى لصرف الانتباه عن كوارث الإدارة السياسية الفاشلة للبلاد، وعن المذابح التي تقتل المصريين كل يوم من دون محاسبة للجناة الحقيقيين، لا يمكن أن يكون هدفاً وطنياً، بل يلبي مصلحة قلة محدودة ترغب في الاستئثار بالسلطة والثروة، من دون محاسبة أو مراقبة». وفي 19 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، اقتحمت قوات من الجيش والشرطة 17 مقراً لمنظمات أهلية محلية ودولية لحقوق الإنسان وتعزيز الديموقراطية، وصادرت ما بها من أجهزة كومبيوتر وأوراق. وأعلن مطلع الشهر أنه تمت إحالة 44 شخصاً بينهم 19 أميركياً وأجانب آخرين على محكمة الجنايات بتهمة تلقي تمويل غير مشروع. ومن أبرز المنظمات التي أصدرت البيان أمس «مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان» و «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» و «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان». واتهم البيان القضاء المصري «بالافتقار إلى الاستقلال»، مؤكدة أنها «ترفض كل المغالطات والتشويه لمنظمات حقوق الإنسان». وأوضحت أنه «حتى قبل أن تبدأ المحاكمة، أدارت وزارة العدل وأطراف أخرى داخل الحكومة وقاضيا التحقيق محاكمة فعلية من طرف واحد في وسائل الإعلام على مدار نحو خمسة شهور». وأضافت أن هذه المحاكمة «تضمنت توزيع تهم جزافية لكيانات وأشخاص، بهدف تشويه سمعة منظمات المجتمع المدني عموماً والمنظمات الحقوقية خصوصاً، وإلصاق تهم العمالة لمصلحة أجندات أجنبية، والتآمر على استقرار البلاد». واعتبرت ذلك «مخالفة صريحة للقانون وقواعد التحقيق». وغالباً ما تنسب السلطات ووسائل الإعلام الرسمية حركة الاحتجاجات والتظاهرات ضد الجيش في البلاد إلى «مؤامرات» حيكت خارج البلاد وإلى «أياد أجنبية». واتهمت وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا في إفادة خلال التحقيق في تمويل الجمعيات الأهلية، الولاياتالمتحدة بأنها عملت على «احتواء» الثورة المصرية و «توجيهها» لخدمة مصالحها ومصالح إسرائيل من خلال تلك الجمعيات، على ما نقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية هذا الأسبوع. وانتقد بيان المنظمات الحقوقية أمس عملية التحقيق في القضية، معتبراً أنها «تدحض القول باستقلال السلطة القضائية، فالتحقيقات تجري في مقر حكومي هو وزارة العدل، ويقوم بها قاضيان اختارهما بالاسم رئيس محكمة استئناف القاهرة بمفرده، وهو الأمر الذي انتقده كثيرون». وشكك أيضاً في استقلالية هذين القاضيين، موضحاً أنهما «عملا لفترة طويلة كرؤساء لنيابة أمن الدولة العليا، تلك النيابة التي كانت مثار انتقاد واسع ومطالبات بإلغائها لارتباط اسمها بالتستر على جرائم تعذيب المتهمين في قضايا سياسية». وشدد على أن «استمرار نفس منهج نظام مبارك في استخدام آليات قضائية لتحقيق أهداف سياسية ضيقة، على حساب المصالح الوطنية العليا للبلاد يجب أن يتوقف».