غرق قطاع غزة في الظلام أمس بعد توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل بشكل تام بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيلها. ومع أن الغزيين بدأول صباحهم أمس بابتسامات عريضة (على رغم كل مآسيهم) وشراء الهدايا وتبادل التهنئة ب»عيد الحب» أو «فالنتين داي»، إلا أنهم وقبل حلول الظهيرة اكفهرت وجوههم واستشاطوا غضباً بعدما انقطع التيار وشُلت الحياة. واحتل انقطاع التيار الكهربائي أولوية على رأس جدول أعمال 1.6 مليون فلسطيني المثقل بقضايا الفقر والبطالة وغلاء الأسعار ومشكلات مياه الشرب والصرف الصحي والانترنت والحصار والانقسام السياسي، وغيرها الكثير من المشاكل. وأضحى توقف المحطة عن العمل قضية النقاش الأولى في المجتمع الغزي، الذي بات يغلي في شكل يُنذر بانفجار مجتمعي أو سياسي قد يدمر الأخضر واليابس. وأبدى كثير من المواطنين خشيتهم من انفجار الوضع في القطاع الذي يشبه «طنجرة ضغط» فوق نار حامية ولا يوجد فيها «صفارة» لتخفيف الضغط. وكال المواطنون الاتهامات للرئيس محمود عباس وحكومته برئاسة سلام فياض وحركة «حماس» وحكومتها في غزة، وحملوهم جميعاً المسؤولية عن الأزمات التي يعيشونها في القطاع، خصوصاً أزمة التيار الكهربائي. واتهم كثير من المواطنين في أحاديث ل»الحياة» الطرفين ب»اهمال» أهالي القطاع وعدم الاكتراث لمعاناتهم وعذاباتهم، والتفرغ فقط ل»الكراسي» (السلطة والحكومة) وجبي الضرائب والرسوم فقط، وتوزيع «الغنائم» على الموالين لهما. من جهته، أعلن مدير مركز معلومات الطاقة سلطة الطاقة في غزة التابعة لحكومة «حماس» المهندس أحمد أبو العمرين خلال مؤتمر صحافي عقده في مدينة غزة أمس توقف محطة الطاقة عن العمل كلياً. وقال أبو العمرين: «يؤسفنا أننا غير قادرين على تغطية احتياجات المستشفيات والمرافق التعليمية وشبكات ضخ المياه والصرف الصحي وكافة مناحي الحياة بالكميات اللازمة من الكهرباء». وأضاف أن «كمية الكهرباء التي تدخل إلى القطاع عن طريق الشركة الإسرائيلية لا تفي سوى بما نسبته 35 في المئة من احتياجات القطاع». وحمّل أبو العمرين المسؤولية للاحتلال الإسرائيلي الذي يفرض حصاراً على القطاع منذ نحو ست سنوات، مطالباً الأشقاء المصريين، بخاصة مجلس الشعب المنتخب «بالوقوف عند مسؤوليات مصر الحضارية والتاريخية لدعم صمود الشعب الفلسطيني وإمداداته باحتياجاته، خصوصاً الوقود في شكل دائم ومتواصل». وطالب الشعب الفلسطيني ب»مزيد الصبر والصمود والثبات وتحمل ضريبة العزة والكرامة». ورأى أن «الحل الجذري والنهائي لهذه الأزمة يكمن في ربط كهرباء غزة بمصر ضمن مشروع الربط الإقليمي المقر من جامعة الدول العربية منذ أكثر من عامين والمخططات الفنية والهندسية جاهزة والتمويل متوافر من البنك الإسلامي للتنمية». الى ذلك، ناشد «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان» الحكومتين في رام اللهوغزة وشركة توزيع الكهرباء في القطاع «بذل أقصى الجهود من أجل توفير الوقود اللازم لإعادة تشغيل محطة توليد الكهرباء وضمان استمرار عملها من دون توقف». وحذر المركز في بيان أمس من «العواقب الوخيمة المترتبة على توقف المحطة عن العمل كلياً على كل القطاعات الحيوية، بما فيها الخدمات الأساسية لنحو 1.6 مليون فلسطيني من سكان القطاع، كإمدادات مياه الشرب، وتعطل المرافق الصحية، بما فيها المستشفيات والمراكز الطبية وعمل محطات الصرف الصحي وقطاع التعليم». وشدد على «ضرورة البدء الفوري في صوغ الحلول الإستراتيجية للخروج النهائي من الأزمة المستمرة في قطاع الطاقة الكهربائية التي يعانيها قطاع غزة من نحو 6 سنوات». ورأى أن «إخفاق الأطراف المسؤولة عن حل هذه الأزمة لا ينبغي أن يتحمل نتائجها المواطنون، ويتوجب بالتالي أن تلتزم هذه الأطراف بتزويدهم بخدمات الكهرباء في كل الظروف والأحوال». وعبّر المركز عن قلقه الشديد ازاء استمرار أزمة الكهرباء وتفاقمها في القطاع. وكان مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة ذكر (أ ف ب) في آخر تقرير اسبوعي ان «كمية المحروقات التي تنقل بالانفاق تحت حدود غزة ومصر تراجعت منذ اسبوعين»، مشيراً الى زيادة الاسعار بسبب القيود التي تفرضها الشرطة المصرية على هذا النوع من الشحنات. وناشد مكتب رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية في بيان السلطات المصرية «التدخل العاجل والفوري لتزويد قطاع غزة بكامل احتياجاته من الكهرباء بشكل دائم ومتواصل لتعزيز صموده في وجه الاحتلال».