ينتعش اقتصاد «العاملات المنزليات» في رمضان، أكثر من أي شهر آخر، إذ تجد عدد منهن عروضاً مغرية في رمضان من خلال رجال من جنسية العاملات نفسها، تصل إلى 3 آلاف ريال. أزمة العاملات وارتفاع أجورهن، حدا ببعض الفتيات إلى العودة إلى المطبخ. كما أن عدداً من العاملات فضلن الهرب بحثاً عن موارد مالية أكثر في بيوت أغنى. الشح الذي اجتاح سوق العاملات المنزلية ومحدودية استقدامهم، هو الآخر، جعل عدداً من العائلات السعودية تعتمد على العاملات مجهولات الهوية ومخالفات لأنظمة الإقامة. وعن أزمة العملات المنزلية تقول أم أحمد ل«الحياة»: «عجزت في الحصول على عاملة منزلية تقبل بأن تعمل خارج مدينة جدة، إذ إن مقر إقامتي في منطقة أخرى لا تتوافر بها عمالة كما هو حالهن في المدن الرئيسة، بل وارتفعت أجرة العاملة الأفريقية في رمضان إلى ألفي ريال بدلاً من 900 ريال قبل رمضان». وتضيف سيدة المنزل أم عبدالله: «لم أتوقع أن تهرب العاملة التي كانت تعمل لدي طوال الأشهر قبل رمضان، بعد أن طلبت مني إجازة بمقدار يومين لكي تستعد وتستريح قبل موسم الشهر المبارك، ولكني صعقت عندما رفضت العودة للعمل نظير حصولها على عرض مادي أعلى وصل إلى 2500 ريال، بعد أن كنت أعطيها 1800 ريال». استطاعت «الحياة» الالتقاء بعدد من العملات من الجنسية الآسيوية، تقول العاملة هايمي نورينا: «عندما أتلقى عرضاً للعمل في إحدى المنازل، لا بد من أن أعرف قبل أن أعمل عدد الغرف ونوع السكن وعدد الأبناء، ولا يفوتني إن سمحت الفرصة بأن أعاين المنزل ومن ثم أطلب المبلغ، لأن الخيارات كثيرة أمامي في العمل»، وأفادت أنها تتلقى اتصالات هائلة من السيدات السعوديات، وكل أخرى تضيف مبلغاً أعلى، ما يجعلني أفكر في ترك عملي الحالي والذهاب إلى آخر». وتقول العاملة سارينا بتاتي: «غالباً ما يتحكم ويختار لنا مواقع العمل هم أبناء جلدتنا من الرجال، الذين يفاوضون على عملنا ويأخذون نسبة من تلك المفاوضات، في حين لا نستطيع رفض طلبهم أو قولهم وإلا مصيرنا سيكون مجهولاً في حال إقصائهم من ترفض قراراتهم». وأردفت الشابة خلود أحمد: «لا أقبل أن أعطي عاملة منزلية مدة 30 يوماً مبلغاً يصل إلى ألفي ريال، فلعل عملي في منزلي أكسب به الأجر في الشهر الفضيل، بدلاً من استغلال تلك الفئة العملة لحاجة العائلات المضطرة التي تحوي نساء مقعدات أو عاجزات عن العمل. وتضيف رؤى إسماعيل «ما أدخل ربات المنازل في هذا المأزق من المزاودات والسوق السوداء التي صنعنها العاملات هو مغالاة السيدات السعوديات في رفع الرواتب، وفي واقع الأمر ليست الواحدة منهن مضطرة لجلب عاملة منزلية، بل تعد ذلك نوعاً من الاستكفاء ومزيداً من الرفاهية، كيف لي أن أدفع أجراً 3 آلاف ريال وأنا معاشي في المدرسة الخاصة التي أعمل بها 2900 ريال». بدوره، أشار صاحب مكتب استقدام (فضل عدم ذكر اسمه) في مدينة جدة إلى أن «نسبة العملات من الجنسية الآسيوية هن الأكثر هرباً من المنازل، ونكتشف بعد حين أنهن في المدينة نفسها ويعملن في منازل أخرى، ويتقاضين مبالغ ضعف ما يحصلن عليه من مكفولهن، وذلك الأمر انتقل إلى الفئة نفسها من الجنسية الأفريقية، لاسيما وأننا نكفل في عقود الاستقدام ضمان العاملة ثلاثة أشهر، وفي حال هربها نقوم بتعويض العميل، وهذا الأمر أصبح مكلفاً علينا في التعويض عن كل من تهرب». وتشير أستاذة الاقتصاد المنزلي أسماء محمد حسن إلى أن «اعتمد الفتاة على العمالة المنزلية تنسي الشابة السعودية ما هو مفترض عمله في منزلها، سواء أكانت آنسة أم متزوجة، ويجب على الأمهات الاستغناء عن العاملات بقدر المستطاع، ولعل الأزمة الحالية تعيد الشابات إلى أعمال المنزل، وتحيي فيهن روح المرأة العاملة بدلاً من الاعتماد الدائم على العاملة المنزلية في شؤون المنزل كافة».