الإغراءات المادية ومضاعفة حجم العمل خلال شهر رمضان المبارك، يدفع ببعض الخادمات للهروب من كفلائهن والبحث عن مستخدم جديد على أمل الحصول على قليل من الراحة وكثير من الأموال، خصوصا أن بعض الأسر تدفع أجورا مضاعفة تبلغ نحو ثلاثة آلاف ريال كراتب خدمة في شهر واحد. وفي رمضان تتضاعف أصناف الطعام على المائدة السعودية عموما، ويتحول المطبخ إلى مطاعم خمسة نجوم لتنوع الأكلات الرمضانية، وهنا تخضع الخادمة لتلبية طلبات جميع أفراد الأسرة، وهذه المبالغة الكبيرة في إعداد الطعام وما ينتج عنه من حاجة إلى تجهيز وإعداد وتنظيف تدفع بعض الخدم إلى الهروب أو في أفضل الأحوال طلب زيادة في الراتب وهو ما يجابه بالرفض من قبل رب العمل لتبدأ مع رحلة الهروب والمعاناة عموما. «عكاظ» التقت عددا من المواطنين الذين تعرضوا لهروب خادماتهم المنزليات، وقال المواطن سعد الدوسري (عسكري): «استقدمت خادمة منزلية لكون زوجتي «حامل» في شهرها الثالث وتعاني من التعب والإرهاق الشديد، من كثرة أشغال المنزل التي لا تنقطع من غسيل ملابس وصحون وتنظيف وطبخ،وهو ما جعلني اضطر إلى الذهاب إلى مكتب الاستقدام والقيام بتقديم طلب استقدام خادمة»، وأضاف: «طلب مني المكتب تسعة آلاف وخمسمائة ريال، ووصلت الخادمة وكانت تقوم بجميع الأعمال المنزلية من تنظيف وغسل صحون ما عدى الطعام فكانت زوجتي هي من تقوم بإعداده». ويتابع: «فوجئت قبل أسبوع من الآن وأنا في عملي باتصال من زوجتي تخبرني بأن الخادمة اختفت من غرفتها ولم تجد حتى حقيبة ملابسها، وعند ذلك توجهت فورا إلى تقديم بلاغ بهروبها، وعلمت من أحد رجال الأمن بورود عشرات البلاغات يوميا خلال شهر رمضان وجميعها عن هروب الخادمات وذلك لأسباب عدة منها ضعف الراتب ومضاعفة العمل في رمضان». رفض كفيلها إعطاءها راتبا إضافيا فهربت أما المواطن حمد آل سويدان (موظف حكومي): فله قصة أخرى مع الخادمات، حيث قال: «لدي خادمة منزلية سبق أن قمت بدفع تكاليف نقل كفالتها من أحد الأقارب وصلت إلى 12 ألف ريال وبعد مرور أربعة أشهر من وجودها معنا، طلبت مني أن أمنحها راتبا إضافيا غير راتبها الأساسي في شهر رمضان، وعندما سألتها عن السبب قالت إنها سوف تعمل ضعف عملها في الأيام العادية وأنها سوف تقوم نهار رمضان بعمل التنظيف وترتيب المنزل وهي صائمة». وأضاف: «عندها رفضت طلبها وهددتها بتسفيرها إلى بلادها في حالة عدم رغبتها في العمل بنفس الراتب، ولم تقل شيئا حينها، وبعد مرور يومين من تلك الحادثة ذهبنا ذات يوم للتنزه في إحدى المنتزهات وهي معنا وعندما أردنا العودة افتقدنا الخادمة فقمنا نبحث عنها في كل أرجاء الحديقة ولكن دون فائدة لنكتشف هروبها فتوجهت بسرعة وقمت بتسجيل بلاغ بالحادثة ولا زالت الجهات الأمنية تبحث عنها». الخادمات يتأثرن بأبناء جلدتهن وتقول أم محمد: «لدي خادمة وقبل أسبوع أخذتها معي إلى إحدى حفلات الزواج وتركتها مع مجموعة من الخادمات وفي صباح اليوم الثاني هربت من المنزل ولا أعرف السبب حتى الآن رغم معاملتي الحسنة لها وتوفير كافة احتياجاتها الخاصة، وأنا الآن في أشد الحاجة إليها وخاصة مع حلول شهر رمضان المبارك». المواطن عبد الله سعد ( متقاعد ) يقول: أصبح هروب الخادمات أمرا غير مستغرب خصوصا في ظل وجود عمالة من بني جلدتهن تقوم بإيوائهن، وقد لاحظنا ذلك في عدة مداهمات تقوم بها الجهات الأمنية ويتم خلالها القبض على خادمات هاربات يتم توزيعهن في المنازل خفية وسرا للعمل لديهم بالأجر الشهري الذي قد يصل إلى 2500 ريال للشهر الواحد، ومن ثم تنتقل للعمل عند آخرين بنفس المرتب وهذه الظاهرة بدأت تنتشر بشكل كبير ويجب على الجهات المختصة التدخل السريع لحماية المواطنين من خسائر أموالهم في استقدام العمالة المنزلية. توفير خادمات من الداخل وفي هذا السياق، يقترح المواطن إبراهيم سعد (رجل أعمال) تنظيم عملية استقدام العمالة المنزلية من قبل الجهات المعنية وذلك باستقدامها عن طريق مؤسسات مصرح لها تقوم بتوفير سكن خاص (فندق للسكن المؤقت) ويتاح لمن يرغب أن يختار العاملة المناسبة التي تكون على درجة عالية من الخبرة والتدريب وأن تكون مضمونة ويلتزم بعقد يحمي الطرفين. من جهته، يشير فارس الشهري (طالب) إلى وجود عمالة تنشط مع دخول شهر رمضان من كل عام في البحث عن مواطنين يرغبون في تشغيل خادمات منزليات، وقال: فوجئت ذات مرة، بأحد العمالة يستوقفني في أحد الأسواق ويعرض علي خادمة منزلية وأخبرني بإجادتها جميع الأكلات الشعبية المعروفة لدى السعوديين وإجادتها صنع الحلويات والكيك، وعند سؤاله عن مكانها أخبرني أنها في منزله، ولديه أكثر من ثلاثين خادمة منزلية غيرها وجميعهن هاربات من كفلائهن، وعند سؤاله عن سبب هروبهن أشار إلى أن بعض الأسر تسيء معاملتهن ولا يحصلن على رواتبهن فيضطررن للهروب والبحث عن لقمة العيش والعمل عند أسر أخرى برواتب مرتفعة تصل إلى 2500 ريال كحد أدنى. وأضاف الشهري: عندها فقط أدركت وجود عمالة تقوم بالمتاجرة بالخادمات عن طريق تحريضهن بالهروب وهو ما ساهم في زيادة هروب الخادمات المنزليات.. أما يوسف إسماعيل وهو من العاملين في قطاع الاستقدام، فيرجع أسباب ظاهرة هروب الخادمات إلى الخلافات البسيطة مع ربة المنزل أو إغراءات خارجية من قبل خادمات أخريات يتقابلن في الحدائق أو المناسبات أو حتى في الأسواق، وقال: «في ظل حاجة الناس إلى عاملات منزليات ارتفعت الأجور بنسبة 100 في المائة وذلك في الأسواق غير النظامية التي يديرها وافدون من مختلف الجنسيات وهو ما أسهم في هروب الخادمات للعمل لدى أسر أخرى برواتب مرتفعة.