خالفت «جمعة الرحيل» كل المليونيات التي دعت إليها الحركات الثورية على مدى العام الماضي منذ تنحّي الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، إذ توارى أمس نسبياً ميدان التحرير، مهد «ثورة 25 يناير»، لمصلحة المسيرات التي نظمها متظاهرون قاصدة مقر وزارة الدفاع في حي كوبري القبة، حيث مقر وزارة الدفاع للمطالبة بإنهاء الحكم العسكري. وبدا أن الشباب قرروا خوض المعركة ضد العسكر في عقر دارهم بعد عام شهد عشرات التظاهرات التي طالبت بتسليم السلطة الى المدنيين، والاعتصامات التي لم تغب عن الميدان وكان فضها في كل مرة بداية لمأساة تطلق موجة جديدة من الغضب ضد العسكر. ولم يكن الميدان محور الحدث أمس بعدما عدلت المسيرات وجهتها إلى مقر وزارة الدفاع. واكتفى الميدان بحشد ضعيف لم يتجاوز مئات من أعضاء الحركات والقوى الشبابية، وغابت من الميدان كل النخب السياسية، فشهد نصب منصة واحدة كانت بمثابة قناة اتصال بين المعتصمين في الميدان وآلاف المتظاهرين في المسيرات التي انطلقت من أحياء عدة إلى وزارة الدفاع. ورفع متظاهرون في الميدان لافتات تندد ب «المؤامرة» التي راح ضحيتها 74 من مشجعي النادي الأهلي في «مجزرة بورسعيد»، وحملوا المجلس العسكري المسؤولية عنها واتهموا الشرطة بتدبيرها انتقاماً من روابط المشجعين «ألتراس». وصب المتظاهرون جام غضبهم على بعض الإعلاميين الرياضيين الذين رأوا أنهم ساعدوا في إذكاء الفتنة بين أعضاء الروابط الرياضية للأندية المتنافسة. وانعكس ضعف الحشد في الميدان على حركة المرور التي لم تتعطل خلافاً لما كان يحدث في التظاهرات السابقة، إذ عادة ما كان يلجأ المتظاهرون إلى إغلاق الميدان أمام حركة المرور. وخلا الميدان ومحيطه من أي وجود لقوات الشرطة أو الجيش التي تمركزت على مسافة بعيدة منه لتأمين السفارات والبنوك في منطقة وسط القاهرة، فيما تمركزت عشرات من سيارات الإسعاف قرب الميدان تحسباً لتوجه المتظاهرين إلى مقر وزارة الداخلية لتجديد الاشتباكات مع الشرطة. وساد الهدوء شارع محمد محمود الذي كان محوراً لاشتباكات استمرت خمسة أيام الاسبوع الماضي وسقط فيها 8 قتلى. وأدى المئات صلاة الجمعة في الميدان وألقى الشيخ جمعة علي، صديق الشيخ الأزهري عماد عفت الذي قتل في مواجهات شارع مجلس الوزراء التي اندلعت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، خطبة الجمعة وانتقد فيها في شدة المجلس العسكري وقال إن المجلس «خدع المصريين ولم ينفذ مطالب الثورة»، معتبراً أنه «تواطأ على الثوار، وانكشفت خدعته عندما وضع مبارك فى المركز الطبي العالمي وسمح لرموز النظام السابق بالتواطؤ على الثورة واكتفى بتقديمهم الى محاكمات هزلية لتهدئة الرأى العام». واعتبر الشيخ علي أن «سياسات المجلس العسكرى الخاطئة في إدارة البلاد تخص المجلس وحده وليس الجيش». وأدى المتظاهرون صلاة الغائب على أرواح شهداء الثورة والأحداث التي تلتها وظلوا يهتفون: «يسقط يسقط حكم العسكر» و «الشعب يريد تطهير البلاد».