الرئيس باراك أوباما يكره بنيامين نتانياهو، ويتفق مع الرئيس نيكولا ساركوزي على أن رئيس وزراء إسرائيل دجّال محترف لا يريد السلام، غير أن هذا لا يمنع الرئيس الأميركي من أن يرجو نتانياهو السنة الماضية أن يتوسط له مع الكونغرس الأميركي حتى لا يصوّت بوقف المساعدات للسلطة الوطنية الفلسطينية. هو عارٌ على السياسة الأميركية أن يحتاج الرئيس إلى تدخل سياسي أجنبي منحرف مع الكونغرس لأنه أكثر نفوذاً فيه من رئيس البلاد بسبب نفوذ لوبي إسرائيل الذي اشترى أعضاء يخونون مصالح بلادهم مقابل تمويل حملاتهم الانتخابية. العار هذه السنة كان فيديو وزّعه أنصار أوباما الشهر الماضي عنوانه «أميركا وإسرائيل، عروة لا تُفصم» وأوباما يزعم فيه أنه أكثر رئيس أميركي يؤيد إسرائيل ويستشهد بشمعون بيريز ونتانياهو وإيهود باراك على دعمه إسرائيل، ويقول إن حقها في الحياة أولوية أميركية، وكذلك حقها في الدفاع عن نفسها ضد أي خطر خارجي (إيران مثلاً؟). الفيديو لا يذكر شيئاً عن حق الفلسطينيين في بلادهم. الرئيس أوباما لا يكتفي بالكلام، وإنما يحاول أن يرفقه بأفعال، وهو عيَّن أخيراً جاك لو، وهذا يهودي أميركي من المتشددين الأرثوذكس، رئيساً لموظفي البيت الأبيض، فأصبح أول يهودي يشغل المنصب، واستقبل تعيينه بترحيب الجماعات الليكودية كافة. والرئيس لا يزال يحتفظ بدنيس روس مستشاراً في شؤون الشرق الأوسط، مع أن روس ليكودي يؤيد إسرائيل على حساب حقوق الفلسطينيين، بل على حساب مصالح أميركا. ولو أراد الرئيس مستشاراً حسن الاطلاع منصفاً يمكن أن يساعد قضية السلام لا أن يعطلها، فهناك كثيرون، أرشح منهم دانيال كيرتز أو روبرت مالي، وكلاهما يهودي أميركي. باراك أوباما انبطح أمام لوبي إسرائيل والمحافظين الجدد، وقال وفعل كل ما يستطيع لكسبهم، ثم فشل، فهم يهاجمونه باستمرار ليكون استسلامه كاملاً. مقابل زَعْمِ أوباما أنه أكثر رئيس أميركي يؤيد إسرائيل، اتهمه موقع ليكودي بخداع النفس، وقال (حرفياً) إنه «أكثر رئيس معادٍ لإسرائيل في تاريخ العلاقة مع ذلك الحليف الثابت في الشرق الأوسط». وبالمعنى نفسه كان عنوان مقال آخر «أكاذيب أوباما عن إسرائيل». أقول ذلك الحليف الفاشستي الذي تقوده عصابات من مجرمي الحرب لا أحزاب سياسية. وكان الكاتب الليكودي جوناه غولدبرغ زعم أن أوباما اشتراكي يريد تأميم شركتين لصنع السيارات، مع تأميم جزئي للرعاية الصحية، وفرض وصاية على وول ستريت. أما مجلة «ناشونال ريفيو» الليكودية، فسألت: «هل أوباما عاجز أو شرير؟» في مقال شرح أن بعض الجمهوريين يرونه عاجزاً وبعضهم شريراً، والحديث عن تعامله مع إسرائيل، وكأن لا مصلحة لأميركا غير خدمتها، لتواصِل الاحتلال والقتل والتدمير. وأسأل كاتب المقال: هل توقفت عن ضرب زوجتك؟ لأن هذا السؤال من نوع تخييره القراء بين العجز والشر. وقرأت في مواقع الجماعة مقالاً عنوانه «زيادة الغرام بين أوباما والإخوان» لمجرد أن نائب وزيرة الخارجية وليام بيرنز زار مقر حزب الإخوان المسلمين في القاهرة. كما قرأت مقالاً آخر عنوانه «أوباما يتنازل عن الشرق الأوسط»، وكأن الأميركيين يملكونه، والمقال يزعم أن الإسلاميين يتسلمون الحكم في الشرق الأوسط تحت غطاء الربيع العربي وأن الرئيس أوباما يسهّل هذا التحول. الرئيس أوباما ذكي بإجماع الآراء، ولا بد أنه يتابع ما يقول أنصار إسرائيل عنه، فيما هو يبيع نفسه لدولة الجريمة والعنصرية، غير أنه يريد الفوز بولاية ثانية، وأرجّح أن يفوز بها طالما أن الجمهوريين لم يقدموا لمنافسته سوى أمثال ميت رومني ونيوت غينغريتش. فإذا فاز يصبح حراً من ضغط اللوبي والمحافظين الجدد، ويتصرف بما يثبت صدق خشيتهم منه. [email protected]