يلخص فريق البحث الظواهر الواردة في شرح صورة الإسلام والمسلمين في العصر الحاضر، بوضعها تحت عنوان «النزاع»، فلا يرد ذكرهم إلا في إطار النزاعات السياسية والاجتماعية، والحروب والإرهاب والتطرف الديني، سواء تعلق الأمر بالسياسة الدولية، أو بمعالجة اندماج المسلمين في الدول الغربية. وهنا أيضاً يرسخ مؤلفو الكتب المدرسية المفاهيم السلبية عن الإسلام والمسلمين من خلال النصوص الواردة في الشرح، والصور والتعليقات الواردة أسفلها - مثل صورة حافلة بريطانية بعد الهجوم الانتحاري عليها في 7 تموز (يوليو) 2005، حينما قام شاب بريطاني مسلم عمره 18 سنة بعملية إرهابية، كلفت 13 شخصاً آخر من ركاب الحافلة حياتهم - وكذلك هناك شرح للمصطلحات وأسئلة على الدروس، كلها تقوم بالوظيفة نفسها، كما يتضح من السؤال التالي الوارد في أحد الكتب المدرسية: «ما الدور الذي يلعبه الدين في الإرهاب؟»، وكأن هذا الدور حقيقة لا تقبل النقاش. وعلى رغم عدم ذكر أي كتاب صراحة أن السبب في الإرهاب هو الدين الإسلامي، أو أن الدافع للقيام بأعمال العنف هو الانتماء لهذا الدين، فإن وضع هذين الأمرين في السياق نفسه، وتناولها دوماً في المواضيع ذات العلاقة بالعنف والإرهاب، يجعل الطالب لا يخطئ فهم المقصود. وفي المقابل لا يرد ذكر الإسلام والمسلمين في المواضيع ذات العلاقة بالتوجهات الديموقراطية، والحركات الرافضة للفهم المتطرف للإسلام، وسعي الشعوب الإسلامية للتحرر، كما ظهر مؤخراً في ما يعرف باسم (الربيع العربي)، بحسب فريق الدراسة. وفي أحد الكتب الإسبانية التي تناولت الثورة الإيرانية وحروب الخليج، يعلق المؤلف على هذه الأحداث بقوله: «إن العالم الإسلامي يواجه صعوبات في التكيف مع عالم اليوم». وفي الكتاب نفسه يدور الحديث عن التطرف الديني، ثم يرد النص الآتي: «إن فصل المقدس عن الدنيوي، كما هو سائد في الثقافة الغربية، يعتبر أمراً غريباً على المسلم»، ويرى فريق البحث أن هذه الجملة تحتوي على عنصرين مهمين: الأول أن المسلمين كلهم رجل واحد، له فهم واحد، يستغرب النمط الغربي من التفكير والحياة، والثاني أن الإسلام منفصل عن العالم الغربي، ويتبنى موقفاً سابقاً للحداثة، لا يعرف التنوير. وفي تناولها للإسلام تربط الكتب المدرسية الألمانية بين الإسلام وبين المشكلات والنزاعات، وتركز الأسئلة الواردة في الدرس على عدد المساجد الموجودة، وعدد المسلمات التركيات اللاتي يرتدين الحجاب، وهن بالتالي مختلفات عن المجتمع الألماني، والسؤال عن كم تركية تعرضت للزواج قهراً ومن دون إرادتها، ما يجعل الطلاب يستخلصون أن الإسلام كدين هو السبب في المشكلات التي تواجه الاندماج، والنتيجة أن يظل الاعتقاد سائداً بأن الإسلام قادم من الخارج، وأنه دين الأجانب، حتى ولو كان عدد المسلمين في ألمانيا يزيد على ثلاثة ملايين، كثير منهم يحمل الجنسية الألمانية. ويستغرب فريق البحث من أن الصور التي ترد في الكتب للمسلمات دوماً تكون لتركيات يرتدين الحجاب، ولا تظهر صور لمسلمات ألمانيات، وفي درس آخر بعنوان «الأجانب في ألمانيا»، تكون الصورة بالطبع لمسلمات بالحجاب، وبالتالي يظل الاعتقاد سائداً بأن «كل من ترتدي الحجاب أجنبية»، ولا تنتمي لألمانيا ولا للثقافة الغربية. حتى التدريبات التي تأتي بعد الدرس، تتحدث عن المسلمين بضمير الغائب (هم)، على رغم وجود الطلاب المسلمين في المدارس الألمانية، ما يعزز شعورهم بالغربة في ألمانيا، حتى ولو كانت بلدهم الوحيد الذي ولدوا فيه ويحملون هويته، ولا يعرفون بلداً آخر لهم. لكن كتاباً دراسياً من النمسا يحرص على الفصل بين الإسلام والمتطرفين من أتباع الجماعات الإسلامية فيقول: «لا توجد إجابات بسيطة، ولا بد من التفريق بين الدين الإسلامي، الذي يمارس أتباعه شعائر دينهم، وبين من يتبعون فكراً متطرفاً يزعم علاقته بالإسلام... إلا أن المتطرفين الإسلامويين هم أقلية في العالم العربي، وهم يتبعون لجماعات إرهابية عدة، لعل أشهرها في الوقت الراهن؛ القاعدة.» ويرى فريق البحث أن المشكلة الجوهرية في كل هذه الكتب الدراسية، أنها تنطلق من «رؤية أوروبية للأحداث» وهذا الافتتان الأوروبي بالذات، هو الذي يجعل هذه الكتب تعتبر أن «التاريخ الحديث مرتبط بانتشار المنجزات الأوروبية»، وأن المستقبل عبارة عن استمرار التغريب في العالم، أي فرض أو تقبل المعايير الأوروبية، باعتبارها السبيل الوحيد للحاق بالعصر الحديث، وبناء على ذلك فإن الطلاب يرون العالم من المنظر الأوروبي، ويتعلمون أن مشروع الحداثة الأوروبية هو تاريخ نجاح لعملية تطور ذاتية، وحتى لا يرد ذكر فضل علماء المسلمين على النهضة الأوروبية، تبدأ الكتب في الحديث عن هذه النهضة الأوروبية، بعد نهاية عصر الازدهار العلمي في الدولة الإسلامية. دور نشر تعد ب «التغيير» تحذير من نشر «الإسلاموفوبيا» في المدارس... ومطالبة بالاعتراف ب«فضل العرب والمسلمين» مطالبة بكتب بلا «أفكار غوغائية» مسلمو ألمانيا يريدون المزيد كتاب بريطاني يكلّف الطلاب ب«رحلة خيالية» من لندن إلى بغداد في العصور الوسطى