نزل مئات الآلاف من الروس إلى الشارع أمس، في تظاهرات احتجاج طالبت برحيل رئيس الوزراء فلاديمير بوتين، وتعهّد قادة المعارضة بتصعيد التحرّك مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة المقررة الشهر المقبل، فيما ردت السلطات بتظاهرات مضادة رفعت شعار «الحفاظ على الإستقرار». ولم تمنع درجات الحرارة المتدنية في روسيا الحشود من تلبية دعوات المعارضة بتلاوينها المختلفة والمشاركة في أوسع تحركات احتجاجية تشهدها البلاد. اذ شهدت موسكو وحدها نزول أكثر من 200 ألف من أنصار المعارضة إلى الشوارع، على رغم أن درجات الحرارة كانت دون ال20 تحت الصفر. علماً أن السلطات حاولت بشتى الوسائل (أ ف ب) ردع المعارضين عن التظاهر، حتى أن بطريرك الأرثوذكس دعا المؤمنين إلى الصلاة في منازلهم بينما نصح كبير أطباء روسيا المواطنين بعدم الخروج إلى الشوراع بسبب البرد الشديد. وفي تظاهرة جديدة لم تعرفها الاحتجاجات السابقة، توزع المعارضون على ثلاث تظاهرات مركزية كبرى تحرك أكبرها في مسيرة حاشدة اخترقت شارعاً رئيساً وسط موسكو، قبل أن تصل إلى ساحة بولوتينا التي غدت مكاناً رمزياً لأنها شهدت أولى تحركات المعارضة بعد الانتخابات النيابية في مطلع كانون الأول (ديسمبر) الماضي. مشاركة مستقلين وشهدت التظاهرات الأخرى مشاركة كثيفة من مستقلين محتجين قالوا إنهم «لم يرغبوا في الانضمام إلى التظاهرة الكبيرة لإظهار عدم انتمائهم إلى الأحزاب القومية واليسارية واليمينية الناشطة حالياً». وأعرب بعضهم عن الرغبة في «التعبير عن وجهات نظرنا في شكل مستقل خصوصاً لجهة عدم الرضا عن نتائج الانتخابات البرلمانية الماضية والتحذير من تزوير الانتخابات الرئاسية المقبلة». ودلّت الشعارات والأعلام المرفوعة في التظاهرات الثلاث إلى اتساع الرقعة الحزبية للمشاركين في الاحتجاجات، وهذا ما فسر الميل إلى تنظيم أكثر من تجمّع واحد في العاصمة. لكن اللافت أن شعارات المعارضين على إختلاف تلاوينهم الحزبية كادت تكون متطابقة وتمحورت حول دعوة بوتين للرحيل والمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية نزيهة ومراجعة نتائج انتخابات مجلس الدوما، التي أثارت حنق المعارضة بعد ظهور معطيات عن إرتكاب انتهاكات واسعة فيها لصالح حزب «روسيا الموحدة» الحاكم. كما طالب المتظاهرون بإطلاق سراح «المعتقلين السياسيين» وإصلاح قوانين الأحزاب والانتخابات بما يفسح المجال للتعددية الحزبية والسياسية في البلاد. وقالت السلطات إن عدد المشاركين في الفعالية الاحتجاجية الرئيسة لم يزد عن 40 ألفاً. لكن صحافيين وشهوداً تحدثوا عن مشاركة أكثر من 200 ألف شخص، وعشرات الآلاف في التظاهرات الأخرى في موسكو. كما لفت معارضون إلى أن الفعاليات الاحتجاجية المماثلة عمت عشرات المدن الأخرى وكان أكبرها في سان بطرسبورغ. ولفت الأنظار أن المعارضة صعدت من لهجتها السياسية إذ اشتملت اللافتات المرفوعة على عبارات قاسية ضد بوتين واتهمته ب «سرقة البلاد» مع أعوان، وطالبت ب «روسيا من دون الديكتاتور». كما هاجمت الشعارات الحزب الحاكم ووصفته بأنه «حزب اللصوص». ... والموالاة الى الشارع وفي مقابل حراك المعارضة، وجّهت السلطة أنصارها للنزول إلى الشارع. وقال معارضون إن آلافاً من الموظفين والطلاب نقلوا من مدن عدة إلى موسكو حيث تجمعوا في ساحة غرب العاصمة في اعتصام حمل تسمية «لدينا ما نفقده». وهي العبارة التي تحولت إلى شعار أساسي لأنصار بوتين. وقالت مصادر قريبة من الحزب الحاكم إن حوالى 140 ألفاً شاركوا في النشاطات المؤيدة لبوتين، ورفعوا لافتات تندد بمعارضيه وتعتبرهم «يطالبون بتفكيك روسيا وتدميرها». كما رددوا شعارات تهاجم «مؤيدي الثورات الملونة» في إشارة إلى الحراك الذي أطاح حكومات في جورجيا وأوكرانيا وقيرغيزستان قبل سنوات، وأيضاً في إشارة واضحة إلى «الربيع العربي» الذي قال منظمو التظاهرة إنه «لا يمكن أن ينسحب على روسيا».