فاقت المشاركة في أوسع اعتصام احتجاجي تشهده روسيا ضد نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، توقعات المنظمين الذين تحدثوا عن نزول 150 ألف متظاهر إلى الشارع، رافعين للمرة الأولى شعارات طالبت باستقالة رئيس الوزراء فلاديمير بوتين فوراً، لكن السلطات قالت إن عدد المحتجين لم يتجاوز ال50 ألفاً. وعلى غرار موسكو، شهدت عشرات المدن الروسية اعتصامات واكب بعضها اعتقالات خصوصاً في الأقاليم الشرقية. واحتشد المتظاهرون في ساحة ساخاروفا التي اختارتها السلطات بعناية لدى منحها الترخيص بالتظاهر لتكون بعيدة من مركز المدينة، وإزالة احتمال تنفيذ مسيرات حاشدة إلى الكرملين. كما واكبتها بتدابير أمنية غير مسبوقة ونشر آليات عسكرية في كل المناطق المحيطة بمكان التجمع وأكثر من 50 ألف شرطي وعنصر من وحدات حفظ النظام. وعلى رغم التنوع الحزبي والسياسي الواسع الذي أظهرته الأعلام والشعارات المرفوعة، توحد المحتجون بكل أطيافهم خلف شعار «روسيا من دون بوتين»، في تصعيد للهجة الاحتجاجات ضد رئيس الوزراء. ولفت انضمام سياسيين بارزين إلى الاعتصام، وبينهم للمرة الأولى وزير المال السابق أليكسي كودرين الذي يحظى بقبول واسع في الغرب، علماً أن الرئيس ديمتري مدفيديف أقاله قبل أسابيع بسبب انتقاده سياسة الكرملين على صعيد زيادة الإنفاق العسكري. كما ظهر رئيسا الوزراء السابقان ميخائيل كاسيانوف وبوريس نيمتسوف، واللذان أكدا مطالب إلغاء نتائج الانتخابات الأخيرة لمجلس الدوما، وتعيين موعد جديد لإجرائها. وقالا إن حركة الاحتجاج ستتواصل بتصعيد أكبر الشهر المقبل، ودعَوَا مدفيديف وبوتين إلى الرحيل، لأنهما فقدا ثقة الشعب. لكن التصعيد الأقوى جاء من قبل المدون والسياسي أليكسي نافالني الذي اعتقلته السلطات خلال الاحتجاجات السابقة، وبات يحظى بشعبية كبيرة في روسيا، إذ هدد ب «إنزال ملايين إلى الشارع»، معتبراً أن «السلطة تدرك الآن قدرة المعارضين على الاحتجاج حتى رضوخها لمطالب الشعب الذي بدأ يفقد صبره وسيتحرك نحو الكرملين والبيت الأبيض (مقر الحكومة) إذا استمر تجاهله. وأكد أن الاحتجاجات «لا تزال تحافظ على سلميتها، لكن تجاهلنا سيدفعنا إلى تحركات أقوى». وجاءت الاحتجاجات بعد يومين فقط على عقد البرلمان المنتخب الجديد جلسته الأولى، وتوجيه مدفيديف رسالته السنوية إلى الهيئة الاشتراعية، والتي تضمنت سلسلة تدابير إصلاحية للنظام السياسي والانتخابي اعتبرها المحتجون «رضوخاً جزئياً» لمطالبهم خلال الاحتجاجات قبل أسبوعين.