5 جوائز دولية لمركز الملك سلمان للإغاثة في 20245    «هيئة الشورى» تحيل مشاريع أنظمة واتفاقيات للعرض على المجلس    مواد إغاثية سعودية للمتضررين في اللاذقية    «سهيل والجدي» ودلالات «الثريا» في أمسية وكالة الفضاء    الأرصاد: رياح نشطة مصحوبة بانخفاض في درجات الحرارة على عدد من المناطق    قوة الوظائف الأمريكية تقضي على آمال خفض الفائدة في يناير    «موسم الرياض» يسجل رقماً قياسياً ب16 مليون زائر    11,000 فرصة وظيفية لخريجي «التقني والمهني» في 30 يوماً    أمير نجران يستقبل مدير الجوازات    سورية الجديدة    خيسوس يعد الزعيم للمحافظة على «الصدارة»    شبح الهبوط يطارد أحد والأنصار    الخريجي يعزز العلاقات الثنائية مع إسبانيا    نغمة عجز وكسل    الراجحي يضيق الخناق على متصدر رالي داكار    أمير الشمالية يطلع على أعمال جمرك جديدة عرعر    محمد بن عبدالرحمن يواسي الخطيب والبواردي    سعود بن بندر ينوّه باهتمام القيادة بقطاع المياه    العلاقة المُتشابكة بين "الذكاء الاصطناعي" و"صناعة المحتوى".. المحاذير المهنية    الصحي الأول بالرياض يتصدر التطوع    "الأحوال المدنية" تقدم خدماتها في 34 موقعًا    أمانة مكة تباشر معالجة المواقع المتأثرة بالأمطار    جامعة الملك سعود تنظم «المؤتمر الدولي للإبل في الثقافة العربية»    المسجد النبوي يحتضن 5.5 ملايين مصل    السجائر الإلكترونية.. فتك بالرئة وهشاشة بالعظام    طالبات الطب أكثر احتراقاً    برشلونة يقسو على ريال مدريد بخماسية ويتوّج بالسوبر الإسباني    أمير القصيم يرعى المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي    متفرّد    فاكهة الأدب في المراسلات الشعرية    يِهل وبله على فْياضٍ عذيّه    أغرب مرسوم في بلدة إيطالية: المرض ممنوع    «ولي العهد».. الفرقد اللاصف في مراقي المجد    تمكين التنمية الصناعية المستدامة وتوطين المحتوى.. قادة شركات ينوّهون بأهمية الحوافز للقطاع الصناعي    155 مليون ريال القيمة السوقية للثروة السمكية بعسير    لمسة وفاء.. المهندس أحمد بن محمد القنفذي    خرائط ملتهبة!    قصر بعبدا.. بين عونين    سيتي يتطلع لحسم صفقة مرموش    الأهلي يسابق الزمن للتعاقد مع أكرم عفيف    جميل الحجيلان    السباك    في موسم "شتاء 2025".. «إرث» .. تجربة ثقافية وتراثية فريدة    150 قصيدة تشعل ملتقى الشعر بنادي جازان الأدبي    الأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية في غزة    هل نجاح المرأة مالياً يزعج الزوج ؟!    مطوفي حجاج الدول العربية الشريك الاستراتيجي لإكسبو الحج 2025    واتساب يطرح علامة تبويب خاصة بمحادثات «AI»    لبنان الماضي الأليم.. والمستقبل الواعد وفق الطائف    هل أنت شخصية سامة، العلامات والدلائل    المستشفيات وحديث لا ينتهي    7 تدابير للوقاية من ارتفاع ضغط الدم    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    مباحثات دفاعية سعودية - أميركية    تجربة استثنائية لمشاهدة أسرار مكة والمدينة في مهرجان الخرج الأول للتمور والقهوة السعودية    جدل بين النساء والرجال والسبب.. نجاح الزوجة مالياً يغضب الأزواج    أمير القصيم يشكر المجلي على تقرير الاستعراض الطوعي المحلي لمدينة بريدة    الديوان الملكي: وفاة والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بور سعيد والتناقض القاتل
نشر في الحياة يوم 04 - 02 - 2012

مأساة بور سعيد، أو بالأحرى مأساة مصر، تستحضر حالات عرفها ذاك البلد نفسه، كحريق القاهرة، أو عرفتها بلدان أخرى كحريق الرايخستاغ في ألمانيا.
القاسم المشترك هنا، فضلاً عن توسّل العنف، استخدامُ الكارثة الوطنية لإحداث تحوّل كبير ونوعي في السلطة وعلاقات الحكم، كأنْ تصعد جماعة إليه، أو تزيح منافسيها عليه، أو تقطع الطريق على تحوّل يثير خشية الطرف المتضرّر من ذاك التحوّل. ولا يكتمل سيناريو كهذا من دون افتعال الحاجة الأمنية وتضخيمها، بحيث تبدو الضربة المتوخّاة شرطاً لخلاص ينقذ المجتمع من نفسه الأمّارة بالسوء.
في هذه المعاني جميعاً، لا يخطئ الذين يشمّون رائحة المجلس العسكري في ما جرى، سيما وأن الانتخابات الأخيرة والبرلمان الذي انبثق منها تهدّد بإنهاء سلطة وامتيازات تضرب جذرها في انقلاب 1952، وبوقف العمل بنظام طوارئ هو عنصر تكويني في تلك السلطة. وعلى هامش هذا السعي، يمكن «الثأر» من قوى ك «الألتراس» وسواهم ممن تبادلهم السلطة العسكرية الحقد والعداء.
وبطبيعة الحال، توفّر الفوضى القائمة اليوم شرطاً نموذجياً لذلك، بما فيها بقايا الازدواج ما بين شبان الثورة والهيئات المنتخبة حديثاً، والإشكالات المحيطة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
هذا كلّه نصف الحقيقة، وهو نصف يقود الاقتصار عليه إلى المبالغة في أسئلة تقنية، على رغم أهميتها، من نوع قطع الكهرباء وعدم حضور رجال الأمن، فضلاً عن تكرار معزوفة الأصالة والشعب الأصيل والبحث عن «المؤامرة» التي تشوّه هذه الأصالة وشعبها.
إلاّ أن نصف الحقيقة الآخر الذي ينبغي أن يحظى بما يستحقّه من نقاش، هو أن المجتمعات التي يحصل فيها ما حصل في بور سعيد مجتمعات مرضوضة ومريضة، يصحّ هذا هنا كما يصحّ في ألمانيا حريق الرايخستاغ، ومصر حريق القاهرة.
ونكون نغشّ أنفسنا إذ نذهب مذهب الخرافة الثورية الشهيرة التي تقول إن المجتمعات خير وبركة بالمطلق، فيما الأنظمة مستودع الشرور بالمطلق أيضاً. فلا الاستقطاب الطائفي الحاد، المسلم-القبطي، في مصر، ولا التصويت الأخير الذي ينطلق من الهوية ويزكّيها مؤدّياً إلى هيمنة القوى الدينية على البرلمان، ولا القدرة على تهميش الشبيبة الديموقراطية التي أطلقت الثورة... غير عوارض عميقة على مرض ضارب.
وهذا إنما يضعنا أمام مسألة معقدة فعلاً، لا تخفي ظاهرها المتناقض: فمن جهة يتبدّى أنّ حال المجتمع المصريّ، وسائر المجتمعات العربيّة، تفرض على الثورات انطلاقها من عتبة بالغة الانخفاض، لا يخفّف من انخفاضها التغنّي بالأصالة والتعويل التحليليّ على «المؤامرات». ومن جهة أخرى يلوح، على عكس ما يقوله خصوم الثورات، أنّ المطلوب ثورات أكثر راديكاليّة من تلك الحاصلة، بحيث تذهب بنا، بما أمكن من سرعة، من السياسيّ إلى المجتمعيّ والثقافيّ الأعرض.
وغنيّ عن القول إنّ المهمّة الثانية ستكون صعبة جدّاً، إن لم تكن مستحيلة، في ظلّ الشروط الناجمة عن استفحال ذاك المرض المجتمعيّ. وهذا التناقض ما قد يشكّل مقتل المستقبل، لا مستقبل الثورات وحدها بل مستقبل المجتمعات أيضاً. وهو، بالطبع، ما يضعنا أمام مدى الأذى والتخريب الهائلين اللذين أنزلتهما عقود الأنظمة المتداعية حين أمعنت، إلى هذا الحدّ، في تخريب مجتمعاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.