يبدو أن أنصار البطيخ أكثر من أنصار المرأة، هذا إذا اتفقنا على من هم أنصارها، لأن كل طرف من «المناصرين» يدعي وصلاً بها، وهي «ما جابت خبر» الطرفين، لأن كل منهما يذهب بعيداً أكثر مما تحتاج يساراً أو يميناً، وهي لا تزال تبحث عن نقطة المنتصف، التي ترسم دائرتها وتحدد محيطها من خلالها... ما علينا. هذا الاستنتاج أتى من استنفار الكثير من الرجال الذي علقوا، أجابوا، استنكروا، أيدوا، وتفلسفوا رداً على مقال «نعي» البطيخ الاثنين الماضي. وتأكد لي أن البطيخ يحظى باهتمام رجالي خالص، وله من متتبعي أنواعه ومنشأه وشجرته النباتية والعائلية باحثون أكثر من الباحثين عن الحقيقة في هذه الدنيا، والطريف أن هناك خلافات كبيرة بين أنصار كل صنف منه على مزايا تنسب لنوع منه من دون آخر، وأن حقوق الملكية «الطعمية» والشكلية وحتى «البزرية» نسبة إلى بذوره، منتهكة ولم ترد ضمن بنود اتفاق التجارة العالمية. الأخ سليمان التويجري عتب علي أن لم أذكر منشأ كل نوع مما سماه مازحاً «قبائل الجح» مثل الساجرية نسبة إلى مدينة ساجر، والدوسرية والقصيمية، والخرجية نسبة إلى مدينة الخرج، وأجيبه أمامكم بأنني لم أكن أعرف سوى النوع الذي يأتي من مدينة السر، وأحياناً يأتي ذكر الخرج عند بعض البائعين، ثم أنني أخشى من مواضيع النسب والنسبة إلى الأماكن، فالأول قد يحرجني يوماً عند شرائي بطيخة، فيرفض البائع أن أحصل عليها لعدم تكافؤ النسب، والثاني لأن أي شيء فيه نسبة، سواء كانت فوق أو تحت على طريقة الأسهم، يذكرني بغبائي ونحو خمسة ملايين مستثمر معي إن اعتقدنا أن هناك من سيسمح لنا بالثراء من دون أن يأخذ حقه سلفاً، أو يستخدمنا لتحقيق أغراضه «الاستثمارية». وإجمالاً فثقافة الحظ في البطيخ سائدة، فالمرأة تتزوج الرجل ولا تعرف حقيقته إلا عندما يصبح «رجلها»، والرجل يتزوج المرأة ولا يتأكد من معرفتها إلا عندما تصبح «حرمته»، وأنت تذهب إلى أية دائرة حكومية خدمية، وتظل تدعو أن يضعك «السرا» أمام موظف مبتسم ومتفهم وعملي، لأن النظام ليس بالضرورة ما يطبق، خصوصاً إذا كان موظفو القسم أو الدائرة متحلقين حول صحن فول أو وليمة «مطبق». وأخيراً فإن أظرف ما في موضوع الجح، أن الجميع عند الشراء يضربون بأيديهم عليها «على بالهم يفهمون»، وسألت مرة أحدهم كيف تعرف من الضربة أنها جيدة، فأجابني أن «الجحة» الزينة تجعلك تحس في يدك ب«صدى»، وهو يقصد التردد الصوتي المرتد من أعماق «الجحة» إلى قشرتها الخارجية... نعم صحيح بالضبط كما أفادنا الجيولوجيون عن «العيص». [email protected]