في حفلة بهيجة، وبرعاية رسمية من أعلى هرم في وزارة الثقافة والإعلام، الدكتور عبد العزيز خوجة، وبحضور ثلة من نجوم الفكر والأدب، أعلنت الإعلامية دلال عزيز ضياء بملء فيها، وبكامل وعيها، وهي تخيل فخراً وزهواً بوالدها في حفلة تكريمه، إهداءها مكتبة أديبنا الراحل عزيز ضياء للنادي الأدبي بجدة. كان ذلك في حفلة افتتاح ملتقى قراءة النص التاسع، الذي ينظمه سنوياً نادي جدة الأدبي، وأقيم خلال الفترة24 -26 من شهر آذار (مارس) من عام 2009. وما أن أعلنت دلال ذلك حتى عجت القاعة بالتصفيق لهذه البادرة الحضارية من أسرة «أديبنا»، وأشدد على ذلك لأن الرموز الفكرية والأدبية في أي أمة هم ملك مجتمعهم وليس من حق أسرهم حجب إبداعاتهم وآثارهم. ويتبادر إلى الذهن هنا بعض قصص الحجب أو المنع أو الحرق، التي مارسها أقارب بعض الكتاب أو الفنانين بعد وفاتهم اجتهاداً منهم أو تعسفاً وانتصاراً لأفكار تحرم الفن، وتتحفظ على أفكار ذلك المفكر أو المبدع. لكننا هنا أمام أسرة رائده تقدر العلم والفن والأدب. فزوجة عزيز ضياء هي السيدة أسماء زعزوع، التي اشتهرت قديماً باسم «ماما أسماء» هي من أوائل الأصوات النسائية في الإذاعة السعودية، واقتفت أثرها دلال إلى أن أصبحت كبير مذيعي إذاعة جدة، وشقيقها هو الفنان التشكيلي ضياء عزيز ضياء الذي تزين منحوتاته ومجسماته كثيراً من الأماكن المهمة مثل «بوابة مكةالمكرمة»، وواجهات مبان ومطارات عدة. لذلك لم يكن من المستغرب أن تتصرف مثل هذه الأسرة ذات الريادة الإعلامية والفنية هذا التصرف الحكيم بإرث أدبي وثقافي كإرث عزيز ضياء وتقوم بإهدائه لنادي جدة الذي هو أحد مؤسسيه. فهل يحق للسيدة دلال، بعد أن «ذهبت السكرة وجاءت الفكرة» أن تتراجع؟ ولماذا بعد سنتين وأكثر تأتي لتصرح للصحف «أن مشروع إهداء المكتبة إلى نادي جدة الثقافي لم يؤخذ بشكل جدي، مبدية مخاوفها من أن تخزن الكتب بطريقة غير جيدة وتتعرض للإهمال» ؟ هل استأذنت الوزير الذي شهد على ذلك وباركه وشكر السيدة دلال على هذه الهبة العظيمة؟ ألم تصرح بأن «إهداء المكتبة للنادي لا يمثل «تعظيماً للوالد» بقدر ما يمثل «تأسيساً لثقافة الإبقاء، واحتراماً للمبدعين والرواد، وتقديم قدوة طيبة للشباب بضرورة وجود المكتبة وأهميتها في كل بيت»، وأن المكتبة «ستنتقل إلى النادي الأدبي فور الانتهاء من التوسعة الجارية للنادي»؟ فلماذا تراجعت دلال؟ هل رضخت لمعارضة ابنها عاصم الذي «يريد بقاء المكتبة ليحافظ على ذكريات جده الذي فقده وهو ابن 17 عاماً» بحسب تصريح له؟بعيداً عن الأسباب العاطفية، فإنه لا يحق الرجوع عن الهبة من دون موافقة الموهوب. وبحسب علمي المتواضع في القانون فإنه يجوز للخاطب فقط استرداد هداياه في حالة الفسخ. فهل كانت مجرد خطوبة؟ * أديبة سعودية