مهما تقدم الزمن وتعددت الوسائل، وأصبحت أكثر تطوراً، إلا أن ما عجزت عنه كل المخططات والابتكارات في التخلص منه، بقى منتشراً ، فلا تكاد تخطو راجلاً أو راكباً لمسافة قصيرة في مدينة جدة إلا وتشاهد عيناك صهاريج المياه، «وحافلات خط البلدة»، لتسرح مندهشاً من استحالة اندثارها رغم قدمها واهترائها، وتتفاجأ أخيراً بسقوطك في «حفرة» تعيدك للأمر الواقع. إذا رأيت (الوايت وحافلة خط البلدة والحفرة) في طريق واحد، فأنت بالتأكيد في مدينة جدة، إذ غدت علامات بارزة للمدينة الساحلية. عبدالله الشهراني يناهز المركبات الصغيرة، ويسير بسرعة عالية غير آبه، ويقول: « الوايت اصبح أكثر خطورة على السلامة المرورية، فأنا بدأت ألاحظ عدم مبالاة سائقي هذه العربات الضخمة، فهذه السيارات أقرب ما تكون إلى سلاح فتاك في أيدي هؤلاء»، مطالباً بالرقابة والمتابعة الدورية لسائقي عربات النقل، والعربات التي تصدر الدخان المضر بالبيئة والصحة العامة. ولا يختلف الأمر مع «حافلة خط البلدة «، تلك العربة الناقلة الأكثر شعبية، فهي منتشرة في أنحاء مدينة جدة، وكذلك مدينة الرياض، إلا أن جدة تحفل بنصيبٍ وافرٍ منها، الأمر الذي أغرى محدودي الدخل بركوبها، فتسعيرة الركوب في هذه الحافلة رمزية جداً ولا تتجاوز الريالين، مقارنة بسرعة الوصول، وكذلك استمتاع الركاب بالهواء الطبيعي بعيداً عن هواء التكييف. ويقف ماجد الجهني حائراً أمام مدى التزام هؤلاء بالأنظمة المروية، خصوصاً أمام عبارة «وقوف متكرر»، التي لا يلاحظها البعض إلا عند التصاق «صدام» مركبته بالحافلة، ويقول: «لم يسبق لي وأن ركبت حافلة من قبل، لأن مظهرها الخارجي يبدو سيئاً جداً، وليس فيه أي التزام بقواعد السلامة، و يتضح من اللوحات القديمة للكثير من الحافلات، عدم تجديد استمارة العربة، وعدم عرضها للفحص». وأردف بالقول: «نادراً ما أجد سعوديين يستقلون الحافلة، فأكثر من يركبها هم العمالة الأجنبية، وذلك لزهادة أجرتها». ويتحدث الجهني كما يبدو حالماً، مستعرضاً الفرق بين حافلات خط البلدة وحافلات خطوط البلدان الأوروبية: «الحافلات التي بدأت بالاستخدام في بريطانيا أوائل القرن ال19، كانت عبارة عن عربات تجرها الخيول، ثم طور هذا الاختراع في أميركا، وأصبح يعرف بعربات القطار الكهربائي، وهي مركبات من نوع الحافلة تسير على قضبان سكك حديد، فهي في ذلك الحين كانت وسيلة نقل «جيدة» ، ولازالت تتعرض للتطوير والتحديث المستمرين، أما حافلاتنا فهي هرمة، وفي تدهور مستمر، ولا بديل لها، ويبدو أنه من الصعب أن تنقرض». وتبقى حفر جدة هي الفارق الرئيس، فهي لا تكاد تحصى أو تعد فيها ، وإن كان للحفرة تاريخ فسينبثق من هذه المدينة، وعلى كثرة وجودها يعلق المتحدث الرسمي لمرور محافظة جدة المقدم زيد الحمزي بأن قسم دراسات الأمن و السلامة في مرور جدة يقوم برفع ملاحظات لأمانة جدة بالمواقع الموجودة بها الحفر، التي قد تكون سبباً في حصول حوادث مرورية. ويضيف: «الأمانة هي المعنية بالحفريات الموجودة في بعض المواقع، كما أن لدينا دوريات ترفع ملاحظاتها للأمانة، وتقوم بمتابعة هذه الملاحظات، كما يتم التنسيق مع أمانة المحافظة للتخلص من مثل هذه العوائق المرورية» . ويؤكد الحمزي أن عبارة «توقف متكرر» المكتوبة على حافلات «خط البلدة»، تفيد بوقوف الناقلة في أماكن مخصصة ومعينة وبعيدة عن حركة السير، وفي حال حدوث خلاف ذلك، يتم منعها واتخاذ الإجراءات القانونية مع أصحابها.