من أقدم القصص التي حفظناها «صم»، وظهرت برسوم متحركة وما زالت حتى الآن حية تجدها في قصص الأطفال ورسوم التلوين قصة الأرنب والسلحفاة. بحثت بشكل سريع ولم أتوصل إلى أصل ... القصة، لكنني أعتقد أن البعض صدقها، فتقمص شخصية السلحفاة في كل شأن، وجلس يتفرج على الأرنب وفي ذهنه نهاية القصة الشهيرة. والحقيقة والواقع يقولان أن السلحفاة لا يمكن أن تسبق الأرنب حتى لو كان الأخير مصاباً بشد عضلي أو كسر مضاعف ويزحف زحفاً... حتى ولو كان مغروراً مزهواً بإمكاناته، اللهم إلا إذا دخلت الواسطة، مثل أن يتوسط لها كاتب القصة هنا ستربح السباق ولو لم تربح. ولو طلب مني تصميم شعار «معبر» لوزارة التخطيط، فسأختار لها صورة سلحفاة مختبئة في صدفتها، لا تلتفت حتى لو دق ترسها بدقاق، أما الأرنب فهو التطور المتسارع والحاجات المتزايدة بل المتراكمة، إنه العالم من حولنا، عصر قطار الرصاصة، عصر وصل فيه العلماء للعمل على استخدام الفكر لزيادة سرعة الدراجة الهوائية! وما أعاد قصة الأرنب والسلحفاة إلى الأذهان هو ما نشر عن «الاستراتيجية الوطنية للشباب» في السعودية التي قال الخبر الصحافي إن وزارة الاقتصاد والتخطيط «تعمل» عليها منذ العام الماضي، و «يُنتظر» البدء في تطبيقها. ومشكلتنا في كثير من القضايا هي في «تعمل وينتظر». أما إذا اطلعت على المنشور مع ما في موقع الوزارة عن هذه الاستراتيجية، فلن تجد سوى كتلة إنشائية مع أرقام حفلت بها الصحف منذ أكثر من عقد عن نسبة الشباب والعاطلين... إلخ، ما تكرر طرحه منذ زمن يتباعد، مصداقاً لقول الشاعر: «نحن الشباب لنا الغد»، لكن لكل يوم غداً! ليست هناك فجوة بين واقع الشباب والتخطيط وتوفير الفرص والحاجات والتطلعات، بل هوة سحيقة، وإحدى معضلاتنا أنه حينما تكثر الطروحات حول قضية ويتزايد النقاش حولها وتقديم الحلول «المقترحة»، يصل البعض لاحقاً، مع تراكم الطرح، إلى يقين أنه تم حلها أو هو على مشارف الإنجاز، ولا أحد يعرف من يعمل عليه ويديره. انه هناك، جهة ما، جزيرة من ضمن الجزر الحكومية. وقد يقول قائل إن وزارة التخطيط ضعيفة، وبدلاً من أن يقويها ضم الاقتصاد إليها، «ولو كان ضماً شكلياً» أثقل كاهلها الاسم من دون وضوح ماهية «الاقتصاد» الملحق بها، لكنها في كل الأحوال تبقى وزارة ومسؤولة قنعت بدور السلحفاة، وتحلم بنهاية القصة الشهيرة