اختيار منتدى التنافسية الدولي السادس لموضوع «حتمية ريادة الأعمال « أو ”Entrepreneurship imperative“ كمحور رئيس لهذا العام هو بالفعل اختيار يتناسب مع التحديات التي تواجهها المملكة في توطين الوظائف وخلق مبادرين يتحملون مسؤولية النهوض بالمشاريع التنموية في جميع مناطق وقرى وهجر المملكة. عندما وصلتُ لإستراليا قبل عامين تقريباً لدراسة الماجستير في إدارة المشاريع، ولاحقاً الدكتوراه في التخصص نفسه، لم أكن أتوقع أن ريادة الأعمال تتمتع بهذا الزخم والاهتمام في الجامعات الإسترالية. بالأمس فقط أتيحت لي الفرصة لحضور عرض تقديمي لأحد زملائي في قسم ريادة الأعمال والإبداع (بالمناسبة القسم يقدم درجات الدبلوم والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه في هذا التخصص)، يتحدث فيه عن المناطق الصناعية في الصين والفرص المتاحة لرواد الأعمال فقط في هذه المناطق بعيداً من منافسة الكيانات الكبيرة الموجودة سابقاً، بحيث تخصص الحكومة الصينية مدناً صناعية بأكملها كمنح لرواد الأعمال الشبا،ب ودعمهم لبدء مشاريع صناعية بدورها تتطور لتصبح مشاريع عملاقة، وتستمر العجلة بإنتاج جيل جديد من رواد الأعمال الشباب كل خمسة أعوام. مثل هذه الفكرة قد تكون قابلة للتطبيق فعلياً لدينا في المملكة. ففي ظل وجود «20» مدينة صناعية تقريباً في المملكة، ما بين قائمة وتحت التطوير، تصبح الحاجة ملحة لخلق آلية لصناعة رواد الأعمال من شباب المناطق، يساعد في ذلك وبقوة عاملان مهمان، هما خوف رأس المال المحلي، وصعوبة جذب رأس المال الأجنبي. رأس المال المحلي غالباً يرفض المجازفة في مشاريع ذات طابع يختلف عن مشاريعه القائمة، أما رأس المال الخارجي فغالباً يتخوف من المخاطرة، نظراً لكون معظم الشركات هي أموال مساهمين ليس من السهل المخاطرة بها. تبقى المهمة الرئيسة وهي التركيز على إقناع الشباب الراغب في بدء العمل الحر بفتح جميع الأبواب، بلا استثناء، أمامه، ومن ضمنها دعم مالي جيد من البنوك السعودية، يتناسب مع المشروع وبلا تعقيدات، كما هو موجود حالياً، ومبادرة مجلس التدريب المهني والتقني في مكةالمكرمة لإقراض خريجي الكليات والمعاهد الصناعية التابعة له قروضاً لتمويل المنشآت الصغيرة بحد أقصى 300 ألف ريال، هي بادرة ممتازة بكل المقاييس، على رغم أن المبلغ يحتاج إعادة دراسة، إلا أن المبادرة بحد ذاتها ستسهم بشكل فعال في رفع الوعي بالعمل الحر والتنافسي في المجتمع. آمل أن تبادر وزارة التعليم العالي كذلك بمنح خريجي الداخل والخارج، على السواء، مثل هذه الفرصة عاجلاً تحت ضوابط ودراسات، بحيث يتناسب التمويل مع حجم المشروع، وتشجيع الشباب لاختيار المشاريع المتوسطة إلى الكبيرة للبدء فيها، ما سيسهم في تحول مجتمعنا إلى مجتمع تنافسي، يقوده رواد أعمال ناجحين بإذن الله. باحث في إدارة المشاريع المستدامة [email protected]