دمشق، نيقوسيا، بيروت - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - قال ناشطون وشهود إن قوات الجيش السوري واصلت أمس عملياتها الأمنية الواسعة في أنحاء ريف دمشق وحمص التي شهدت قصفاً مدفعياً عنيفا على الأحياء السكنية ما أدى إلى اندلاع الحرائق في أحياء عدة من بينها بابا عمرو وحي البساتين. وتحدث الناشطون عن سقوط العشرات بين قتيل وجريح، غالبيتهم في حمص وريف دمشق وإدلب. في موازاة ذلك، دعت المعارضة السورية إلى يوم حداد وغضب أمس في سورية، بعد مقتل مئات الأشخاص في تصعيد للعنف يهدف إلى إنهاء الحركة الاحتجاجية في البلاد. وبينما قالت وزارة الداخلية السورية إنه «تم توجيه ضربات موجعة منذ ثلاثة أيام للمجموعات الإرهابية المسلحة»، وصف قائد «الجيش السوري الحر» العقيد رياض الأسعد العمليات التي يقوم بها جيشه بأنها «حرب عصابات»، قائلاً إن «خمسين في المئة من الأراضي السورية لم تعد تحت سيطرة النظام، من دون أن يعني ذلك وجود إمكانية للجيش الحر بالسيطرة الكاملة على أي منطقة». وأكد ناشطون سوريون أن الوضع الأمني في البلاد بات أشبه ب «حرب العصابات»، مشيرين إلى عمليات «كر وفر» بين الجيش النظامي والمنشقين بخاصة في حمص وإدلب وريف دمشق. وقال «المجلس الوطني السوري» أبرز قوى المعارضة إنه قرر بالتنسيق مع قوى «الحراك الثوري» إعلان يوم أمس «يوم حداد وغضب عام على ضحايا المجازر الوحشية لنظام الطغمة الأسدية». ودعا المجلس في بيان «المساجد إلى رفع أصوات التكبير والتهليل، والكنائس إلى قرع الأجراس» متهماً النظام باستخدام «الدبابات والأسلحة الثقيلة في قصف الأحياء المدنية». وأكد المجلس أن الشعب السوري «لن يتراجع عن طريق الثورة مهما عظمت التضحيات». وقال «المجلس الوطني» إن النظام السوري «صعد من جرائمه بحق المدنيين مستغلاً الغطاء الذي توفره له بعض الأطراف الإقليمية والدولية، وتلكؤ المجتمع الدولي في اتخاذ خطوات عاجلة لتأمين الحماية اللازمة للسوريين بكل الوسائل المتاحة». وجاء بيان المجلس فيما تكثّفت العمليات العسكرية في المناطق القريبة من العاصمة. وقال ناشطون إن الضاحية الشمالية الشرقيةلدمشق محاصرة ويتمركز جنود خلف سواتر من أكياس الرمل في حين يراقب آخرون السيارات. ففي بلدة رنكوس التي تبعد 40 كلم عن دمشق، قامت قوات الجيش ب «تفجير منازل بعيد خروج سكانها منها» و «تنفذ القوات السورية حملة مداهمات واعتقالات في بلدة رنكوس» المحاصرة، وفق ناشطين. ودخلت القوات السورية رنكوس التي يبلغ عدد سكانها 25 ألفاً بعد محاصرتها ستة أيام، وفق ما أفاد المرصد السوري، مضيفاً أن «المجموعات المنشقة انسحبت من البلدة». وتحدث نشطاء عن أن القوات السورية قتلت ما لا يقل عن 25 شخصاً خلال اقتحامها الضواحي الشرقية للعاصمة أول من أمس لاستعادة السيطرة عليها من أيدي المنشقين. وقال نشطاء سوريون إن القتال انحسر قبل ساعات بعدما بسطت وحدات عسكرية من الجيش سيطرتها على التجمعات الحضرية المتاخمة للمنطقة الزراعية المعروفة باسم غوطة دمشق وتراجع «الجيش السوري الحر». وقال أحد النشطاء ويدعى كمال بالهاتف لرويترز «انسحب الجيش السوري الحر إلى أطراف الضواحي وكتائب (الجيش) تنفذ اعتقالات وتنهب المنازل». وأشار إلى اعتقال ما لا يقل عن مئتي شخص في ضاحية حمورية وهي واحدة من ثلاث ضواحٍ كانت بؤرة الهجوم العسكري الذي بدأ يوم السبت. وفي حمص، قال نشطاء في بلدة الرستن في ريف المدينة إن قوات سورية قتلت 10 أشخاص معظمهم من النشطاء وأقاربهم وأصابت 15 آخرين بجراح حينما تسبب قصف الجيش في انهيار مبنى في البلدة. وقال ناشط عرف نفسه بأبو جعفر لرويترز عبر هاتف يعمل من خلال الأقمار الاصطناعية «وقع قتال وبدأت دبابات تي - 72 قصف المنطقة مساء الاثنين وفي الساعة التاسعة والنصف مساء (19.30 تغ) أصابت قذيفة صاروخية أو دانة دبابة منزل أسرة منصور فدمرته». وأضاف «كانوا في معظمهم نشطاء وأقاربهم. وأصيب 15 امرأة وطفلاً كانوا في جانب آخر من المبني». وأفاد ناشطون بأن عدداً من الأشخاص أصيب برصاص قوات الأمن المتمركزة عند الحواجز في حيي باب السباع ودير بعلبة. وقال سكان وناشطون سُمعت أصوات طلقات نارية من مختلف الأعيرة في أحياء حمص بخاصة حي بابا عمرو، كما شوهدت سحب كثيفة من الدخان تتصاعد من منطقة حي البساتين في المدينة بعد تعرض خط لنقل الغاز لقذيفة دبابة. وتم استهداف حي بابا عمرو بالمدفعية وراجمات الصواريخ والهاون، وأوضح شهود أن الحواجز موجودة في كل مكان في المدينة ومحاطة بثكنات عسكرية كثيفة تقوم بإطلاق النار عشوائياً على المنازل والبيوت في المدينة. وقال السكان إن مدينة الرستن القريبة أيضاً تتعرض لقصف أعنف مما تعرضت له حمص. استطاع عناصر من الجيش السوري الحر السيطرة على حاجز «حي السبيل» في البياضة وتدميره في شكل كامل إضافة إلى حاجز «باب الدريب والذي يوجد فيه ثكنة عسكرية كبيرة إضافة إلى مركز طبي ومستوصف ومدرسة». وفي إدلب، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أربعة أشخاص قتلوا برصاص الجيش في المحافظة بشمال غربي البلاد. وأفاد ناشطون بأن الجيش النظامي اقتحم سراقب وسط قصف وإطلاق نار كثيف وأن القصف طال مستشفى الشفاء والفرن الآلي بوسط المدينة. وفي معرة النعمان قرب إدلب أفاد ناشطون بأن عدداً من الأشخاص أصيب بجروح اليوم نتيجة قصف استهدف ثلاثة منازل وبأن الجيش النظامي أعلن حظراً للتجول وهدد باستهداف من يخالف الحظر. أما في محافظة درعا فجرى الكثير من التظاهرات المناهضة للنظام وشارك آلاف الأشخاص في تشييع جنازة أحد القتلى مطالبين بإسقاط النظام. إلى ذلك، وصف قائد «الجيش السوري الحر» العقيد رياض الأسعد في اتصال هاتفي مع «فرانس برس» العمليات التي يقوم بها جيشه بأنها «حرب عصابات» تعتمد على توجيه ضربات إلى قوات النظام والانسحاب. وقال الأسعد من تركيا إن «العمليات التي يقوم بها الجيش الحر في سورية بمثابة حرب عصابات تقوم على توجيه ضربات سريعة إلى المواقع الأسدية ثم الانسحاب التكتيكي إلى مناطق آمنة». وتحدث عن «عمليات نوعية يومية» للجيش الحر تستهدف خصوصاً «حواجز لقوات النظام وبعضها يتم بالتنسيق مع عناصر على الحواجز التي يتم الاستيلاء عليها وتدمير عربات فيها قبل الانسحاب». وذكر أن عمليتين من هذا النوع سجلتا أمس في جسر الشغور ومعرة النعمان في محافظة إدلب. وقال الأسعد رداً على سؤال إن قوات النظام «شددت منذ أسبوع حملتها على ثلاث مناطق هي ريف دمشق وحمص وإدلب، اقتناعاً منها بأن إخماد الثورة في هذه المناطق يعني انتهاء الثورة في شكل عام. وهناك هجمة شرسة جداً مستمرة على هذه المناطق». واعتبر أن «الروح المعنوية للجيش الأسدي هي تحت الصفر، وهو بدأ يفقد أعصابه في موازاة فقدان سيطرته على الأرض، فيعمد إلى الهجوم على المدنيين من دون أن يفرق بين رجل وامرأة وطفل ويقصف المنازل عشوائياً». وأوضح أن الجيش الحر «لا يمكنه السيطرة في شكل كامل على أي منطقة، خوفاً من حصول تدمير كبير في حال رد النظام بأسلحته الثقيلة وبالتالي إلحاق مزيد من الضرر بالمدنيين». إلا أنه أكد أن «خمسين في المئة من الأراضي السورية لم تعد تحت سيطرة النظام، من دون أن يعني ذلك وجود إمكانية للجيش الحر بالسيطرة الكاملة على أي منطقة». وأشار الأسعد إلى أن العمليات العسكرية توقع خسائر في صفوف الجيش الحر، إلا أنه أكد أن «الشعب صامد والجيش السوري الحر صامد والثورة مستمرة والنظام سيسقط إن شاء الله قريباً». وقال العقيد الأسعد إن «النظام يجيش لحرب طائفية ويلعب على هذا الوتر، لكننا لن ننجر إلى هذه الأكاذيب». وأعلنت الداخلية السورية أمس أن «الأجهزة المختصة» قامت في الأيام الثلاثة الماضية ب «عملية نوعية» في ريف دمشق ذلك انطلاقاً من «واجب الدولة في فرض النظام والقضاء على حالة الفوضى». ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن بيان وزارة الداخلية أن «الأجهزة المختصة قامت خلال الأيام الثلاثة الماضية بعملية نوعية في مناطق دوما وحرستا وسقبا وحمورية وكفر بطنا (قرب دمشق)، لاحقت خلالها عناصر المجموعات الإرهابية المسلحة التي ارتكبت أفظع جرائم القتل والخطف بحق المواطنين وزرعت الألغام وفجرتها في الطرقات العامة وروعت الأهالي بمن فيهم الأطفال والنساء واعتدت على الممتلكات العامة والخاصة بما في ذلك البنية التحتية للمنطقة من شبكة كهربائية واتصالات». وتابعت: «بعد الاشتباك مع تلك المجموعات المزودة بأحدث أنواع الأسلحة بما في ذلك الإسرائيلية والأميركية منها تمكنت الأجهزة المختصة من القضاء على عدد كبير من الإرهابيين وألقت القبض على عدد آخر وقد عثرت على عدد من المخابئ السرية والأقبية التي استخدمتها تلك المجموعات الإرهابية لتصنيع عبوات القتل والإرهاب واحتجاز المختطفين من المدنيين إضافة إلى كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات بينما لا تزال الملاحقة مستمرة لمن تبقى من فلول هذه المجموعات». وأشارت إلى أن «عناصر المجموعات المسلحة، رفضت تلقف الفرص الكثيرة التي منحت إليهم لتسليم أنفسهم وتجاهلت التحذيرات المتكررة التي أطلقتها الحكومة السورية بأنها لن تتساهل مع كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطنين». كما أفادت (سانا) بأن «مجموعة إرهابية مسلحة استهدفت أمس في عمل تخريبي خطاً لنقل النفط في منطقة السلطانية في بابا عمرو في حمص أدى إلى اندلاع حريق ضخم في منطقة التفجير». وزادت أن «الشركة السورية لنقل النفط الخام تقوم بالتنسيق مع الجهات الأخرى المعنية لمعالجة الموضوع». وأفادت الوكالة الرسمية بأن «الجهات المختصة أحبطت أمس عملية تسلل مجموعة إرهابية مسلحة عبر الحدود عند منطقة الجانودية بمحافظة إدلب في شمال غربي البلاد، وتمكنت من قتل أحد الإرهابيين والقبض على آخر فيما لاذ بقية أفراد المجموعة بالفرار».