مرعبٌ ومؤلم وبشع ما يحدث في سورية. سبعة آلاف قتيل والنظام مستمر في قمع شعبه كأنه عدوه اللدود، وروسيا مستمرة في موقف غير مفهوم سوى انها عازمة على استعادة أيام نفوذها الماضي حين كانت قوة عظمى تريد العرقلة في مجلس الامن. هل ينجح المغرب بدعم من الدول العربية الفاعلة في الحصول على موافقة دولية على المشروع العربي الذي اقرته الجامعة العربية ورفضته سورية؟ لا يمكن ان يستمر مثل هذا النظام القاتل لأبنائه امام عالم عاجز عن ايقاف العنف والقمع بسبب روسيا. إن سقوط النظام السوري سيكون له تأثير كبير وأساسي على موازين القوى في المنطقة، من لبنان الى فلسطين الى العراق، لأسباب عدة، ففي فلسطين بدأت «حماس» تغير موقفها، وقد شهدنا ذلك في الزيارة الاخيرة لخالد مشعل الى الاردن، وفي لبنان سيضطر «حزب الله» الى العودة إلى تقاسم حقيقي للسلطة مع المعارضة والحوار معها بالعمق من دون غطرسة وهيمنة، كما يفعل الآن، فلا يمكن الحزب بعد سقوط نظام محكوم بالزوال، الا ان يحترم الفئة الاخرى من الشعب التي تريد لبنان سيداً وحراً وغير خاضع لا لسورية ولا لإيران. اما التغيير الاساسي الذي سيحدث لدى سقوط النظام السوري، فهو ان ايران ستفقد ذراعها اليمنى في عراق المالكي، ففي العراق تكونت الاحزاب الدينية العراقية في ايران، التي دعمتها وأعطتها المال. هذه الاحزاب لم يكن لها دور سياسي في الداخل، ولكن في الخارج، فبعد تصفية صدام حسين لحزب «الدعوة» مثلاً، لم يبق له نشاط في العراق، ومكانه الرئيسي اصبح ايران، وإلى حد ما سورية، ف «الدعوة» و «المجلس الأعلى» هما الحزبان الاساسيان اللذان تأسسا بعد صدام حسين في ايران. أما تيار «جيش المهدي»، فتم تدريبه وتسليحه في ايران على القمع والعنف والإرهاب، كما مجموعة قيس الخزعلي، المقربة الآن من رئيس حكومة العراق نوري المالكي، التي سلّحتها ودرّبتها ايران، وأيضاً مجموعة ابو كرار، التي لجأت الى ايران وهي اليوم ترسل الإرهابيين الى العراق. مقتدى الصدر يخضع للنفوذ الايراني، ويعترف ان ايران تمول حركته، فالاجهزة الايرانية نشطة في العراق، وفي كربلاء والنجف. ايران تدير العراق حالياً، والرئيس السوري ادعى في البداية انه يدعم قائمة اياد علاوي وطلب منه التوجه بسرعة الى سورية لانه سيزور ايران ويقنع القيادة فيها برئيس حكومة غير المالكي، لأنه اصطدم به في البداية، ولكنه في النهاية طبَّق ما أملته عليه ايران، اي دعم تعيين المالكي، فالنظام السوري هو الأداة الاساسية لايران للعمل المكشوف في العراق وممارسة الارهاب والتدخل والعنف من ايران وسورية. وإذا سقط النظام في سورية ستفقد ايران ذراعها اليمنى للتأثير على العراق، وفقدان الذراع اليمنى لايران يفقدها الذراع اليسرى أيضاً، أي نفوذها على الاحزاب الطائفية في العراق، التي ستصبح أداة ايرانية مكشوفة، وقسم منها قد يبحث عن حلفاء جدد لحماية نفسه من المالكي. إن ما يغطي التحرك الايراني في العراق الآن هو العمل السوري، إلا أن سقوط النظام السوري، رغم أنه أصبح حتمياً، يطرح السؤال حول الوقت الذي قد يستغرقه سقوطه، ومستوى كلفة استمراره في القتل. المطلوب اليوم تدخل دولي سريع لوقف سفك دماء الأبرياء والعمل على ترحيل نظام يرتكب الجرائم ضد شعبه وفي البلد الشقيق لبنان. فلينقذ العالم ومجلس الامن الشعب السوري من الجرائم المرتكبة في كل من لبنان وسورية والعراق، وإلا فستتحمل روسيا مسؤولية جريمة ستبقى في ذهن شعوب المنطقة الى الأبد.