دمشق، القاهرة، إسطنبول، نيويورك - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - في خطوة مفاجئة قررت جامعة الدول العربية وقف أعمال بعثة مراقبيها في سورية في شكل فوري بسبب تدهور الأوضاع. وردت دمشق على القرار بإعلان أسفها ودهشتها، وقال وزير داخليتها إننا سنواصل «تطهير المارقين». وأوضح الأمين العام للجامعة نبيل العربي أنه قرر وقف عمل المراقبين بعد مشاورات مع عدد من وزراء الخارجية العرب، مشيراً إلى أن الموضوع سيُعرض على مجلس الجامعة على المستوى الوزاري الأحد المقبل. وقال العربي إن القرار اتخذ نظراً إلى تدهور الأوضاع في شكل خطير في سورية واستمرار استخدام العنف وإطلاق النار الذي يذهب ضحيته المواطنون الأبرياء. ولفت إلى أن الحكومة السورية لجأت إلى تصعيد الخيار الأمني في تعارض كامل مع الالتزامات المنصوص عليها في خطة العمل العربية وبروتوكول مهمة بعثة المراقبين. وأشار العربي إلى أنه أعطى توجيهاته لرئيس البعثة لاتخاذ الإجراءات كافة اللازمة لضمان أمن وسلامة أفراد البعثة. وجاء إعلان هذا القرار بعد تصاعد حدة المواجهات واتساع الانشقاقات في صفوف الجيش السوري. وذكرت مصادر المعارضة أمس أن القتال تصاعد في عدد من ضواحي دمشق، وبات المنشقون يسيطرون على بلدات سقبا وجسرين وكفربطنا، التي لا تبعد أكثر من مسافة 15 دقيقة عن العاصمة. وقال نشطاء لوكالة «رويترز» إن بعض قوات الجيش كانت تطلق نيران الدبابات وقذائف المورتر والمدافع المضادة للطائرات. كما نقلت مراسلة ل «رويترز» من بلدة سقبا في ريف دمشق أن العلم السوري القديم بألوانه الخضراء والبيضاء والسوداء يرفرف على مدخلها ما يوضح أنها لم تعد تحت سيطرة قوات الرئيس بشار الأسد. وقالت إن عشرات المقاتلين الملثمين يتمركزون عند زاوية كل شارع حاملين البنادق الآلية والقذائف الصاروخية في دلالة قوية على التحدي، لوجودهم على مسافة تبعد بضعة كيلومترات فقط، عن قلب العاصمة السورية. وقال نشطاء أمس إنه عثر على جثث 17 رجلاً كانت تحتجزهم قوات الأمن السوري ملقاة في الشوارع في حماة وقد أصيبوا بالرصاص في رؤوسهم. وقالوا إن القتل وقع خلال هجوم للجيش على البلدة خلال الأسبوع. وردت الحكومة السورية على التدهور الأمني بالإعلان على لسان وزير الداخلية محمد الشعار أن أجهزة وزارته ماضية في «تطهير» البلاد من «رجس المارقين والخارجين على القانون»، مشدداً على أن سورية «ستبقى قوية بعزيمة أبنائها ودماء شهدائها». ووصف «كل من يحرض على إثارة الفتن الطائفية والعرقية في سورية بأنه شريك لإسرائيل في حربها على وطننا». في الوقت نفسه دعت دول الخليج وتركيا النظام السوري إلى قبول خطة الجامعة العربية «لوقف إراقة الدماء». وجاء في الإعلان، الذي صدر بعد الاجتماع المشترك الذي عقد في إسطنبول لوزراء خارجية دول مجلس التعاون مع وزير خارجية تركيا احمد داود أوغلو، أنه لم يتم إحراز تقدم على صعيد خطة السلام العربية «في الأغلب بسبب الاتجاه المتعنت الذي أظهرته الإدارة السورية». وأكد نائب الأمين العام للجامعة أحمد بن حلي أن قرار وقف أعمال بعثة المراقبين فرضته التعقيدات على الساحة السورية وقال إن مهمتهم ليست وقف إطلاق النار، إنما التحقق من التزام الحكومة السورية قرارات اللجنة الوزارية العربية. وأيد «المجلس الوطني السوري» قرار وقف أعمال بعثة المراقبين، وأوضح عضو المكتب التنفيذي رئيس المكتب الإعلامي للمجلس أحمد رمضان ل «الحياة» أن المجلس طلب تزويد المراقبين بالمعدات اللازمة في شكل كامل وأن يكونوا مؤهلين ومدربين وعددهم كاف. وقال إن سحبهم هو أفضل من أن تشكل البعثة غطاء لعمليات القتل التي زادت ولم تنقص. وأعلن «المجلس الوطني» أن وفداً برئاسة رئيسه برهان غليون سيكون اليوم في نيويورك لمطالبة مجلس الأمن الدولي بتأمين «حماية دولية» للمدنيين السوريين. وفي أعنف موقف له ضد إيران أعلن المجلس أنه «يستنكر مساهمة النظام الإيراني في قتل المواطنين السوريين المطالبين بالحرية ويدعوه إلى التوقف عن المشاركة في قمع الثورة السورية حرصاً على مستقبل العلاقات بين الشعبين». كما دعا إلى التظاهر أمام السفارات الروسية في العالم احتجاجاً على موقف موسكو المؤيد للنظام السوري. وفي مقابل الهجوم على إيران وروسيا وجه «المجلس الوطني» الشكر إلى السعودية وقطر وسائر دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب وباقي الدول العربية التي تسعى إلى مساعدة الشعب السوري ووقف سفك الدماء. وفي نيويورك قالت أوساط مجلس الأمن إن «تجميد عمل بعثة المراقبين يضع المجلس أمام مسؤولية أكبر للتحرك سريعاً خصوصاً أن وتيرة أعمال العنف ارتفعت بحدة في الأيام الأخيرة». وشددت مصادر غربية على «ضرورة تحرك مجلس الأمن بسرعة للخروج برسالة واضحة إلى النظام في سورية بأنه سيخضع للمحاسبة» على أعمال القتل والقمع. من جهة أخرى يتوجه الأمين العام لمجلس التعاون عبد اللطيف الزياني إلى بروكسل غداً الاثنين لإجراء محادثات مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندريس فوغ راسموسن تتعلق بسورية. ويلتقي الثلثاء مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون.