تدهور الوضع الامني بشكل خطير امس في كل من حمص وحماة، ما ادى بحسب لجان التنسيق السورية الى مقتل 52 شخصاً على الاقل، بينهم 18 قتلوا بعدما انهارت عليهم بنايتان في حي كرم الزيتون في حمص، فيما تعرضت حماة لعملية اقتحام واسعة من الجيش وباتت مدينة محاصرة. وقال مراسل لوكالة «رويترز» شارك في زيارة نظمتها الحكومة السورية ان الجنود يتمركزون في حمص وراء حواجز رملية في زوايا الشوارع، وان معظم المتاجر اغلقت والسكان يشعرون بالقلق. وذكر ان اطلاق الرصاص مستمر بشكل متقطع ويذكر بالصراع الذي يدور بين الجيش النظامي ومنشقين يسيطرون الان على معظم اجزاء المدينة. كما عزز الجيش تواجده في درعا التي تخضع لسيطرة القوات الحكومية، بيد أن الجنود المنشقين أصبحوا يشكلون تهديدا لتلك القوات مع تصاعد وتيرة الاشتباكات في المحافظة. ومن العاصمة دمشق، نقلت وكالة «فرانس برس» ان السلطات عززت اجراءاتها الامنية وازداد عدد الحواجز ونقاط التفتيش فيما تقترب الحركة الاحتجاجية التي اندلعت منذ عشرة شهور شيئا فشيئا منها. وباتت السياسة حديث كل سكان دمشق بعد الهجمات الدامية الاخيرة التي اثارت قلقا كبيرا. وفي ضواحي دمشقالشرقية، في زملكا وسقبا وحمورية وكفر بطنا التي تم «تحريرها» الاحد «باتت اعلام الاستقلال ترفرف في الساحات»، بحسب ما صرح معارض. ومنذ اندلاع الانتفاضة بقيت دمشق بعيدة عن الاحتجاجات المناهضة للنظام، الا انها باتت تشهد الان تظاهرات احتجاجية وان كانت قصيرة وقليلة العدد. وشملت هذه التظاهرات احياء سكنية مثل الميدان والمزة وكفر سوسة. ونتيجة ذلك تنتشر قوات الامن والجيش فيها باعداد كبيرة. في هذا الوقت شن وزير الخارجية السوري وليد المعلم هجوماً شديد اللهجة على المبادرة العربية وعلى اقتراح حل الازمة السورية الذي تبنته الجامعة في اجتماعها الاخير في القاهرة. وقال انه لم يعد هناك حل عربي للازمة بل سيكون الحل بعد الآن سورياً، معتبراً ان الحل الامني فرضته الضرورة وبات مطلباً جماهيرياً، لكنه ليس الحل الوحيد. واكد ان الحكومة السورية ستتعامل بحزم مع «المجموعات الإرهابية المسلحة». واستخفّ المعلم بدعوة الجامعة الامين العام للامم المتحدة لدعم المبادرة العربية وقال: اذا ذهبوا الى نيويورك او الى القمر فهذا شأنهم ونحن لا ندفع بطاقات سفرهم. وأذيع لاحقا ان المعلم بعث مساء برسالة إلى الأمين العام للجامعة يبلغه فيها «موافقة الحكومة السورية على التمديد شهرا آخر، لبعثة المراقبين، بناء على طلب العربي. وكان الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية الذي يرأس اللجنة الوزارية العربية بعث برسالة مشتركة مع الامين العام للجامعة نبيل العربي الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون تضمنت عناصر الخطة العربية. كما طلبا عقد لقاء مشترك في مقر الاممالمتحدة لاطلاع مجلس الأمن على التطورات والحصول على دعمه لهذه الخطة. واصدر مجلس التعاون الخليجي بياناً اعلن فيه سحب المراقبين التابعين لدوله من بعثة المراقبين العرب الى سورية. واضاف البيان ان دول المجلس متأكدة «من استمرار نزيف الدم وقتل الابرياء وعدم التزام النظام السوري بتنفيذ قرارات مجلس الجامعة العربية». وعقد مجلس الجامعة امس اجتماعاً على مستوى المندوبين الدائمين، اكدت فيه دول مجلس التعاون استمرارها في دعم بعثة المراقبين في سورية ماديا ومعنويا، وأنها ملتزمة بالأموال التي قررتها في السابق. وقال نائب الامين العام للجامعة أحمد بن حلي إن الاجتماع جاء بناء على طلب الامين العام، وانه تم اطلاع المندوبين على الرسائل التي تم توجيهها إلى مجلس الأمن والأممالمتحدة والاتحاد الافريقي ومنظمة الاتحاد الإسلامي ومنظمات أخرى. وأكد مسؤول عربي ل «الحياة» أن عدد المراقبين السعوديين الذين انسحبوا من البعثة هو 22 اضافة الى 30 من بقية دول مجلس التعاون وبذلك يتبقى 108 مراقبين، وهو ما دعا الامين العام الى عقد الاجتماع الطارئ. وقال بن حلي إنه اذا حصلت الجامعة على موافقة سورية على تمديد عمل البعثة فستتم زيادة عدد المراقبين و»أي دولة يمكن أن تشارك ويمكن أن تنسحب في اي وقت لأن المشاركة اختيارية». وأكد أنه يمكن تعويض المراقبين الخليجيين باعضاء من عدد من الدول العربية أو من الدول الإسلامية طبقا لبروتوكول المراقبين الذي يسمح الاستعانة بمراقبين من الدول الإسلامية والصديقة. وفي مجلس الامن انتقلت الدول الغربية بمشاركة دول عربية الى مرحلة اتخاذ خطوات عملية لدعم خطة الجامعة العربية في شأن سورية، من خلال مشروع قرار بدأ التحضير له «وسيطرح قريباً في المجلس» بحسب مصادر ديبلوماسية. فيما أوحت مصادر أخرى قريبة من روسيا الى أن موسكو «أنهت إعداد مشروع قرارها المعدل وستطرحه كذلك على أعضاء مجلس الأمن». وعلمت «الحياة» أن مشروع القرار الغربي - العربي سيتضمن دعماً لخطة التحرك العربية «بكامل عناصرها ووفق الإطار الزمني الذي حددته». وقال ديبلوماسي عربي مطلع إن قرار الجامعة العربية «جاء مشابهاً جداً لنموذج طرح انتقال السلطة في اليمن وهذا ما نعمل عليه في مشروع القرار». وأضافت المصادر أن مجلس الأمن بموجب مشروع القرار سيدعو «جميع الأطراف في سورية الى وقف العنف وأعمال القتل» وسيشدد على «إدانة انتهاكات السلطات السورية لحقوق الإنسان». وقالت إن «مشروع القرار سيؤكد دعم بنود الخطة العربية ويعطيها وزناً سياسياً بحيث يحمّل مجلس الامن الحكومة السورية مسؤولية الامتناع عن التقيد بالخطة العربية». واستبعد ديبلوماسي في مجلس الأمن أن يكون مشروع القرار تحت الفصل السابع «لكنه يجب أن يشير الى مسؤولية الحكومة السورية عن حماية شعبها، والى قراري مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلقين بسورية، ويؤكد على الحل السياسي وفق خطة جامعة الدول العربية». وجاء قرار إعداد المشروع بعد مشاورات موسعة في نيويورك بدأت مساء الإثنين وتواصلت بعد ظهر أمس في مقر البعثة البريطانية، وجمعت مندوبي الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال، إضافة الى غواتيمالا وكولومبيا العضوين أيضاً في مجلس الأمن، ومندوبي السعودية وقطر ودولة الإمارات والأردن والمغرب. ولم يؤكد السفير الروسي في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين أو ينفي ما إذا كانت بعثته أنهت صياغة مشروع قرار جديد. وقال «نحن ندرس مشروع القرار كل الوقت ولم نتوقف عن دراسته». ورحبت السفيرة الأميركية سوزان رايس بالقرارات المتخذة في الجامعة العربية مشددة على ضرورة أن يدعم مجلس الأمن جهود الجامعة «لدعم انتقال مستقر في سورية ولوقف سفك الدماء وينهي الأزمة فيها». ودعت المعارضة السورية الى «الامتناع عن استخدام العنف» والدول كافة الى وقف «مد النظام السوري بالسلاح». وجدد السفير الألماني فيتر فيتينغ طلبه بتوجيه مجلس الأمن دعوة الى نبيل العربي وحمد بن جاسم للحضور الى المجلس «لإحاطته بالجهود العربية في أسرع وقت». وشدد على ضرورة قيادة الجامعة العربية الحل في سورية بدعم من مجلس الأمن «الآن وبصوت واحد».