أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس بأن المبعوث الخاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية للمفاوضات مع الفلسطينيين المحامي إسحق مولخو طرح على رئيس الطاقم الفلسطيني المفاوض الدكتور صائب عريقات في اجتماعهما في عمان الأربعاء الماضي موقف إسرائيل من مسألة الحدود مع الدولة الفلسطينية، «وذلك تجاوباً مع الإلحاح الفلسطيني بأن تقدم إسرائيل موقفها الواضح من هذه المسألة» شرطاً لمواصلة المحادثات الاستكشافية بين الجانبين التي تمت برعاية المملكة الهاشمية واللجنة الرباعية الدولية. لكن الصحيفة أشارت إلى أن ما قدمه مولخو كان شفوياً وانه لم يسلم عريقات أي وثيقة رسمية، «وما جاء كان عرض مجموعة من المبادئ العامة من دون عرض خرائط أو نسبة الأرض التي سيتم تبادلها بين الطرفين (أي الأراضي التي ستقايضها إسرائيل مع الفلسطينيين في مقابل ضمها الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 المقامة عليها التكتلات الاستيطانية الكبرى)». ويأتي عرض مولخو بعد أن رفض عريقات في اجتماع السبت الماضي الاستماع إلى عرض مماثل من رئيس قسم التخطيط الاستراتيجي في الجيش الإسرائيلي العقيد أساف أوريون الذي رافق مولخو إلى الاجتماع. وتابعت الصحيفة أن الموقف الإسرائيلي يقضي بأنه في إطار التسوية الدائمة للصراع «يبقى السواد الأعظم من (المستوطنين) اليهود في الضفة الغربية (والقدس المحتلتين) ضمن السيادة الإسرائيلية»، أي يتم ضم الأراضي المقامة عليها المستوطنات إلى إسرائيل «بينما تبقى غالبية الفلسطينيين في الضفة الغربية في أراضي الدولة الفلسطينية التي ستقام». وطالب عريقات نظيره الإسرائيلي بتوضيحات أخرى للعرض الذي قدمه، فردّ عليه الأخير بأنه مستعد لتوفير كل الأجوبة في أقرب وقت ممكن، مقترحاً عقد لقاء آخر بينهما في الأيام القريبة المقبلة لشرح موقف إسرائيل أيضاً من الترتيبات الأمنية. وبحسب مصدر إسرائيلي مطلع على مضمون المحادثات في عمان، فإن مولخو قدم «مواقف أولية» في شأن مسألة الحدود «لكنها كانت مواقف جوهرية وليست محاولات للتنصل». لكن الصحيفة شككت في جدية الإسرائيليين، وكتبت أنه على رغم أنها المرة الأولى التي توافق الحكومة الإسرائيلية الحالية على مناقشة مسألة الحدود الجغرافية، إلا أن خطوتها هذه تبدو تكتيكية يراد منها ممارسة ضغوط على الفلسطينيين للحيلولة دون قيامهم بتفجير المحادثات في عمان بذريعة أن إسرائيل ترفض طرح موقفها من الحدود. وتواصل إسرائيل اتصالاتها مع أعضاء «الرباعية» ليمارسوا ضغوطهم على السلطة الفلسطينية لتواصل المحادثات. وفي هذا الإطار، رد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو على المستشارة الألمانية أنغيلا مركل خلال المحادثة الأخيرة التي بادرت إليها أول من أمس وأعربت فيها عن قلقها من إمكان انهيار المحادثات ودعته إلى بذل ما في وسعه من أجل الاستمرار فيها، بالقول إن إسرائيل قدمت الى الفلسطينيين تصوراتها في شأن مسألة الحدود، مضيفاً أنه «على استعداد للقيام بخطوات طيبة ترمي إلى بناء الثقة بين الجانبين من أجل مواصلة المحادثات». وأشارت الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والأردن يطالبون هم أيضاً إسرائيل بتقديم مبادرات حسن نية إلى السلطة الفلسطينية تمكنّها من مواصلة المحادثات، تتمثل أساساً في وقف نشاط جيش الاحتلال في المنطقة المعروفة ب «أ» (الخاضعة ادارياً وامنياً للسلطة)، وإزالة حواجز عسكرية ونقل السيطرة الأمنية الإسرائيلية على مدن فلسطينية محتلة في المنطقتين «ب» الخاضعة امنياً للاحتلال وادارياً للسلطة) و «ج» (الخاضعة للاحتلال) إلى نفوذ السلطة. وطالبت السلطة إسرائيل بالإفراج عن 130 أسيراً فلسطينياً يقبعون في السجون الإسرائيلية قبل اتفاقات أوسلو وتعرّفهم إسرائيل بأنهم «سجناء من الوزن الثقيل»، إضافة إلى 23 نائباً في المجلس التشريعي ينتمون الى حركة «حماس»، إلا أن أوساطاً قريبة من رئيس الحكومة الإسرائيلية استبعدت تماماً أن يتجاوب الأخير مع هذا المطلب «وتحديداً الإفراج عن كبار القتلة». واشنطن لاستئناف المفاوضات الى ذلك (أ ف ب)، دعت الولاياتالمتحدة اول من امس الى استئناف «سريع» للمحادثات التي انتهت الاربعاء في الاردن. وأعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند خلال تصريح في وزارة الخارجية: «ليس مفاجئاً أن يكون الجانبان في حاجة الى بعض الوقت للاستراحة والتفكير». وأضافت: «نأمل في ألا تطول فترة ذلك، وان يستأنفا محادثاتهما بسرعة. هذا هو ما ندعوهما لفعله». واعتبرت ان الإسرائيليين والفلسطينيين تمكنوا خلال «اللقاءات الاستكشافية» التي نظمت في الأردن واختتمت الاربعاء «من تبادل وجهات النظر حيال مواقفهم المتبادلة»، مضيفة: «هم يعلمون ماذا يفكر كل منهم. ان أملنا وتوقعنا هو أن يعودوا بسرعة الى طاولة المحادثات ويواصلوا التقدم». وتابعت: «شعورنا هو أن هذه العملية كانت مفيدة. لقد أوضحوا بعض الأمور، وثمة أمور أخرى عليهم العمل عليها كل من جانبه. وبذلك، فإن أخذ قسط صغير من الراحة ربما، والعودة من بعدها مع أفكار جديدة سيكون أمراً مفيداً».