يظهر مقطع الفيديو على هاتفه صبياً يطلق النار من رشاش ثقيل فوق حامل ثلاثي القوائم من خلال فتحة في بناية متهالكة بينما يرتج جسده من أثر ارتداده. وقال الصبي، وهو نجم سابق لكرة القدم للناشئين في بغداد: «كنا متوترين نوعاً ما، ليس لأننا جبناء بل لأن هذه كانت معركتنا الأولى وكنا صغاراً». ويقول إنه كان في الخامسة عشرة من عمره حين أرسلته ميليشيا شيعية عراقية للمرة الأولى إلى إيران ليتلقى تدريباً على أيدي الحرس الثوري الإيراني في تلال خارج طهران في آذار (مارس). وقضى عيد ميلاده السادس عشر قبل أربعة شهور في سورية يقاتل على الجبهة قرب دمشق. ويضيف أنه عاد إلى العراق الآن ليقاتل المتشددين السنّة، قائلاً: «اكتسبنا بعض الخبرة العسكرية في سورية في المداهمات والمهارات التي تعلمناها في سورية تساعدنا في سامراء»، مشيراً إلى المدينةالعراقية التي ساعدت فيها ميليشيات شيعية القوات الحكومية على وقف تقدم المتشددين السنّة. ولا يعرف أحد على وجه اليقين عدد المقاتلين تحت سن العشرين الذين يشاركون في القتال بالعراق. والسن الرسمي للتجنيد بالجيش العراقي هو 18 عاماً. وتقول ميليشيا شيعية تقاتل في صفوف القوات الحكومية إنها لا تجنّد أطفالاً. لكن مع اجتياح متشددين سنّة أجزاء من شمال العراق وغربه لبى آلاف الشيعة نداء المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني لحمل السلاح في وجه المتشددين السنّة الممثلين بتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام». وهناك أدلة قوية على أن مقاتلين مراهقين ينضمون إلى الصراع العرقي والطائفي في العراق يومياً. ويقول شهود إنهم رأوا أكثر من مرة مراهقين بين المقاتلين السنّة في نقاط التفتيش في الشمال. يقول الشاب الشيعي الذي تحدث إلى رويترز في بغداد خلال ما وصفها بأنها استراحة من ساحة المعركة في سامراء لبضعة أيام ليزور عائلته، إنه انضم الى القتال لينقذ أبناء طائفته الشيعية من تنظيم «الدولة الإسلامية». ولم يتسن ل «رويترز» الاطلاع على وثائق للتحقق من سنّه، لكنه يبدو في هيئته أقل من 16 عاماً. ورفض والداه إجراء مقابلة معنا. وتنفي منظمة «بدر» الأمر، وهي جماعة شيعية يقول شبان إنها جنّدتهم للمعركة. لكن علي العلاق العضو البارز في المنظمة يقول: «نحن نحترم الطفولة لأن الأطفال مستقبل العراق الواعد»، مضيفاً أن المنظمة هي «أبرز طرف» في تحرير المناطق حتى الآن، وبالتالي ربما يتباهي بعض الشبان بأنهم يقاتلون في صفوفها لكن «هذا غير صحيح إطلاقاً، ولا يوجد لدي متطوع تحت السن القانونية». وقال مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي إن الحكومة طالبت الميليشيات بعدم تجنيد الأطفال، مضيفاً أن «الحكومة كانت واضحة في أنه يجب أن يكون المتطوعون بالغين وأن يكونوا تحت قيادة قوات الأمن العراقية وسيطرتها». ٌإذهب يا بني لتؤدي واجبك بعد أن تلقى تدريباً لفترة قصيرة في إيران في وقت سابق من العام الحالي يقول الشاب إنه قضى ستة أسابيع في ضاحية المليحة في دمشق مع وحدة شيعية تقاتل ضد «جبهة النصرة»، وهي جناح تنظيم «القاعدة» في سورية. ويقول إن نحو نصف المقاتلين في كتيبته، البالغ عددهم 130 فرداً، أُصيبوا أو قتلوا هناك، وتحدث عن اشتباكات عنيفة على أسطح المباني وفي الأزقة. وهو ليس متأكداً إن كان قد قتل أحداً، لكنه رأى أحد زملائه يطلق رصاصة بين عيني مقاتل من «جبهة النصرة» تسلل إلى المبنى الذي كانا نائمين فيه. وحين عاد إلى العراق كان التنظيم، الذي عُرف في ذلك الحين باسم «داعش»، بدأ تقدمه المباغت من سورية نحو شمال العراق. فذهب إلى سامراء بمباركة عائلته للمساعدة في وقف تقدم التنظيم إلى بغداد. وقال «أمي كانت سعيدة» ونقل عنها قولها «اذهب يا بني لتؤدي واجبك». وعلى الجبهة كان يعمل ضمن دورية تساعد في إلقاء القبض على السنّة المشتبه في أنهم يساعدون «داعش». وقال: «أبحث عن السنّة الذين يتعاونون مع الدولة الإسلامية ويدّعون أنهم رعاة أغنام». وعرض ل «رويترز» مقطع فيديو على هاتفه يظهر فيه مع مقاتل آخر وهما يستجوبان رجلين يرتديان الجلباب ويجلسان على الأرض. وقال إنهما سلما الرجلين في ما بعد لقائدهما بعدما عثرا على رسائل على هاتفيهما توضح إحداثيات نقاط التفتيش التابعة لميليشيا محلية. وخارج سامراء ازداد الموقف خطورة حينما فرت قوات الشرطة الحكومية، التي تدعم الميليشيا التي ينتمي اليها، في منتصف المعركة ليصبح المقاتلون المتطوعون مكشوفين. وقال الشاب إن هذا يظهر أهمية المتطوعين في الميليشيات، مضيفاً: «نقاتل بدافع من عقيدتنا بينما الشرطة تتواجد من أجل تقاضي الرواتب فحسب». فوجئت بصغر سنّهم وقال مقاتلان من كتائب «حزب الله» التي تدربت في إيران وكتائب «أبو الفضل العباس» التي أرسلت آلاف المتطوعين إلى سورية، إنهما حضرا تدريباً هذا الشهر في بغداد شارك فيه فتية تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاماً. وقال عضوٌ في كتائب «حزب الله» عمره 19 عاماً طلب عدم نشر اسمه: «فوجئت بصغر سن هؤلاء الشباب... لم يعرفوا كيفية تحميل خزينة السلاح أو إطلاق النار». وقال مقاتل آخر عمره 18 عاماً انضم الى كتائب «أبو الفضل العباس» إنه شارك في تدريب في معسكر للجيش في التاجي إلى الشمال من بغداد، وهو موقع تدريبي تديره وزارة الدفاع العراقية. وقال إنه كان هناك مراهقون أصغر سناً، وهو يعتقد أن بعضهم سيرسلون إلى ساحة المعركة من دون تلقي تدريب كاف.