دمشق، نيقوسيا -»الحياة»، أ ف ب، رويترز - أعلنت الهيئة العامة للثورة السورية مقتل نحو 84 شخصاً أمس برصاص الأمن، أغلبهم في حمص وحماة وحلب وريف دمشق، في تصعيد جديد للجيش السوري، الذي قال ناشطون وسكان إنه يشن هجمات واسعة ومكثفة على غالبية المدن السورية بهدف إنهاء الحركة الاحتجاجية. وتحدث ناشطون عن «حرب مدن»، تتمثل في محاصرة مدن وأحياء بأكملها من قبل قوى الامن وقطع الاتصالات والكهرباء والمياة عنها، وقصفها بالمدفعية الثقيلة مع حملات اعتقالات واسعة. وجاء التصعيد الأمني أمس عشية سقوط أكثر من 60 قتيلاً ليلة أول من أمس، نصفهم في حمص، التي شهدت مقتل 29 فرداً من عائلة واحدة، بينهم ثمانية أطفال تتراوح أعمارهم بين ثمانية أشهر وتسع سنوات، ليرتفع بذلك عدد القتلى خلال ثمان واربعين ساعة الى أكثر من 148. لكن برغم الانتشار الأمني الكثيف، والذي بلغ مستوى غير مسبوق كما يقول الناشطون، شهدت عدة مدن وبلدات سورية تظاهرات منذ فجر أمس في جمعة «الدفاع عن النفس». وعن تطورات أمس، قالت الهيئة العامة للثورة السورية، إن 84 قتيلاً سقطوا امس، معظمهم في حمص وحماة وحلب وريف دمشق ودرعا، فيما تم العثور على 14 جثة في مواقع متفرقة من مدينة حماة في وقت سابق. وقال ناشطون سوريون إن الجيش السوري «ارتكب مجزرة» في مناطق مختلفة في حمص، حيث قصف بالمدفعية عدداً من المنازل فانهارت على ساكنيها، كما حدث قبل أيام. وسمع دوي انفجارات متعددة بشكل متواصل مع إطلاق رصاص مستمر من الحواجز التابعة للجيش والأمن السوري المنتشرة في أحياء متفرقة من حمص، وبينها بابا عمرو والغوطة وجب الجندلي والقصور وكرم الزيتون وباب السباع ودير بعلبه والبياضة وباب هود. وأعلن ناشطون مقتل اربعة مدنيين بنيران رجال الامن في حمص، حيث سمع إطلاق نار كثيف ودوي انفجارات عدة صباح امس. وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان: «استشهد بعد منتصف ليل الخميس الجمعة أربعة مواطنين بإطلاق رصاص عشوائي من قبل قوات الامن السورية منهم ثلاثة في حمص وآخر في قرية الغنطو» في ريف حمص. وأفادت لجان التنسيق المحلية عن «استمرار دوي انفجارات ضخمة في حي كرم الزيتون»، مؤكدة ان «الوضع الإنساني في الحي كارثي». كما أشار البيان الى «قصف بقذائف الهاون وال آر بي جي في حي باب السباع»، وسماع «دوي انفجارات ضخمة وإطلاق نار كثيف بالرشاشات الثقيلة» في حي بابا عمرو و»انفجار كبير وتواصل اطلاق النار بشكل كثيف» في حي الميدان. وقال نشطاء وسكان إن رجال ميليشيا قتلوا 29 من أفراد أسرة سنية بحمص الخميس. وأضافوا أن ثمانية أطفال تتراوح أعمارهم بين ثمانية أشهر وتسع سنوات كانوا بين 14 من أفراد أسرة بهادر الذين أطلق عليهم الرصاص أو قطعت أشلاؤهم حتى الموت في مبنى بحي كرم الزيتون المختلط في مدينة حمص على بعد 140 كيلومتراً الى الشمال من دمشق. وقال السكان والنشطاء في المدينة لرويترز عبر الهاتف، إن رجال الميليشيا المعروفين باسم الشبيحة دخلوا الحي بعد ان اطلقت قوات الامن قذائف مورتر ثقيلة على المنطقة فقتلوا 16 شخصاً آخرين. وأظهرت لقطات فيديو على موقع يوتيوب لتبادل ملفات الفيديو التقطها النشطاء ولم يمكن التحقق منها من مصدر مستقل جثث خمسة اطفال مصابين بجروح في الرأس والرقبة في منزل. وعرضت اللقطات ايضا جثث ثلاث نساء ورجل. ولم يرد تعقيب من السلطات السورية التي تقيد بشدة دخول وسائل الاعلام المستقلة إلى البلاد. وقال طبيب في الحي: «العلويون الذين بقوا في كرم الزيتون رحلوا في ظروف غامضة قبل أربعة أيام وترددت شائعات بأنهم فعلوا ذلك بأوامر من السلطات. واليوم نعرف السبب». وأضاف قوله: «لدينا أيضا 70 جريحاً. والمستشفيات الميدانية نفسها تتعرض لنيران المورتر». وقال حمزة، وهو ناشط في حمص، إن الهجوم كان «مجرد انتقام» لمقتل أفراد من الشبيحة على أيدي منشقين عن الجيش ينتظمون تحت راية ما يسمى «الجيش السوري الحر». وقال إن العائلات السنية تهرب من كرم الزيتون إلى أحياء أخرى في المدينة، وإن عدة أحياء سنية مثل باب السباع تعرضت أيضاً لإطلاق النار. أما في مدينة تلبيسة بمحافظة حمص، وبعد خروج مظاهرة حاشدة ليلاً، قامت قوات الأمن والجيش السوري بإطلاق نار من الأسلحة الثقيلة والخفيفة لإرهاب الأهالي ومنعهم من التجمع، حسبما ذكرته لجان التنسيق المحلية. وشهدت مدينة حلب، ثاني كبرى المدن السورية، سقوط 12 قتيلاً في تظاهرة بحي المرجة، في تطور لافت بهذه المدينة التي لم تشهد من قبل تحركات احتجاجية. وقال ناشطون ان تظاهرات امس في حلب هى الاكبر التي تشهدها المدينة منذ بدء التظاهرات. وأفادت لجان التنسيق المحلية، أن متظاهرين أصيبوا بجروح جراء إطلاق قوات الأمن النار في حي الفردوس بمدينة حلب، فيما انتشر نحو 150 عنصراً من مكافحة الإرهاب في المدينة الجامعية بحلب. وفي دمشق وريفها، قالت لجان التنسيق المحلية إن قوات الأمن أطلقت النار على تظاهرة عند مسجد التقوى في القابون بضواحي العاصمة دمشق، وعلى متظاهرين في حي الميدان بدمشق. ودارت اشتباكات بين الجيش النظامي وعناصر من الجيش الحر المنشق في عدد من مناطق المحافظة، خاصة حرستا وعربين، كما ذكرت تنسيقيات الثورة أن دوي انفجارات وقذائف وإطلاق رصاص يتواصل في دوما. وأفاد ناشطون بخروج تظاهرات مسائية في عدد من البلدات، وبثوا صوراً لتظاهرة في زملكا جدد فيها المتظاهرون مطالبتهم بإسقاط النظام، كما هتف المتظاهرون للحرية ولمدينة حمص التي تتعرض أحياؤها لحملات أمنية. وأعلنت «تنسيقية دوما» أن الجيش السوري اقتحم المدينة بعد وصول تعزيزات عسكرية كبيرة، فيما حاصرت قواته مدينتي حرستا والقابون في ريف دمشق. وقالت لجان تنسيق الثورة إن القوات السورية اجتاحت بلدة رنكوس في ريف دمشق وسط قصف عشوائي من المدافع والدبابات. كما وصلت تعزيزات من الجيش السوري إلى درعا جنوب البلاد بعد حدوث اشتباك بين الأمن السوري ومنشقين، وشنت حملة اعتقالات. وفي حماة، داهمت الفرقة الرابعة في الحرس الجمهوري مصحوبة بعدد كبير من قوات الأمن حي الحميدية. وذكرت لجان التنسيق المحلية في بيان أنه عثر في حي باب القبلي على «23 جثة حتى اللحظة معظمها مكبلة وعليها آثار التعذيب وطلقات في الرأس»، مشيرة الى انه «يتوالى اكتشاف الجرائم التي ارتكبتها قوات جيش وأمن النظام أمس (الخميس) بعد اقتحامها» للحي. وقالت اللجان: «عرفت هوية ثمانية من الشهداء ولا تزال هوية 15 شهيداً آخر منهم مجهولة حتى اللحظة». وسمع في المدينة مع بدء تظاهرات امس أصوات انفجارات وإطلاق نار كثيف في مناطق جسر المزارب، ومؤسسة المياه المحتلة، وحي الحميدية، وحي الشرقية، وحي القصور، ودوار الجب، وجسر الحديد. وأفاد المرصد السوري في بيان أمس، أن 62 شخصاً قتلوا الخميس في مدن سورية عدة، بينهم 43 مدنياً وسبعة منشقين و12 عسكرياً بينهم ضابط. وأوضح بيان المرصد، أن «43 مدنياً قتلوا الخميس بينهم 24 مدنياً وتسعة أطفال في مدينة حمص وأربعة مواطنين بينهم سيدة في حماة وشاب في تفتنار الواقعة في ريف إدلب وفتى في نوى التابعة لريف درعا وأربعة في ريف دمشق». وأضاف: «كما استشهد سبعة جنود منشقين في عدة محافظات سورية وقتل 12 من عناصر الجيش والأمن بينهم ضابط برتبة عقيد». وكانت حصيلة سابقة للمرصد أفادت عن مقتل 34 مدنياً بينهم 10 أطفال برصاص قوات الامن في عدة مدن ومناطق سورية، وخصوصاً في حمص. وقال المرصد إن «قوات الامن والجيش شنت هجوماً عنيفاً على حي كرم الزيتون في حمص، مستخدمة قذائف الهاون ما تسبب بسقوط 26 قتيلاً بينهم تسعة أطفال وعشرات الجرحى». وبالإضافة الى ذلك، قال المرصد ان 7 جنود منشقين عن الجيش قتلوا في عدة مناطق ومدن سورية خلال اشتباكات مع الجيش النظامي، كما قتل 8 عسكريين من الجيش النظامي، بينهم عقيد قتل في حمص، و4 جنود في درعا، في اشتباكات مع جنود منشقين. في موازاة ذلك، قتل 12 عنصراً من قوات الامن في هجومين منفصلين استهدف أولهما بسيارة مفخخة حاجزاً امنياً في شمال البلاد، ما أسفر عن مقتل ستة عناصر، في حين استهدف الآخر بقذائف صاروخية حافلتين لقوات الأمن، مسفراً عن مقتل ستة عناصر ايضاً. وقال المرصد السوري: «انفجرت سيارة مفخخة بحاجز امني على مدخل مدينة إدلب، ما ادى الى مقتل عناصر الحاجز أجمعين، وعددهم ستة»، في حين قتل ستة عناصر آخرين في هجوم بقذائف صاروخية استهدف حافلتين للأمن في بلدة المزيريب في محافظة درعا. من ناحيتها، اعلنت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) سقوط طفل واصابة عدد من المدنيين وقوات حفظ النظام «نتيجة انفجار عبوة ناسفة واطلاق نار من قبل مجموعة ارهابية مسلحة» في حي القاعة في منطقة الميدان في دمشق. وتابعت الوكالة ان «المجموعة المسلحة، قامت بتفجير العبوة الناسفة من بعد وأطلقت النار بشكل عشوائي، ما أدى إلى استشهاد الطفل إبراهيم مبروك (10 سنوات) وإصابة 11 من المدنيين وعناصر حفظ النظام». كما اشارت الى اصابة عدد من المدنيين وقوات النظام في منطقة قطنا جنوبي العاصمة السورية «اثر انفجار عبوتين ناسفتين زرعتهما مجموعة إرهابية مسلحة في احد شوارع المدينة»، وإلى سقوط عنصر من قوات حفظ النظام ب «نيران مجموعة إرهابية مسلحة أطلقت النار عليه» في حي الميدان في حمص وسط سورية. وفي مدينة البوكمال قرب الحدود السورية-العراقية، أفادت «سانا» ان ستة من المدنيين وعناصر حفظ النظام «اصيبوا بانفجار عبوة ناسفة زرعتها مجموعة إرهابية مسلحة في شارع بغداد» في المدينة.من ناحية اخرى، قالت وكالة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) امس، ان ما لا يقل عن 384 طفلاً قتلوا خلال الانتفاضة السورية المستمرة منذ عشرة اشهر، وإن عدداً مماثلاً من الاطفال سجنوا بالفعل. وقالت الناطقة باسم اليونيسيف ماريكسي ميركادو لرويترز، إن هذه الأعداد تستند إلى تقارير منظمات لحقوق الانسان صنفت بانها ذات مصداقية. وقالت ريما صلاح القائمة بأعمال نائبة المدير التنفيذي لليونيسيف للصحفيين في جنيف: «حتى السابع من يناير قتل 384 طفلاً غالبيتهم من الذكور واعتقل حوالى 380 بعضهم تحت 14 عاماً».