أصبح واضحاً أن الخلاف بين حركتي فتح وحماس والذي أنتج انقساماً فلسطينياً مدمراً دام أكثر من أربع سنوات، لم يكن خلافاً سياسياً أو وطنياً بل كان أساسه أجندات خارجية واعتبارات حزبية وفئوية خاصة بكل منهما، خلاف أساسه إقصائي، أي أن أحداً منهما لا يقبل بالآخر. وعلى استحياء وأمام ضغوط شعبية ووطنية ومن أولئك المخلصين من فتح وحماس لإنهاء الانقسام، ألتقت الحركتان مراراً وفي أماكن مختلفة في حوارات كان نصيبها الفشل خصوصاً أنها لم تكن نابعة من إرادة وطنية حقيقية لإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة، حوارات كان الهدف منها رفع العتب ليس إلا. ومن المؤسف القول إنه وفي هذه المرة أيضاً أن ما دفع طرفي الانقسام الى التحاور هو انسداد الأفق السياسي أمامهما في ظل المتغيرات التي شهدها العالم من ناحية، ومن ناحية أخرى فشل المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية في تحقيق أي تقدم في ظل استمرار اسرائيل في سياسة الاستيطان ونهب الأراضي والتنكر لأبسط حقوق الشعب الفلسطيني، بالتالي فشل المراهنة على تلك الأجندات الخارجية، وكأن هناك ما هو أهم من إنهاء الانقسام واستعادة الشعب الفلسطيني وحدته. لست من المتذمرين أو من دعاة التشاؤم أو التفاؤل أو حتى ما بينهما، وإنما من الداعين الى تناول الأمور بواقعية وتعقل، إذ لا يمكننا معالجة الانقسام وآثاره بالتسابق نحو وسائل الإعلام لإطلاق التصريحا المنمقة عن المصالحة وإبداء حسن النوايا لنعود إليها عند أي تعثر لتبادل الاتهامات بالفشل، بل إن ذلك يحتاج الى جهود جبارة ومخلصة تساوي أو تقترب بمستواها من حجم الدماء التي سالت بسبب الانقسام وكذلك ما خلّفه هذا الانقسام من آثار كارثية على كل مناحي حياة شعبنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبما يضمن لهذه الجهود أن تسير نحو مبتغاها وتحقق الهدف المطلوب منها على رغم إدراكنا وجود معوقات داخلية تعترض جهود المصالحة، إذ ما لا يمكن فهمه أو قبوله أن تجري جهود المصالحة وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه فى كل الملفات في ظل ما يحدث من اعتقالات سياسية وملاحقات وكبت للحريات وتبادل للاتهامات عبر وسائل الإعلام، إلا إذا كان ما يدور الحديث عنه من مصالحة لا يعدو كونه أكثر من حقنة مسكنة أخرى لشعبنا. يدرك الجميع جيداً أن هناك في شطري الوطن مستفيدين من الانقسام – وهم قلة قليلة - لذا نجدهم يعملون في شكل مسعور لإفشال جهود المصالحة بينما المتضررون من الانقسام هم السواد الأعظم من شعبنا الذين يشغل بالهم وينتظرون لحظة بلحظة نجاح جهود المصالحة، فهل يستجيب طرفا الانقسام لإرادة أبناء شعبهم في التصالح مع أنفسهم ومع المصلحة الوطنية العليا لشعبهم أم يواصلون الاستخفاف بعقولهم بإطلاق شعارات وعبارات لا تسمن ولا تغني من جوع ؟