بعد باريس وبرشلونة وسانت بيترسبورغ، افتتح في متحف «برغامون» في جزيرة المتاحف في برلين، أول من أمس، أضخم معرض للآثار السعودية في الخارج ويشمل مرحلة ما قبل الإسلام. وهناك حوالى 420 قطعة أثرية تدلّ على ثقافات الشعوب في منطقة الخليج العربي. ويتميز معرض برلين، المستمر حتى التاسع من نيسان (أبريل) المقبل، عن محطاته الثلاث السابقة، بأن مصلحة الآثار في السعودية أضافت 30 قطعة إلى ال310 قطع التي نقلتها من متحف اللوفر في باريس، فيما أمّنت متاحف العاصمة الألمانية المتخصصة في تاريخ المنطقة 80 قطعة إضافية، في أول تعاون سعودي - ألماني على هذا المستوى. حضر افتتاح المعرض حوالى ألف مدعو من الشخصيات الثقافية والإعلامية، وتحدّث كل من رئيس حكومة ولاية برلين كلاوس فوفيرايت، ورئيس هيئة السياحة والآثار في السعودية الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، ومدير متحف الفن الإسلامي في برلين شتيفان فيبر. كما تحدّث رئيس مؤسسة المتاحف البروسية هيرمان بارتسينغر، والمدير العام للمتاحف الرسمية في برلين ميشائيل أيزنهاور، وممثلة مفوض الحكومة للثقافة والإعلام إينغيبيرغ مركل. واعتبر فوفيرايت في كلمته أن المعرض «سيشكل حجر أساس للتبادل الثقافي المستقبلي مع السعودية». ولفت إلى أن المتحف الإسلامي في برلين هو أهم متحف للحضارة الإسلامية خارج المملكة، وزاره العام الماضي حوالى 700 ألف زائر. ومن جانبه دعا الأمير سلطان بن سلمان المتاحف الألمانية إلى تعزيز العلاقات وإقامة معارض في المملكة أيضاً، مضيفاً: «كانت السعودية دائماً تقاطع طرق للحضارات، ومصيرنا أن نعيش في هذا الفضاء من المنطقة ونواجه التحديات»، مشدداً على «أننا أتينا إلى ألمانيا ليس فقط للتجارة، بل لنتعلم أيضاً من تجاربها وعلومها». مدائن صالح وشدد فيبر على زيادة سبل التعاون مع مسؤولي الآثار في السعودية مستقبلاً، «ولدينا الآن مدربون على ترميم الآثار هناك». وقال ل «الحياة» إنه فوجئ لدى زيارته متحف الرياض بآثار من المرحلة السابقة للإسلام، على عكس ما يُعتقد. وأضاف: «قد تكون خطى الإنفتاح على الحضارات الأخرى في السعودية صغيرة مقارنة بدول أخرى، لكنها تمثّل حجر أساس». ورداً على سؤال ل «الحياة» عن صحة ما يقال حول عدم وجود اهتمام سعودي للكشف عن الآثار السابقة على الإسلام، قال نائب رئيس هيئة السياحة والآثار القديمة في السعودية علي الغبّان: «التوحيد موجود منذ زمن النبي ابراهيم (عليه السلام)، ولا يمكن بالتالي التنكر لهذا التاريخ القديم، علماً أننا نقدم أيضاً آثار مدائن صالح، وهي سابقة على الإسلام، ومن هنا فإن كل تاريخنا مهم، وإن كان صحيحاً أن المرحلة الإسلامية تعتبر من أهم مراحل تاريخنا». وأضاف أن الكعبة «عنصر مهم جداً في ديننا وثقافتنا، وليس من السهل جلب باب الكعبة إلى معرض برلين، لكننا جلبناه، ومن هنا الدور المميز لهذا المعرض». وتابع الغبّان أن الجهود التي تبذلها الهيئة «تصبّ أيضاً في اتجاه تعزيز السياحة إلينا، سعوديون كثر يسافرون للسياحة في الخارج، ومن المهم أن يتعرفوا على كنوز بلدهم». كما أعلن توقيع ثلاثة اتفاقات للتعاون في مجال البحث عن الآثار مع جامعة برلين الحرة، ومركز دراسات الرسوم الصخرية، وكلية هامبورغ لمسح الآثار الغارقة.