اغتال مسلحون مجهولون القيادي المنشق عن تنظيم «القاعدة» ناظم الجبوري، الذي أصبح بعد التحاقه بمشروع المصالحة الوطنية خبيراً في شؤون التنظيم. واستنكرت الحكومة، فيما رحب أنصار «القاعدة» بمقتله. وكانت «الحياة» نشرت أمس مقابلة مع الجبوري أكد فيها أن «القاعدة» تحاول استثمار الخلافات السياسية لإعادة حواضنها السابقة وتأجيج الصراع المذهبي. وأوضح مصدر رفيع المستوى في الشرطة أمس، ان «مسلحين مجهولين أطلقوا النار من أسلحة كاتمة للصوت مساء الثلثاء على ناظم الجبوري قرب ساحة اللقاء في منطقة المنصور (غرب)، ما أسفر عن إصابته في الرأس». وأضاف ان «الحادث وقع مساء عندما كان الجبوري يستقل سيارته الخاصة بمفرده، ما استدعى نقله الى مستشفى الجملة العصبية شرق بغداد، لكنه فارق الحياة هناك». يشار الى أن الجبوري (34 عاماً) شيخ دين وخطيب في احدى المساجد المعروفة، وانشق عن تنظيم «القاعدة» عام 2007، احتجاجاً على عمليات القتل التي نفذها بحق الأبرياء، وأصبح بعد ذلك مسؤولا عن قوات «الصحوة» التي تقاتل «القاعدة» في بلدة الضلوعية. غادر الجبوري بغداد ليقيم في عمان لمدة عامين بعد انشقاقه، بسبب تهديدات تلقاها، واعتقل لفترة وجيزة إثر دعاوى ضده، قبل ان يفرج عنه بعد أن تمكن من إثبات براءته. أصبح بعد ذلك معروفا كخبير في شؤون تنظيم «القاعدة»، وكشف لقاءات تلفزيونية تفاصيل عن قيادات المناطق وأسماء مسؤولي التنظيم في أنحاء العراق. وعثرت قوات الامن العراقية لحظة إطلاق النار عليه على بطاقة تشير الى انه يعمل في إعلام هيئة المصالحة الوطنية. وأعرب عامر الخزاعي مستشار رئيس الوزراء نوري المالكي لشؤون المصالحة الوطنية عن استنكاره الحادث، وأقر بأنه كان يعمل مع لجنة المصالحة الوطنية. وقال: «نحن نتوقع هكذا حوادث، تستهدف الذين يريدون بناء البلد»، مؤكداً ان «استشهاد ناظم الجبوري لا يجعلنا نَكَلّ ولا نَهِنُ في المضي في طريق المصالحة الوطنية». وشدد على ان «موقف الجبوري إيجابي. أدرك جرائم القاعدة والفتنة الطائفية التي تسعى إلى اثارتها، وبالتالي ترك العمل معها في وقت مبكر». واتهم الخزاعي «القاعدة» وبعثيين باغتياله، موضحاً ان «القاعدة رقم واحد وراء اغتياله (...) كما ان الكثير من البعثيين لا يريدون المصالحة، وهم الذين هدموا العراق، وقد يكونون وراء العملية». وتابع ان مسلحين يستقلون سيارتين اغتالوا الجبوري بعدما أرغمته إحداهما على خفض سرعته وبادر آخرون في السيارة الثانية إلى اطلاق النار عليه». وقال الجبوري في حديثه إلى «الحياة» أمس، إن تنظيم «القاعدة» أجرى تغييرات في قياداته في شمال وجنوب العراق، موضحاً أنه «عيَّن نور الدين العفري مسؤولاً عسكرياً في ولاية الشمال، وعبد الستار ابراهيم الحمداني المعروف بأبي ميسر، والياً على جنوب الموصل، وحسين سعود الجبوري والياً شرعياً عليها». ولفت الى ان «القاعدة ركزت أيضاً على ولاية الجنوب ذات الغالبية الشيعية، فعينت والياً عسكرياً معروفاً بتشدده وتطرفه يدعى فرقد الجنابي»، مشيراً الى أن الجنابي «حقق اختراقات كبيرة في محافظات كانت هادئة الى حد كبير». وأكد أن «التغييرات التي أجرتها القاعدة في قياداتها اعطت دماء جديدة للتنظيم». وشهدت زيارة الأربعين (أربعين الحسين) سلسلة تفجيرات استهدفت الزوار الشيعة، ما أسفر عن مقتل 200 شخص واصابة المئات، كان أبرزها استهداف الزوار في محافظتي البصرة وذي قار بهجمات انتحارية. وبعد تصريحات الجبوري، تحامل أنصار تنظيم «القاعدة» على «شبكة حنين» عليه، ووعدوه بأن «يومه بات قريباً» (أ ف ب). وبعد مقتله، أعرب انصار تنظيم «القاعدة» الذين تناولوا الخبر على الموقع ذاته، عن فرحتهم لمقتل الجبوري، وقال احد المشاركين، ويدعى كتان: «فرحت كأنه يوم عيد، وعندما قرأت الخبر صرخت وقلت الله أكبر، حتى جسمي كان يرتجف، وقالوا في البيت ما الذي حدث فشرحت لهم الخبر وما فعله هذا العميل الخائن». وقال مشارك آخر: «بارك الله بالسواعد التي قطفت رأسه».